تجّار بيروت: خطة التعافي عنوان لنحر المودعين والمصارف والإقتصاد

  • Apr 25, 2022 - 6:14 pm

صدر عن جمعية تجار بيروت ما يبلي:

يهمّ جمعية تجار بيروت أن تؤكد على موقفها المعروف والمـُـعلن من خطة التعافي الحكومية، وذلك تعقيباً على البيان الذي أصدرته جمعية مصارف لبنان، حيث وصفت خطة التعافي المالية بـ”الكارثية والمخالفة للدستور اللبناني”.
وقد سبق لجمعية تجار بيروت أن إعتبرت أن مسؤولية الإنهيار المالي، وبإعتراف الجميع، تقع على عاتق الدولة، والمصرف المركزي، والمصارف، على التوالي.
لكن الصدمة الكبيرة أتت عندما قلبت الحكومة هذه التراتبية المسلـّـم بها نهائياً، رأساً على عقب، فبرّأت ساحة الدولة والمصرف المركزي من مسؤولياتهما المالية الجسيمة على نحو شبه كلـّـي، بينما حمـّلت المودعين والمصارف فاتورة قدرها 60 مليار دولار، محوّلة بذلك، وبشطبة قلم، مطلوبات الدولة ودينها المتراكم الى خسائر فادحة يتكبـّـدها المجتمع والإقتصاد اللبنانيان.
وهذا العطب البنيوي بالذات، والذي كان في صلب خطـّـة الرئيس حسـّـان دياب، هو الذي جعلنا نرفضها في الأساس، مع التأكيد أن الظروف المالية والإقتصادية والإجتماعية السائدة في حينه كانت أقل خطورة بكثير ممـّـا هي عليه اليوم.
والأنكى بعد هو أن الخطة أدخلت تمييزاً مجحفاً بين الوديعة الصغيرة والوديعة الكبيرة، متجاهلة أن للوديعة المصرفية طابعاً مقدّساً حيث يكفلها الدستور كما وسائر مكوّنات الملكية الخاصة، وأن الحقوق الدستورية لا تتجزّأ، ولا تـُـصنـَّـف، ولا تـُـحدَّد، بل هي مـُـطلقة.
وللتنويه، فإن الحسابات المصرفية تحتوي على مدّخرات عدّة أجيال من لبنانيي الداخل والإغتراب، وودائع الأخوان العرب، فضلاً عن صناديق تقاعد وتعاضد المهن الحرة والمؤسسات الإجتماعية والتربوية والصحية، بالإضافة الى حسابات شركات التأمين التى تغطـّـي ألوف مؤلـّـفة من المودعين والمضمونين الصغار.
أخيراً وليس آخراً، تضمّ تلك الودائع كافة الأموال التى إدّخرتها المؤسسات الإقتصادية، التجارية منها والسياحية والصناعية والزراعية إلخ… منذ عقود طويلة، لغرض الإستمراريةوالتوسـّـع والإستثمار والتشغيل والتوظيف، كما ولتكوين الإحتياطات والمؤونات.
وعليه، فيرى القطاع التجاري نفسه معنياً بالدرجة الأولى إذا ما تمّ وضع اليد، جزئياً أو كلياً، مباشرةً أو مداورةً، تحت أي ذريعة أو مسمـّـى، على الحسابات والودائع الآنفة الذكر.
فهذا ما قد يؤدّي لا سمح الله الى سحق جنى عمر التجار وسواهم من المواطنين، والقضاء على الأرزاق والأملاك، وخطف المستقبل، وإطلاق حكم الإعدام على ما تبقـّـى من مؤسسات.
وإن قمـّـة الظلم تتجلـّـى عندما يـُـدرك المرء أن المبالغ المكوِّنة للـ”فجوة المالية” الضخمة قد بُدّدت، ولا تزال، على يد الدولة، على : تثبيت سعر الصرف، وفرق الفوائد، ومشتريات الدولة، ودعم السلع الإستهلاكية. فكيف يجوز تحميل المواطن أوزار الأخطاء الثابتة التى إرتكبتها الدولة ؟
وجلّ ما تطالب به جمعية تجار بيروت هو ضرورة أن تعترف الدولة، كشخصية معنوية، بمسؤوليتها الأساسية والأكيدة في تكوين الفجوة المالية الضخمة، وأن تلتزم في تقديم المساهمة المالية الأكبر في ردمها، وذلك من خلال إنشاء صندوق سيادي تـُستثمر أصوله، دون أن تُباع، لهذه الغاية. وهذا جوهر المقاربة الإنقاذية التى نبتغيها، خلافاً للطروحات التصفويّة التى تحاول الحكومة أن تفرضها عنوةً على اللبنانيين.
وإن خريطة الطريق هذه هي السبيل الوحيد لإستعادة الثقة بلبنان، ولتفادي توجيه ضربة قاضية للمودعين والنظام المصرفي والإقتصاد الوطني وموقع لبنان الإقليمي على حدّ سواء.