بين شكاوى أصحاب شقق مغلقة في أحياء راقية لا يتجاوز قيمة إيجارها بضعة جنيهات، ومستأجرين لهذه الشقق يعتمدون على عقود محررة بقانون “الإيجار القديم” تثبت أحقيتهم في التأجير لمدة 59 سنة قابلة للتجديد بنفس القيمة الموضوعة في العقد.
تلك الإشكالية التي تمثل أزمة معقدة تؤرق المجتمع المصري منذ عشرات السنين، ولازالت؛ يبدو أنها ستشهد خلال الفترة المقبلة إنفراجة ما عبر فتح ملف الإيجار القديم (استئجار وحدة سكنية بعقد مفتوح قابل للتوريث، أو بمدة 59 عاماً)، تحت قبة البرلمان خلال الفترة المقبلة.
ويكشف أعضاء بمجلس النواب في أحاديث خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، عن اقتراب فتح ملف الإيجار القديم في البرلمان، داعين إلى ضرورة إجراء تعديل تشريعي على القانون للتصدي كخطوة أولية لـنحو 2 مليون شقة مغلقة.
وفي مطلع أكتوبر الماضي، أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى قانون الإيجار القديم، والذي بموجبه يوجد نحو 2 مليون وحدة سكنية شاغرة .
وقال السيسي خلال كلمته في ختام جلسة المشروعات القومية ضمن فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر “حكاية وطن بين الرؤية والإنجاز”: “مالم يكن هناك قانون حاسم يعالج الوحدة السكنية الشاغرة وإعطائها لأحد ستظل الفكرة غير قابلة للنجاح”.
وطرح الرئيس المصري أهمية قيام مجلس النواب بإعداد قانون متكامل يعالج هذه القضية المهمة، مشيرا إلى أن هناك موضوعات كثيرة، الكلام النظري فيها يختلف عن الواقع تمامًا.
وفي تصريحات مماثلة، قال الرئيس المصري على هامش افتتاحات مشروعات الإسكان الاجتماعي، الجمعة 1 أكتوبر 2021 في مدينة بدر شرق القاهرة: “هناك شققا يتم تأجيرها بجنيهات وتساوي 5 ملايين جنيه، من حق المواطن أن يسكن فيها، ولكن من حق مالكها أن يتمتع أيضا بحقها الأصلي بدون المساس بأحد، من خلال توازن نسبي”.
فتح ملف الإيجارات
وفيما يبدو استجابة للتوجيه الرئاسي بشأن ملف الإيجار القديم، قال رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب، محمد عطية الفيومي، إنه من المنتظر فتح ملف الإيجار القديم خلال الفترة المقبلة.
ونبه الفيومي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إن: “هناك توجيها رئاسيا لمؤسسات الدولة بفتح ملف الإيجار القديم، ونأمل أن يتم ذلك خلال دور الانعقاد الحالي”.
وكشف رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب، عن أن “هناك عددا من مشاريع القوانين المقدمة من النواب إضافة إلى المشروع المنتظر من الحكومة، وسيتم مناقشتها جميعا باستفاضة شديدة من أجل الخروج بقانون متوازن يحقق العدالة اللازمة ومصلحة المواطن”.
وأكد الفيومي أن “فتح الشقق المغلقة منذ عشرات السنين، واستخدامها من جديد، هو هدف اقتصادي مهم في المقام الأول وستحل أزمة كبيرة”.
وأبرز رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن اللجنة بإنتظار مشروع الحكومة، وفور وصوله سيتم عقد حوارا مجتمعيا واسعا يشمل ممثلين للملاك، والمستأجرين، إضافة إلى القانونيين ورجال الصحافة والإعلام.
تحرير الوحدات
وضمن حلول تدريجية لأزمة الإيجار القديم، دعا النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، الحكومة إلى سرعة إعداد مشروع قانون لتعديل الإيجار القديم، مع التأكيد على ضرورة البدء بإرسال تعديل تشريعي يرتبط بالوحدات المغلقة، وعودتها لأصحابهم للاستفادة منها.
ورأى أن “هناك ضرورة لتحرير الوحدات المغلقة فورا، وإعادتها لأصحابها، حيث إن تلك الوحدات تشكل نسبة كبيرة من الشقق الخاضعة لنظام قانون الإيجار القديم”.
وأوضح : تحرير الشقق المغلقة من 20 أو 30 عاما قد يحمل إنفراجة جزئية لأزمة الإيجار القديم، حيث إن المستأجر لا يستفيد من الشقة ولم يعد في حاجة إليها، فيما يفقد المالك حقوقه ويحصل على مقابل ضئيل كقيمة إيجارية غير متناسبة مع القيمة السوقية.
وأضاف “لابد من العمل على فك العلاقة في حالة الشقق المغلقة لسنوات طويلة. وأعلم مستأجرون يعيشون في الخارج، ويدفعون قيمة إيجارية لا تتجاوز 3 جنيهات فقط في الشهر، دون أن يستفيد أحد من هذه الشقق”.
ويتحدث رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عن مزايا تحرير الشقق المغلقة، وعددها يقدر بنحو 2 مليون وحدة، قائلا:
يسمح ذلك بالاستفادة من ثروة عقارية غير مستغلة، حيث أن الوحدات المغلقة تقدر قيمتها بتريليون جنيه على نحو تقريبي.
فرصة أيضا لتحجيم الزيادات في أسعار الشقق، فكلما زاد المعروض بنزول المليون وحدة للسوق سوف تقل أسعار الوحدات، وهو ما يسهم في السيطرة على سوق العقارات.
خطوط عريضة للإيجارات
وبدوره، أعرب النائب عمرو درويش أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، في حديث لــ”سكاي نيوز عربية”، عن أمنيته أن يتم فتح ملف الإيجار القديم قريبا حتى يتحقق الاستقرار اللازم.
وينبه درويش إلى أن لجان مجلس النواب المعنية عقدت خلال دور الانعقاد الماضي أكثر من اجتماع؛ لمناقشة فلسفة تعديل قانون الايجارات، حيث دار الحديث عن القيمة الإيجارية، والوضع القائم والعقود منذ فترة زمنية طويلة، ونظراً للأحداث والظروف والتحديات التي مرت بها مصر والمنطقة، توقف الحديث عن هذا الموضوع تماما.
وفي أثناء المناقشات السابقة، والحديث لدرويش، اتضحت خطوطا عريضة بشأن أزمة الإيجار القديم، إن الوضع القائم يشير إلى أن القيمة الإيجارية لبعض العقارات متدنية جدا، وهناك بعض العقارات مغلقة منذ سنوات، وأخرى جرى تغيير استخدامها، وتحولت من شقق سكنية إلى مخازن أو محلات، وهذه التغيرات أضرت بأصحاب العقارات أو الملاك.
ويلفت إلى أن “النقاشات الدائرة حول إيجاد حلول وسط، والبحث في كيفية الحفاظ على حقوق المؤجر، وفي نفس الوقت لا نغفل أحكام المحكمة الدستورية ولا يتم تجاوزها.
ويضيف : “النواب بإنتظار مشروع القانون الذي سيتم تقديمه من الحكومة، وأعضاء بالمجلس”.
ويؤكد درويش على أن أعضاء المجلس سيعملون على الخروج بمشروع قانون يتفق مع الدستور والقانون، ويحقق مصالح الطرفين المالك والمستأجر”، مشددا هنا إلى أنه لا صحة لما تردد عن طرد المواطنين من الشقق التي يقيمون بها، وأيضا عدم نزع المالك من حقه.
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القانون رقم 10 لسنة 2022 في 9 مارس 2022، بشأن إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية “الشركات والمؤسسات والهيئات” لغير غرض السكنى.
وتسري أحكام القانون على الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض سكني، ويهدف إلى منحهم مهلة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون لتوفيق أوضاعها، نظراً للتداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار وباء فيروس كورونا، وبعد هذه المدة يتم إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض سكني