لبنان امام تحولات كبرى على مستوى النظام

  • May 7, 2021 - 8:39 am

بين التمنيات الفرنسية والوقائع اللبنانية هوّة كبيرة، لن ينجح التوعد بعقوبات على معطلي تشكيل الحكومة او البحث عن تيارات سياسية بديلة عن الطبقة الحالية، في ردمها. والهالة الإعلامية التي أُسبغت على زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية الى بيروت، عبر القول انها ستكون حاسمة ومفصلية، لن تجد صداها على ارض الواقع وفق مصدر سياسي.

لبنان امام تحولات كبرى على مستوى النظام، سيكون تشكيل الحكومة أولى محطاتها. الدور الفرنسي وحده لا يمكن ان يكون عاملا حاسما في هذا الملف. على الرغم من النيات الصادقة والمساعي الجدية لاخراج لبنان من ازماته، ولكن التمنيات شيء والإمكانات شيء آخر. وليس أكيدا ان الفرنسيين سيحصلون على الموافقة السعودية ولا على التسهيل الإيراني او التشجيع الأميركي، وفق المصدر السياسي.

بعد تسعة اشهر على ولادة المبادرة الفرنسية، حضر لودريان الى بيروت بمسعى «أخير» لكسر الجمود وتذليل العقد من المسار الحكومي، واستهل لقاءاته بزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وخرج من اللقاءين من دون الادلاء بأي تصريح.

من جانبه، عرض عون المراحل التي قطعتها عملية تشكيل الحكومة شارحاً المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتقه، مشددا على كلفة الوقت الضائع لإنجاز عملية التشكيل. وجدد عون تأكيد ضرورة إجراء التدقيق المالي، البند الأول من المبادرة الفرنسية، باعتباره امرا أساسيا للنهوض بلبنان واستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي.

وغمز عون من قناة الحريري، اذ شدد على ان هناك أولوية قصوى لتشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة مجلس النواب، مشيراً الى انه سيواصل بذل الجهود للوصول الى نتائج عملية على رغم العوائق الداخلية والخارجية.

من جانبها، قالت مصادر مقربة من الرئيس بري بأن لودريان أكد أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، ومسؤولية تنفيذها تقع على عاتق اللبنانيين من خلال الإسراع في تشكيل الحكومة.

وفي وقت بقي جدول لقاءات الوزير الفرنسي غامضا لناحية شموله الحريري من عدمه، بدا واضحا ان الفرنسيين يولون المجموعات السياسية المعارضة المنضوية في انتفاضة 17 أكتوبر اهتماما خاصا باعتبارها «قوى سياسية بديلة» عن الأحزاب والتيارات التقليدية التي أوصلت لبنان الى حاله اليوم.

وبناء على ذلك، وجهت السفارة الفرنسية في بيروت دعوات إلى مجموعات ناشطة للقاء لودريان، وشملت الدعوات مجموعات مثل لحقي والمرصد الشعبي لمحاربة الفساد وشبكة مدى الشبابية ومجموعات أخرى، إضافة إلى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ورئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض، وممثلين عن «جبهة المعارضة اللبنانية»، التي يفترض أن تطلق قريباً في لبنان.

اعتذار الحريري مجرد رسالة

في الأثناء يستمر الغموض حيال خطوة الحريري المقبلة في حال جرى استثناؤه من لقاءات لودريان.

الوزير السابق وئام وهاب أشار في اتصال مع القبس الى أن «ترويج خيار الاعتذار مجرد رسالة الى وزير الخارجية الفرنسي الذي استثنى الحريري من جدول لقاءاته. وأضاف: لا يملك الحريري اليوم ترف الغنج فالوضع الإقليمي يتغير بسرعة، والتقارب السوري ـــ السعودي سيترك انعكاساته على لبنان والمنطقة كلها. من لا يرصد هذا التحول فسيبقى خارج اللعبة».

وأشار وهاب الى عقدة أساسية تعترض وصول الحريري الى السراي الحكومي، هي فقدان الدعم السعودي. وقال من الواضح أن السعودية لا تريد سعد الحريري رئيساً للحكومة، وبفقدان هذا الدعم يصبح الحريري فعلياً من دون أي حاضنة عربية، ومن الأفضل له الاعتذار من أجل الإفساح أمام تشكيل حكومة تستطيع أن تعالج الأمور إلى حين الانتخابات النيابية بعد سنة.

وفي ظل تشابك الأزمات الاقتصادية والسياسية اعتبر وهاب أن أي رئيس حكومة بحاجة إلى إعادة تحريك الدورة الاقتصادية التي تتطلب بالحد الأدنى 5 مليارات دولار. لو كان باستطاعة الحريري تأمين هذا المبلغ لكان شكَّل الحكومة من دون تردد.

ولكن الأهم من انتظار مفاجأت لودريان هو انتظار رفع الدعم الذي يلوح في الأفق، حسب وهاب. هذا القرار هو الفاصل بين الاستقرار والفوضى. اليوم، لا أحد يجرؤ على اتخاذ مثل هذا القرار، والقوى السياسية تتهرب من هذا الامر، ولكن «اذا ما في مصاري شو بدهن يعملوا»، يختم وهاب.

المصدر: القبس