تخوّف من تدحرج كرة النار في كل الاتجاهات…

  • Jan 4, 2024 - 6:40 pm

إذا كان «حزب الله» قد توعّد بالردّ على اغتيال العاروري، من دون أن يحدّد زمان ومكان الردّ، فإنّ مرجعاً سياسياً مسؤولاً تخوّف مما سمّاه «تدحرج كرة النار في كل الاتجاهات»، وقال لـ«الجمهورية» إنّ «هذا الإغتيال هو بمثابة اعلان حرب، وبدا جلياً أنّ حكومة المتطرفين في اسرائيل تغطي على فشلها في تحقيق اهدافها في حرب الإبادة التي تشنّها على قطاع غزة، بمحاولة إشعال كلّ المنطقة، حيث انّها قبل ايام سعت الى جّر ايران الى حرب، باغتيال المسؤول البارز في الحرس الثوري رضي موسوي، وبالأمس تسعى الى جرّ «حزب الله» الى حرب واسعة باغتيالها العاروري في الضاحية الجنوبية».

كلام المرجع المسؤول يتقاطع مع تقديرات المحلّلين السياسيين والخبراء العسكريين، التي التقت على التأكيد على أنّ اسرائيل تفتعل شرارات حرب كبرى لا تريد فقط أن تورّط «حزب الله» وايران فيها، بل أن تورّط كلّ العالم فيها، حتى اقرب حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية، الذين غطّوا اسرائيل في حربها على غزة و»حماس»، وفي حصر هذه الحرب في القطاع وعدم توسعها الى ساحات اخرى تشعل حرباً شاملة عواقبها كارثية على المنطقة وتهدّد مصالح الدول الكبرى. ومن هنا تأتي الاندفاعة الخارجية المتجددة لاحتواء التصعيد، والتحذيرات الاوروبية الصريحة من الوقوع في الفخ الاسرائيلي. ويندرج في هذا السياق الدخول الفرنسي المباشر على خط التواصل مع لبنان، تحت عنوان ضبط النفس، وايضاً مع تل ابيب والتحذير من الانزلاق الى حرب ضدّ لبنان.

وكان عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بيني غانتس قد اعلن انّه ناقش مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المراحل المستقبلية للحرب في غزة وضرورة بذل جهد دبلوماسي دولي في لبنان. وفي وقت سابق دعا الرئيس الفرنسي إسرائيل إلى «تجنّب أيّ سلوك تصعيدي وبخاصة في لبنان»، مشيراً الى أنّ «فرنسا ستستمرّ في إيصال هذه الرسائل إلى كلّ الجهات الفاعلة المعنيّة بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة».

المخاوف الدولية من الحرب، تقاطعت مع إبراز عملية الاغتيال في الاعلام الاسرائيلي، الذي اشار الى انّ اسرائيل «تستعد للردّ من غزة على اغتيال العاروري، وكذلك من الشمال حيث يتوقع ان يشمل الردّ القوي لـ«حزب الله» اطلاق صواريخ بعيدة المدى»، ، لافتاً الى أنّ «من اتخذ قرار اغتيال العاروري أخذ في الاعتبار أنّه سيكون هناك ردّ، ومستعد لكل الاحتمالات. ردّ محدود أو حرب شاملة».

بالتوازي، مع اعلان الجيش الإسرائيلي استعداده «لكل السيناريوهات» ورفع جاهزية قواته، مضيفاً بأنّ إسرائيل ستواصل محاربة «حماس» وقادتها أينما وجدوا، وهي لن تغيّر سياستها، أبرز الإعلام الاسرائيلي نقاشات داخل المجتمع الاسرائيلي تفيد بأنّ عملية الاغتيال اقرب ما تكون الى محاولة لاستعادة هيبة فقدتها اسرائيل في 7 تشرين الاول. وبرز في هذا السياق ايضاً، ما ورد في صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية من «انّ اغتيال العاروري في بيروت، لعبة مقامرة من قِبل اسرائيل، فـ»حزب الله» سيردّ على العملية إن عاجلاً أو آجلاً». وذهب احد المحللين الى القول «انّ اسرائيل، بنوع من المقامرة تجتذب الحرب مع لبنان، وتقول لاميركا انّها لا تخاف توسيع الحرب حتى من دون وقوفكم الى جانبنا، ومنطقي هنا الافتراض انّ هذه المقامرة شديدة الخطورة وكثيرة العواقب».

وقد استحوذ اغتيال العاروري على اهتمام الصحافة الأجنبية، حيث اعتبرت صحيفة «بوليتيكو» أنّ استهداف العاروري «يمثل تصعيداً خطيراً في الصراع القائم في الشرق الأوسط»، ونقلت صحيفةُ «نيويورك تايمز»، عن مصدرٍ أميركيٍ مسؤول قولَه «إنّ استهدافَ العاروري يمثل العمليةَ الأولى من سلسلةِ عملياتٍ ستنفذُها إسرائيل ضدَّ قادةِ حماس». اضافت، نقلاً عن المسؤولِ الأميركي، «إنّ إسرائيل تخططُ لتنفيذِ سلسلةِ اغتيالاتٍ ضدّ قادة «حماس»، كما توقّع المصدرُ الأميركي أن يؤدي استهداف العاروري إلى عرقلةِ محادثاتِ التوصل إلى اتفاقٍ بشأن وقفٍ قصيرِ الأمد للقتال».

ردّ الحزب؟

تبعاً لذلك، يبقى السؤال الأساس، كيف سيردّ «حزب الله»؟

في قراءة لما حدث، قال مصدر سياسي مسؤول لـ«الجمهورية»: انّ اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية أحرج «حزب الله» الذي لا يسعى الى حرب واسعة مع اسرائيل، ويؤكّد ذلك التزامه بقواعد الاشتباك منذ 8 تشرين الأول الماضي، وحصر مواجهته للعدو ضمن منطقة الحدود الجنوبية، وتجنّبه القيام بأيّ خطوة عسكريّة من شأنها أن تتسبب بخلخلة الوضع الداخلي في لبنان. حيث انّ الاغتيال وضع «حزب الله» امام لحظة اختيار صعب، بين ان يوفي بوعد قطعه امينه العام السيد حسن نصرالله بالردّ على اي اغتيال لشخصية لبنانية او فلسطينية او ايرانية او سورية في لبنان، ويردّ على هذا الاغتيال بما يناسبه، وبين أن يقرّر احتواء الموقف والردّ موضعياً.

وبحسب المصدر، فإنّ «الإحراج الكبير لـ«حزب الله»، حتى ولو كان ملتزماً بالردّ على اي اغتيال، هو انّه لا يسبح في الداخل اللبناني في بحر يغطي اي خطوة يقوم بها، بل انّ المجتمع اللبناني منقسم عمودياً وأفقياً ايضاً بين مؤيّد لعمل «حزب الله» وبين رافض للانخراط في هذه الحرب بعد عملية «7 تشرين» واقتحام حركة «حماس» لمستوطنات غلاف غزة.

وسألت «الجمهورية» مسؤولاً كبيراً حول احتمالات ردّ «حزب الله»، فقال: «في مطلق الاحوال فإنّ ردّ الحزب حتمي، ذلك انّ الحزب لا يستطيع ان يمرّر هذا الاغتيال هكذا بكل بساطة، فله توقيته وتقديره الزمان والمكان الذي سيوجع فيه اسرائيل. الاّ انّ هذا الردّ في اعتقادي سيكون مدروساً ويفوّت الفرصة على اسرائيل في أن تحقق ما تهدف اليه من زعزعة استقرار لبنان».