قنوات التواصل تنشط… و”الح.زب” مطمئن لبقاء سلاحه

  • Jan 7, 2024 - 8:00 am

يبدو واضحاً أن الباب الذي فتحه أمين عام ح.ز.ب الله السيد حسن ن.صر الله حول الفرصة التاريخية التي تتاح للبنان لتحرير أراضيه المحتلة من نقطة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، يتناغم مع المسار الأميركي في المنطقة وتجاه لبنان والذي يريد العمل على تجنب الحرب والتصعيد ويركز على مسألة المفاوضات. في هذه الحسابات، كل طرف لديه وجهة نظره. فبالنسبة إلى ح.ز.ب الله اختصرها نص.ر الله بوضوح عندما قال إن قوة الردع التي لدى الحز.ب منعت الإس.رائيليين من شن حرب على لبنان ودفعت الأميركيين للعمل في سبيل منع التصعيد، هي نفسها القوة التي فرضت شروطها في التفاوض لت.حرير الأراضي المحتلة وانسحاب الإس.رائيليين منها، والتي سيطلق عليها الح.زب إسم التحرير الثاني أو التحرير النهائي والكامل.

أما بالنسبة إلى مصير س.لاح الح.زب، فيبقى خارج النقاش بعد الوصول إلى مسألة الترسيم، لأن الس.لاح ذات طبيعة دفاعية وردعية وستكون وظيفته حماية لبنان وثرواته في المستقبل.

عملياً، الإقتراح الأميركي أصبح معروفاً، ويتصل بتسوية النقاط الـ 13، فيما قد يبقى الجدل قائماً حول نقطة الـ b1 التي لم تحسم في عملية الترسيم البحري، كما أن مسألة مزارع شبعا ستكون بحاجة الى وقت أطول لمعالجتها نظراً لصعوبات إس.رائيلية وبسبب التشابك مع سوريا. ما يرافق هذا الإقتراح هو إعادة عمل شركات التنقيب في البلوك رقم 9 والبلوكين 8 و10. هنا لا بد من الذهاب الى وجهة النظر الأميركية، التي تعتبر أنها بالديبلوماسية قادرة على تحقيق هذه الإنجازات، والتي يريد هوكشتاين أن ينسبها لنفسه، كما أن واشنطن تريد تجنب الحرب الواسعة بين إس.رائيل وح.زب الله. إحدى الأفكار الأميركية تتركز على مسألة أن انسحاب اس.رائيل من الأراضي اللبنانية سينتزع من ح.زب الله أي ذريعة للإحتفاظ بس.لاحه. وبالتالي سيبقى في المخازن من دون استعماله.

اللافت أنه في هذه المعادلة، يبرز التفاوض بين الأميركيين وح.زب الله، خصوصاً أن المعلومات تشير إلى تبادل الرسائل عبر وسطاء. بينما تبدو اسرائيل غائبة عن المشهد، إذ تتركز تصريحات المسؤولين الإسرائيليين على الحاجة الى تحقيق الأمن والإستقرار على الحدود مع لبنان إما بالديبلوماسية أو بالحرب.

جزء واسع في ا.سرائيل لا يريد الحرب وكذلك الولايات المتحدة لا تريدها. ولكن السجالات الداخلية تتوسع أكثر وتزداد الخلافات والانشقاقات على خلفية الموافقة على المقترح الأميركي أو شروط لبنان للترسيم البري، مما يعتبره بعضهم تنازلاً كاملاً من قبل اس.رائيل وهذا سيعني هزيمتها سياسياً.

يدور كل هذا الكلام في حين لا يمكن الجزم بالتوجه الإس.رائيلي، وإذا كانت تل أبيب ستكون مستعدة للوصول إلى هذا الإتفاق، أم أن فيها رأياً يصر فعلاً على الذهاب إلى حرب وفرض الأمر الواقع على الجميع. بالنسبة إلى مصادر ديبلوماسية فإن حكومة نتنياهو لن تكون قادرة على إبرام مثل هذه الإتفاقات، ولا بد من الذهاب الى تشكيل حكومة جديدة.

أما وجهة النظر المقابلة فتعتبر أنه يمكن لحكومة نتنياهو أن تبرم الإتفاق في حال ضغطت واشنطن وفي حال تم تجنّب الحرب، وبعدها يتم تحميلها مسؤولية كل ما جرى سواءً التنازل لصالح لبنان أو انهيار منظومة الردع في عملية ط.وفان الأقصى. سيكون الموقف الإس.رائيلي في غاية الحرج، والإحراج غالباً ما يؤدي في مثل هذه الحالات إلى الجنون، لا سيما أن الإس.رائيليين يعملون على توجيه ضربات كثيرة للح.زب والإي.رانيين من شأنها الإستفزاز لاستدراجهم إلى حرب.

في مقابل الجنون الإس.رائيلي، هناك عقلانية لامتناهية يتصرف وفقها ح.ز.ب الله والإي.رانيون. فهم لا يريدون الإنجرار إلى حرب، وهذا يظهر حجم التحولات على مستوى المنطقة، بما فيها تحولات على الصعيد الإيراني من خلال اتباع سياسة تصفير المشاكل، ترتبط بتغيرات إيرانية داخلية تتصل بالأوضاع السياسية والإقتصادية بالإضافة إلى البحث في مصير مستقبل القيادة الإيرانية. مصلحة ايران في اعتماد العقلانية أو سياسة تصفير المشاكل هدفها المحافظة على المكتسبات الإ.يرانية في المنطقة، لأن اي ح.رب كبرى ستندلع ستؤدي إلى خسارة إيران وحلفائها لكل هذه المكتسبات.

لبنانياً، أي تفاوض حول ترسيم الحدود البرية لا بد له أن يكون مرتبطاً بالمسارات السياسية الأخرى، خصوصاً بسياق انتخاب رئيس للجمهورية والذي ستفرض الظروف أن يكون منسجماً مع المفاوضات لا أن يكون مرشح مواجهة. أما بالنسبة إلى الح.زب، فإن المكتسبات التي سيكون قد حققها بتلك المفاوضات، لا بد أن تقابلها مكتسبات أخرى على المستوى السياسي في الداخل.

منير الربيع – المدن