أثار البيان الصادر عن وزارة الخارجيّة الروسيّة حول اجتماع الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا، نائب وزير الخارجيّة ميخائيل بوغدانوف بجورج شعبان المبعوث الخاصّ للرئيس سعد الحريري الى روسيا التساؤلات حول إمكانية عودته الى العمل السياسي، خاصة وان البيان أكد ان “شعبان عرض خلال اللقاء رؤية الحريري وتصوّره إزاء تطوّر الأحداث في لبنان ولا سيما مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية”. فهل يعود الحريري عن اعتكافه؟
مصادر مقربة من الرئيس الحريري تؤكد لـ”المركزية” ان هناك أجواء جديدة على صعيد المنطقة، تنعكس ايجابا على موضوع عودة الحريري، لكن في النهاية الخيار يعود اليه. كما ان الطائفة السنّية، بعد غياب سنتين، لم تتمكن من ايجاد زعيم يوحّدها، ورغم كل المحاولات من كل الشخصيات لم يجدوا زعيماً بديلاً للسنّة. واشارت الى ان المنطقة مقبلة على تسويات كبرى بعد حرب غزة ستطال لبنان أيضاً، وفي حال لم يكن للسنّة زعيمهم وموجودا على الأرض كي يفاوض، لن يكون لها دور أبداً.
وتعتبر المصادر ان غياب الحريري رمز الاعتدال، جعل جزءا كبيرا من أبناء الطائفة السنّية يذهب باتجاه التطرّف، بعدما استغلت بعض الأطراف غيابه، للسيطرة على الطائفة وجرّها الى حيث تريد، وظهر ذلك من خلال الكتائب التي بدأت تتشكل، الأمر الذي أزعج أفرقاء عدة في المنطقة ولبنان، وأصبح هناك تخوّف من توجّه الطائفة باتجاه التطرف أكثر.
وتؤكد المصادر ان الحريري فهم، بعد الأحداث التي حصلت خاصة مع أمل شعبان، أن البعض استغل غيابه عن الساحة للمسّ بجماعته، خاصة نظيفي الكفّ منهم، وهذا الامر أيضا لعب دوراً، ولذلك سيعود ليقترب بشكل أساسي من جماهيره وتياره وشعبيته. هذه هي الخطة الاساسية. اما بالنسبة الى السياسة، فتؤكد المصادر ان الحريري صحيح اعتكف في لبنان، لكن التواصل لم ينقطع أبداً مع المسؤولين على الصعيد الاقليمي والدولي، خاصة مع روسيا، ودائما ما يتم تقديم وجهة نظرنا للروس حيال تطورات الامور في المنطقة عامة ولبنان خاصة.
وتشير المصادر الى ان الحريري يتخوف من عملية توسع الحرب، وهذا ما تم التأكيد عليه مع روسيا التي بدورها تسعى لعدم توسيع الحرب في المنطقة وخاصة في لبنان وسوريا. فهي مهتمة بهذين البلدين، ونحن أيضاً، لأن لبنان يتأثر بأحداث سوريا. ولذلك تتابع موسكو اتصالاتها مع ايران واسرائيل ودول المنطقة لعدم توسيع الحرب، وهذا ما نراهن .
وتكشف المصادر ان روسيا حريصة على عودة الحريري منذ زمن. ففي كل الاجتماعات، ومنذ ان اعتكف لا تنفك تؤكد ضرورة عودته، لأنها تعتبر ان دوره اساسي في لبنان ويمكنه خلق توازن على الساحة اللبنانية، وقادر على الجمع وإقامة مبادرات، وتاريخه شاهد على ذلك.
وبما ان الطائفة السنّية اليوم من دون زعيم، فهي ترحِّب بعودة الحريري وستطالبه بالبقاء قريباً منها، والخطوة الاولى ستكون في 14 شباط في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث سيكون الحريري قريبا من جماهيره، أكثر من السياسيين، لأن في السياسة يجب انتظار التطورات في المنطقة واتجاه الاوضاع، والتي على ما يبدو تتجه نحو تسوية كبيرة بعد حرب غزة. ولذلك، قرر الحريري التواصل مع جماهيره وطائفته لفترة أطول وعدم الابتعاد لفترات طويلة.
أما بالنسبة لرئاسة الجمهورية، فتعتبر روسيا، بحسب المصادر، ان هذا الملف يجب ان يتم حلّه من خلال سلّة متكاملة، ويجب الحوار بين اللبنانيين انفسهم للوصول الى نتيجة وان التدخل الخارجي لا يعطي نتيجة، بل النتيجة تكون من خلال التشاور بين اللبنانيين حول طاولة والتفاهم حول كل الامور على سلة متكاملة تشمل رئاستي الجمهورية والحكومة والاركان والبنك المركزي والوزارات والتوجه لحل الامور العالقة كلها.
لأول مرة يتطرق البيان الروسي للموضوع بهذا الشكل ، وهذه عبرة، ثمة أجواء جديدة في المنطقة ولبنان، واخصام الحريري قبل أصدقائه يطالبون بعودته لانهم قدّروا جميعهم كم كان غيابه مكلفا على البلد. كما ان الدول المهتمة بلبنان لم تجد بديلا له كزعيم للطائفة السنّية. بعد سنتين من الغياب أثبت أنه الزعيم الأوحد على صعيد لبنان وطائفته، تختم المصادر.