لبنان في “عين الخطر”!

  • Jan 5, 2024 - 7:14 am

لمنطقة برمّتها كأنها في «حر.ب مشاغَلةٍ» متبادَلة ومتعدّدة الساحة ارتفعتْ معها فرصُ الانزلاقِ نحو حر.بٍ إقليمية كأنها واقعة غداً… وربما لن تقع أبداً.

هكذا وصفتْ أوساطٌ واسعة الاطلاع في بيروت المشهدَ الذي يزدادُ سخونةً على امتدادِ ساحاتِ «محورِ الممانعة» التي ارتسمَ بينها في الأيام العشرة الأخيرة مسارُ وحدةٍ من نوع آخر عبّر عنها ارتدادُ «فتائل التف.جير» التي أشعلتْها تباعاً إلى داخلها، بحيث انتقلت كلّ هذه الساحات ودفعة واحدة وللمرة الأولى منذ «طو.فان الأ.قصى» إلى وضعيةٍ دفاعيةٍ بدا معها أن ما أرادتْه «درعاً رادعاً»، ولو بالحدّ الأدنى، لاسر.ائيل عن الاستفراد بغ.ز.ة، تحوّل صاعقاً التفّ حول المحور الذي تقوده إيران والذي بات يتعاطى مع وقائع غير مسبوقة في ظلّ تبديل خصومه وأعدائه «قواعد اللعب» معه و«استعارة» بعضٍ من تكتيكاته التي جعلتْه لفترة طويلة في وضعية win- win situation.

ولم يكن عابراً التصعيدُ التصاعدي في ضرْب كل من اسر.ائيل والولايات المتحدة في عمق محور الممانعة الذي لفّ ساحاته كلها منذ 25 كانون الأول الماضي خصوصاً «قوس نار» ودخانٍ بدا مدجَّجاً بالرسائل بأن عدمَ الرغبةِ في التورط بحر.بٍ شاملة لا يعني تساهلاً في ترْك طهر.ان تفرض وقائعَ في الميدان تعدّل في «الميزان» في الطريق إلى مرحلةِ تسوياتٍ يُعتقد أنها ستكون «متعددة الرأس» وتشمل أكثر من جبهةٍ اشتعلتْ بعد 7 أكتوبر أو ظهّرت مخاطر كبيرة ذات طابع جيو – استراتيجي.

ولم ينفكّ «الأحمر» يضيء تدريجاً اللوحة البالغة التعقيد في المنطقة… من اغتيا.ل اسر.ائيل القيا.دي في الحر.س الثو.ري الإير.اني ر.ضي مو.سوي في دمشق، مروراً بإغراق مروحيات أميركية 3 زوارق تابعة للحوثيين مع طواقمها جنو.ب البحر الأحمر، و«اصطياد» تل ابيب «مهندس وحدة الساحات وطو.فان الأ.قصى» الرجل القوي في «حما.س» صالح العار.وري في قلب الضاحية الجنو.بية لبيروت معقل حز.ب ال.له، وصولاً إلى التف.جير الدمو.ي المزدوج في كرمان قرب ضريح الجنرال قا.سم سليما.ني والذي وجّهت طهران أصابع الاتهام فيه لاسر.ائيل، وليس انتهاءً بالضربة الموجعة التي سددتها واشنطن أمس (في بغداد) لحركة النجبا.ء، أحد أبرز فصائل «الحشد الشعبي» في العراق وأدّت إلى مق.تل معاون قائد عمليات حزام بغداد مشتاق طا.لب السعيد.ي (الملقب بـ أبو تقوى) ومرافقه وذلك رداً على العمليات التي تستهد.ف قواعد أميركية في كل من بلاد الرافدين وسورية.

ومن خلف كل هذه «التوترات النقّالة» التي كادت أن تحجب غبار الحر.ب المستعرة في غز.ة ومحاولات تل أبيب «وأد» أي حل سياسي للقطاع الذي تضعه أمام معادلة إما أن «يُدفن حياً» بمَن فيه وإما التهجير إلى «وطن بديل»، ترى الأوساط المطلعة نفسها أن «المثلث» الرئيسي المعني بالمواجهات المتمددة، أي الولايات المتحدة ومعها اسرا.ئيل، رغم التباينات بين الطرفين، وإيران يعرف كل منهم نقاط قوة وضعف الآخر وبات يلعب عليها و«على المكشوف»، خصوصاً واشنطن وتل أبيب اللتين بدّلتا تكتيك المواجهة تحت عنوان «لا تسيئوا التقدير أو الحساب».

وفي رأي الأوساط أن هناك ثوابت كانت ارتسمت منذ بداية «طو.فان الأ.قصى» وتَرَسَّخَ قسم آخر منها في الفترة الأخيرة، وقوامه أن الولايات المتحدة لا تريد حر.باً واسعة، وأن إيران لا ترغب في مواجهة مباشرة مع أميركا ولا في أن تضع نفسها «تحت المقصلة نفسها» مع «حما.س»، وأن تل أبيب تفضّل حلولاً «على البارد» مع «حز.ب الله» ومن خلفه إير.ان في ما خص جبهتها الشمالية مع إظهار جهوزية لفتْح حر.بٍ شاملة.

واعتبرت الأوساط أنه بعدما بدت ساحات المشاغَلة متروكة لمحور «الممانعة» في كل من لبنان والعراق وسورية واليمن، بدأت الولايات المتحدة واسرا.ئيل، كلٌّ لاعتباراته التي تتقاطع وتتباعد في الوقت نفسه، باستثمار قرار طهر.ان باعتماد «الصبر الاستراتيجي» وعدم الانجرار إلى صِدام مع واشنطن أو الالتحاق بـ «المحرقة» في غزة وكشْفها ومعها «حز.ب الله» أن اسرا.ئيل تسعى لتوريطهما في الحر.ب عبر استفزازات ذات طبيعة أمنية أو عسكرية، وذلك بزيادة ما يمكن وصفه بـ «ضربات تحت الحزام»، إما تُخْرِج إير.ان أو الحز.ب عن طورهما فيقعان «في الفخ» وإما «يتجرعان السمّ» تدريجاً فتتآكل قوة ردعهما وتُسجَّل في مرماهما نقاطاً ثمينة.

ومن هنا يمكن تفسير استهد.اف موسوي في دمشق، ثم العار.وري في الضا.حية الجنو.بية، وصولاً إلى مذبحة كرمان وفق الاتهامات الإير.انية والتي وضعت طهران نفسها أمام امتحان كيفية إدارة التجرؤ عليها في عقر دارها، في حين جاءت الاندفاعة الأميركية المزدوجة بوجه ذراعيْ طهران في اليمن والعراق في سياق تأكيد أن «للعب حدوداً»، ما يطرح السؤال الكبير؟ هل تعلن إيران «أن للصبر حدوداً»؟

الجواب عن هذا السؤال بدا صعباً وفق الأوساط نفسها، رغم الاقتناع بأن الحر.ب الكبرى ما زالت تحول دونها واقعية إيرا.نية وثبات أميركي على رفْض تشظي الصراع إلى مواجهة إقليمية واسعة، رغم الخشية الدائمة من أن أي سوء حساب قد يجرّ إلى الانفجا.ر أو أي «سوء نية» اسر.ائيلية بافتعال حدَثٍ من النوع الذي لا يعود ممكناً إدارة الظهر له أو التحكّم برد الفعل عليه.

واعتُبرت مواقف الأ.مين العام لـ «حز.ب ا.لله» السيد حس.ن نص.رال.له أول من أمس أقرب إلى «انتظامٍ» تحت سقف الاستراتيجية الإيرا.نية في «الصبر والعقلانية» هو الذي أكد أن اغتيال العا.روري في الضا.حية (شُيع أمس في الطريق الجديدة ووري في مخيم شاتيلا) لن يمرّ من دون عقاب مشدداً على أنه باقٍ على وعْده الذي كان قَطَعه بأن أيّ اغتيا.لٍ في لبنان سيُقابل بردّ «رغم ان هذا الوعد لم يحصل في مرحلة حر.ب وتبدُّلِ معادلات»، ولكنه ترك «الثأر» مفتوحاً في الزمان والمكان والطبيعة، راهناً الخروج عن الضوابط التي تحكم الجبهة الجنو.بية حتى الآن بمبادرة اسر.ائيل الى العد.وان على لبنان «وعندها ستندم».

«اللكمات القاسية»

وحتى «حز.ب الله» بدا أنه يتلقى اللكمات القاسية تحت سقف تفادي الانزلاق الى حر.بٍ تحدد اسرا.ئيل مكانها وزمانها، وهو كان خسر في الساعات الماضية 10 من عناصره بينها مسؤول منطقة الناقورة حسين يزبك الذي قضى مع 3 آخرين في غا.رة على منزل، وهو يمضي في الردّ من ضمن مقتضيات المشاغَلة المفتوحة منذ 8 تشرين الأول وإن مع الارتقاء بعملياته بما يتناسب مع التصعيد الاسر.ائيلي الذي تواصل أمس غار.ت مكثّفة على البلدات الجنو.بية استهد.فت منازل وأحياء سكنية، وإحداها طالت «حديقة إيران» في مارون الراس، وهي النقطة الحدودية المحاذية مباشرة للمستوطنات الإسر.ائيلية، إلى جانب قص.ف مد.فعي مدمر.

وفيما رد «حز.ب الله» بعمليات ضد أهداف ومواقع اسرا.ئيلية استخدم فيها صو.اريخ «بركان» برز إعلانه «ان قوّة القنّاصة استهد.فت التجهيزات التجسّسية في موقع (مسكاف عام) وأصا.بتها بدقّة ما أدّى إلى تدميرها بشكل كامل».

جولات ديبلوماسية… وتحذيرات

وفيما كانت الخارجية الأميركية تعلن أنّ الوزير أنتوني بلينكن اتفق مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا خلال اتصال هاتفي «على السعي إلى اتخاذ خطوات لتجنيب توسّع الحر.ب في الشرق الأوسط بعد ضربات في لبنان وإيران» وأن البحث مع كولونا تناول «أهمية التدابير لمنع توسع النزاع في غز.ة، وتجنُّب التصعيد في لبنان وإير.ان»، برز ما نقله موقع «أكسيوس» عن أن «وزير الدفاع الإسر.ائيلي يوآف غالانت أكد للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أن فرص تخفيف التوتر مع لبنان ديبلوماسياً ضئيلة» وأن الوقت ينفذ أمام فرصة الحل السياسي.

وفي موازاة ذلك، كان وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب يجتمع مع مستشار الرئيس الاميركي جو بايدن لشؤون الشرق الاوسط بريت ماكغورك في البيت الأبيض، حيث تم البحث في «ضرورة الاستمرار بالجهود الديبلوماسية الأميركية الرامية الى تحييد لبنان عن الحر.ب في غز.ة».

وأكد الطرفان «اهمية نجاح مهمة المبعوث الرئاسي آموس هوكشتين من أجل وقف التصعيد في لبنان والمنطقة»، كما بحثا «في السبل التي يمكن ان تؤدي الى السلام في المنطقة، وأكد بوحبيب ان الممر الوحيد لذلك هو السلام مع الفلس.طينيين بالدرجة الاولى».

وفي بيروت كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يلتقي قائد قوات الأمم المتحدة العاملة في جنو.ب لبنان«اليو.نيفيل» حيث «تم البحث في تطبيق القرار 1701 والخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية». وسجَّل لبنان اعتراضه لـ«اليو.نيفيل» على هذا الموضوع. كما تناول اللقاء التحضيرات للتقرير المرتقب صدوره عن مجلس الامن والذي سيتطرّق للخروق التي تطول القرار 1701.

وخلال الاجتماع، جدَّد ميقاتي إدانته الاعتداءات الاسرا.ئيلية على لبنان والانتهاكات المتمادية للسيادة اللبنانية. وطالب برفع الصوت في الأمم المتحدة رفضاً للانتهاكات الاسر.ائيلية للخطّ الأزرق وللقرار 1701، مجدّداً التزام لبنان الدائم بالقرار الأممي ومندرجاته.

وعلى وقع هذه التطورات، طلبت دول أوروبية بالإضافة إلى أميركا وكندا من رعاياها مغادرة لبنان فوراً على خلفية ارتفاع حدة التوترات جنو.باً.

وأصدرت كل من بريطانيا والسويد وألمانيا والدنمارك، بيانات طالبت مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان ومغادرته فوراً للمتواجدين فيه.

“الراي” الكويتية