يحضر لبنان في صلب الاهتمامات البابوية. امس، أعربَ البابا فرنسيس عن أمله بخلاص لبنان من أزماته، وذلك خلال كلمته في البركة الرسولية لمدينة روما والعالم من بازيليك القديس بطرس، بمناسبة عيد الفصح. وقال البابا أمام عشرات الآلاف من المؤمنين خلال القداس الإلهي في الفاتيكان “ساعد يا رب لبنان الذي ما زال يبحث عن الإستقرار والوحدة حتى يتجاوز الإنقسامات، فيعمل جميع من فيه معاً من أجل الخير العام للبلد”. كما أعرب البابا فرنسيس عن قلقه الشديد من دوامة العنف في الشرق الأوسط، داعياً الدول إلى التهدئة والهدوء والسلام.
الى صلاة الحبر الاعظم من اجل لبنان، كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يواصل في الداخل، ضعوطَه لتحقيق خرق رئاسي. فبعد خلوة بيت عنيا التي حاول من خلالها تحريك ضمائر ووجدان النواب علّه ينفع اكثر من الحلول السياسية المفقودة، عاد امس الى حثهم على الاضطلاع بمسؤولياتهم. فقال في عظة عيد الفصح: كل مسؤول في الكنيسة والدولة والمجتمع والعائلة لا يعيش “قيامة القلب” يغرق في عتيق أنانيته، ومصالحه الصغيرة، وينغلق قلبه عن الحب والعطاء والغفران، ويظل أسير كبريائه ونزواته؛ ويحفر هوة عميقة بينه وبين من هم في إطار مسؤوليته، ويفقد بالتالي ثقة من هم في دائرة مسؤوليته. معلوم أن الثقة هي مصدر قوته. الثقة مصدر قوة الحاكم”.
وتابع “مثل هذا الرئيس يحتاجه اللبنانيون لجمهوريتهم، لكي يستطيع أن يقود مسيرة النهوض من الإنهيار على كل صعيد. والثقة في شخصه لا تأتي بين ليلة وضحاها، ولا يكتسبها بالوعود والشروط المملاة عليه، ولا بالنجاح في الإمتحانات التي يجريها معه أصحاب النفوذ داخلياً وخارجياً. أما الشخص المتمتع بالثقة الداخلية والخارجية فهو الذي أكسبته إياها أعماله ومواقفه وإنجازاته بعيداً عن الإستحقاق الرئاسي. فابحثوا أيها النواب وكتلكم عن مثل هذا الشخص وانتخبوه سريعاً، واخرجوا من الحيرة وانتظار كلمة السر، وكفوا عن هدم الدولة مؤسساتياً واقتصادياً ومالياً، وعن إفقار الشعب وإذلاله، وعن ترك أرض الوطن سائبة لكل طارئ إليها وعابث بأمنها وسيادتها. واخلعوا عنكم “صفة القاصرين والفاشلين”.
لكن حتى الساعة، تقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية”، لا يبدو ان الصلوات او الخلوات الروحية او الاتصالات السياسية المحلية والدولية، قادرة على إخراج البلاد من نفق الشغور. وبحسب المصادر، أتت صواريخ الجنوب لتزيد المشهد تعقيدا، اذ انها ضاعفت الاسئلة في شأن موقع لبنان وحصته مِن التسويات الاقليمية عموما و”تفاهم بكين” خصوصا، كما زادت الفريق السيادي تمسكا بمطلب انتخاب رئيسٍ يرفض منطق “وحدة الساحات الممانِعة” والسلاح المتفلت تحت ذريعة “المقاومة”… لكن من غير المستبعد ان يكون هذا الاستعصاء مدخلا الى الحل الذي طال انتظاره وذلك تحت شعار “اشتدي يا أزمة تنفرجي”…