فرنسا تدعو روسيا للتوقف عن “الابتزاز” باتفاق الحبوب

  • Jul 17, 2023 - 7:23 pm

في سوق شعبي في مدينة صيدا في جنوب لبنان، يتناوب الزبائن على الدخول إلى محل أحمد البزري لتجديد أحذيتهم القديمة… ويمتهن هذا الإسكافي حرفة انتعشت على غرار مهن أخرى بفعل الانهيار الاقتصادي المتمادي بعدما كانت مهددة بالاندثار.

ويقول البزري، 48 عاماً، بينما ينهمك مع عاملين اثنين آخرين في تلبية طلبات الزبائن، لوكالة فرانس برس “انتعشت مهنتنا خلال الأزمة وبات الناس يفضلون تصليح الأحذية خصوصاً في ظل الغلاء”.

ويضيف الرجل الذي تعلّم المهنة من والده “يفضّل الفرد أن يدفع 500 أو 600 ألف أو حتى مليون ليرة، أي 11 دولاراً، على أن يشتري حذاء جديداً”.

ويشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم. وقد خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 98 في المئة من قيمتها على وقع قيود مصرفية مشدّدة وأزمة سيولة حادة.

وعلى وقع الأزمة، بات غالبية السكان يعيشون تحت خط الفقر، مع فقدان قدرتهم الشرائية، ما جعلهم عاجزين حتى عن توفير احتياجاتهم الرئيسية.

وبات شراء حذاء جديد أو ثياب جديدة من الكماليات في بلد تلامس فيه نسبة البطالة عتبة الثلاثين في المئة ولا يتجاوز الحد الأدنى للأجور المئة دولار.

وانتعشت جراء ذلك مهن وحرف كانت مهددة بالاندثار، على غرار الإسكافي والخيّاط والمنجّد، مع ارتفاع الطلب على خدماتهم.

رغم ازدياد الطلب على خدمات الإسكافي، لا يعني ذلك بالضرورة أن مدخوله ارتفع، مقارنة مع ما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية.

في محل متواضع وضيّق لا تتجاوز مساحته مترين مربعين في المدينة الساحلية، يستقبل الإسكافي وليد السوري، 58 عاماً، زبائنه عند الباب.

ويقول السوري لوكالة فرانس برس “صحيح أن عملنا ازداد، لكن لم يعد للعملة قيمة”.

ويجدّد الرجل الذي يعيل أسرة من ثلاثة أفراد قرابة عشرين حذاء في اليوم، ما يوفر له مدخولاً بقيمة مليون ليرة أو 11 دولاراً كمعدل وسطي، الأمر الّذي بالكاد يكفيه لتوفير احتياجات بسيطة ودفع الفواتير.

وعلى وقع انهيار العملة المتسارع ودولرة اقتصاد نقدي قدّره البنك الدولي بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، مع معدل تضخم من الأعلى في العالم (171,2 في المئة عام 2022)، تآكلت المداخيل بالليرة بسرعة، ما انعكس سلباً على قدرات المواطنين الشرائية.

وفي السياق عينه، يعمل مؤذن، 67 عاماً، في مصلحة الخياطة منذ أكثر من أربعين عاماً. ويستقبل بين خمسين الى سبعين زبوناً يومياً في محله المؤلف من طبقتين تتكوّم داخلهما عشرات الأكياس المليئة بالثياب القديمة.

ويوضح “كان الفرد يشتري بنطالاً يلبسه ثم يرميه. اليوم بات يعطيه لشقيقه أو قريبه”.

ويقول “سابقاً، كانت كلفة تقصير بنطال ثلاثة آلاف ليرة أي ما يعادل دولارين، أما اليوم فحين نطلب مئة ألف من الزبون، أي نحو دولار، يجد الكلفة مرتفعة كونه ينال راتبه بالليرة”.

على بعد عشرات الأمتار، ينهمك مصطفى القاضي، 67 عاماً، في تجديد غطاء سرير، ويتذمّر من نوعية القماش المستخدمة وغير الملائمة للأغطية.

ويشرح الرجل الذي ورث المهنة أباً عن جد بينما تحيط به فرش ووسائد ملونة “الظرف الذي نعيشه استثنائي. ثمة أكثرية تفتّق اللحاف وتغسل القماش وتعيد تنجيد القطن، وآخرون يبحثون عن الأقل ثمناً”.

ويوضح “غالبية الناس ترقّع.. نتمنى زوال هذا الوضع لأننا مخنوقون”.