هل يربط نصرالله التشكيل بمفاوضات فيينا؟

  • May 29, 2021 - 9:45 am

اعتبرت مصادر أوروبية في بيروت ان من الضروري أن يترجم أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، أقواله إلى أفعال بدعوته للاستعانة برئيس المجلس النيابي نبيه بري في حال تعذّر على رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري، الاتفاق على تذليل العقبات التي ما زالت تَحول دون تشكيلها، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن هناك فرصة أخيرة لإخراج عملية التأليف من التأزّم لأنه لا مصلحة للبنان في الانتظار إلى حين جلاء مصير المفاوضات الجارية في المنطقة، بدءاً بتلك المتعلقة بالملف النووي بين الولايات المتحدة وإيران برعاية أوروبية في فيينا.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن لبنان بات في حاجة إلى مساعدات عاجلة لن تتأمّن له ما لم تشكّل حكومة مهمة محصّنة برزمة من الإصلاحات التي كان قد حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خريطة الطريق التي رسمها للعبور به من التأزّم غير المسبوق إلى الانفراج، ورأت أن هذه المساعدات تؤمّن له الانتظار المريح وإلا فإنه ذاهب إلى السقوط حتماً.
وأكدت أن لبنان لم يعد يحتمل ربط إخراجه من التأزم بمسار المفاوضات الجارية في فيينا أو بالحوار الذي لا يزال في بدايته بين أطراف في المنطقة، وقالت إن استعداد نصر الله لمساعدة بري في مسعاه لإنقاذ تأليف الحكومة من التخبط الذي يعرقل ولادتها لا يأتي في سياق إصراره على تبرئة ذمة «حزب الله» من التعطيل، وإنما هو تتويج للتواصل القائم بين الحزب والقيادة الإيرانية التي يتردد أنها أعطت الضوء الأخضر لحليفه ليكون طرفاً في إخراج تأليفها من المراوحة.

وتتوقع هذه المصادر ألا يصب الانفتاح الذي أبداه نصر الله في خانة رمي مسؤولية التعطيل على الآخرين أو التلطي وراء عون ووريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بذريعة أن الحزب يقف إلى جانب الإسراع بتشكيل الحكومة لكنه يراعي حليفيه بعدم الضغط عليهما تاركاً لهما إمكانية تحسين شروطهما في التسوية السياسية.
وتكشف أن المجموعة الأوروبية وعلى رأسها فرنسا صاحبة المبادرة الوحيدة لإنقاذ لبنان تدقّق فيما توافر لديها من معلومات أولية تتحدث عن تحوّل في الموقف الإيراني باتجاه عدم ربط تشكيل الحكومة وتعليقها على لائحة الانتظار ليكون في وسع طهران توظيفها في تحسين شروطها في مفاوضات الملف النووي.

وفي هذا السياق يقول مصدر بارز يواكب الاتصالات الجارية لتهيئة الأجواء أمام اللقاء المرتقب بين الحريري وبري ليكون في وسع الأخير أن يبني على الشيء مقتضاه، وصولاً إلى اتخاذ قراره النهائي بإعادة تشغيل محركاته، إن نصر الله بات على قناعة بأن أزمة تشكيل الحكومة داخلية بامتياز، وهذا يعني عدم التلازم بين مسار تأليفها والآخر المتعلق بمفاوضات فيينا. ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن بري يرهن تحركه بخلاصة ما سيسمعه من الحريري الذي يُبدي مرونة وانفتاحاً على المبادرة التي كان طرحها رئيس المجلس والتي تنسجم كلياً مع المبادرة الفرنسية وتشكل نقطة التقاء مع الرئيس المكلف، ويقول إن الأخير لا يمانع من حيث المبدأ بزيادة عدد الوزراء من 18 إلى 24 وزيراً، لكنه يربط موافقته النهائية بحصوله على ضمانات من عون لئلا يصر على أخذ ما يريده بالمفرّق من دون أن يقدّم التسهيلات المطلوبة منه. ويعتقد المصدر نفسه أن بري ينتظر ما سيتوصل إليه مع الحريري ليبادر إلى اتخاذ قراره بتسويق مبادرته بدعم من نصر الله الذي لا يفرّط بعلاقته مع حليفه الاستراتيجي ويستخدمها للمناورة لما يترتب عليها من مفاعيل سلبية لن تكون لمصلحة التحالف بين الثنائي الشيعي، ويقول إن موقفه لم يأتِ من فراغ بهدف توظيفه للاستهلاك المحلي، وإنما يعبّر في المضمون عن رغبة إيران بفك الارتباط بين تشكيل الحكومة ومفاوضات فيينا.

ويعزو السبب إلى أن «حزب الله» لا يستطيع التلطي لتعطيل الحكومة وراء عون وباسيل لأن المجتمع الدولي لا يأخذ بهذه الذريعة باعتبار أن الحزب قادر على إحداث نقلة نوعية في تعاطيه مع تشكيل الحكومة لأن البديل مزيد من السقوط للبلد الذي سيرتّب على قواه السياسية أعباء مكلفة ليست قادرة على تحملها، خصوصاً أن الحاضنة الشيعية للحزب لن تكون في منأى عنها، وأن التقديمات التي أمّنها لجمهوره تسد احتياجاتهم لبعض الوقت وليس إلى الأبد، وبالتالي فإن احتفاظه بفائض القوة لن يُصرف في مكان إلا إذا انخرط في جهود وقف تعطيل تشكيل الحكومة.

وعليه، فإن بديل التعطيل لن يكون إلا في إغراق البلد في فوضى لا يمكن لأي طرف السيطرة عليها لمنع تمددها باتجاه أخذه إلى المجهول، وبالتالي فإن الآمال المعقودة على نقل البلد إلى مرحلة الانفراج تبقى تفتقر إلى الوقائع، وهذا ما يتوقف على لقاء بري – الحريري لعله يتمكن من تحقيق الحد الأدنى من المساكنة القسرية بين الأخير وعون، هذا في حال أن «حزب الله» تجاوز مراعاته لعون – باسيل دعماً لمبادرة بري لوقف تعطيل تشكيل الحكومة لأنه لن يكون من رابح في تعطيلها والجميع متساوون في الخسارة وإن كان لـ«حزب الله» الحصة الكبرى فيها.

محمد شقير – الشرق الأوسط