الحر.ب في الجنو.ب… هكذا شُلّت الحياة!

  • Nov 16, 2023 - 7:21 am

غادر أحمد (38 عاماً) منزله في الخيام بجنو.ب لبنان في 8 تشرين الأوّل الماضي، ولم يعد إلى منزله منذ ذلك الوقت. «لا أفق للعودة ما دامت الحر.ب قائمة»، يقول لـ«الشرق الأوسط»، ذلك أن مخاطر الاسته.داف «لا تزال مرتفعة جداً بعد ضربة مساء السبت لمنزل مد.ني في ساحة البلدة»، فضلاً عن أن متطلبات العيش في البلدة «لم تعد متوفرة كما السابق».

وتبدو المنطقة الحدو.دية في جنو.ب لبنان، حسب زائريها في الأسبوع الأخير، شبه فارغة. يتجدد القص.ف بشكل يومي ويطال مختلف بلدات المنطقة الحدو.دية الممتدة على أكثر من 110 كيلومترات، بعمق يتراوح بين 5 و8 كيلومترات. «فجأة تندلع الاشتبا.كات ويعلو دويّ القذ.ائف»، يقول زائروها، فيما لا تفارق المسيّر.ات الإسرا.ئيلية أجواء المنطقة.

وغادر معظم سكان منطقة الجنو.ب في الأسبوع الأول من الحر.ب منازلهم. من يمتلك منزلاً في بيروت انتقل إليه، ومن استطاع أن يستأجر منزلاً في بيروت أو النبطية أو صيدا، انتقل إليه أيضاً، ولم يبقَ هناك إلا «من لم يخرج من بيته طوال حياته، أو من اضطره عمله للبقاء، مثل المزارعين ومربي الماشية»، حسبما يقول السكان الذين يتوجسون أن تطول الأزمة، ما يحرمهم من العودة إلى منازلهم.

وأثار امتداد القص.ف على مدى 40 يوماً، مخاوف من أن تتحول المناطق في الجنو.ب إلى قرى مواجهة تعيش التوتر على إيقاع أي توتر آخر في غز.ة. ويفتقد سكان المنطقة الآن لـ«الأمان» الذي اختبروه على مدى 17 عاماً. أحجم أهالي المنطقة الذين يقيمون في بيروت، عن ارتياد قراهم ومنازلهم في عطلة نهاية الأسبوع. كما لم يجرؤ كثيرون على زيارة قراهم لجمع محصول الزيتون في الموسم الحالي. وقد نزح آلاف السكان المقيمين في الأسبوع الأول، خوفاً من توسع رقعة المعركة إلى حر.ب كبيرة.

ونزح السكان من نحو 38 بلدة وقرية ممتدة على طول الحد.ود من شبعا شرقاً، إلى الناقورة غرباً، وقد خلت بعض القرى المواجهة التي تشهد توتراً دائماً من نحو 90% من سكانها الذين عادة كانوا يقيمون فيها في الشتاء. وتشير تقديرات «الدولية للمعلومات» إلى أكثر من 40 ألف نازح من جنو.ب لبنان باتوا يتوزعون على عشرات المناطق، منها صور وصيدا والضاحية الجنو.بية لبيروت وقضاءا الشوف وعاليه في جبل لبنان الجنوبي، بينهم نحو 10 آلاف يقيمون في مراكز إيواء.

خطط المستقبل

على مدى 40 يوماً من القص.ف المتبادل بين «ح.ز.ب الله» والقوات الإسرا.ئيلية، بدأت تتبلور صورة مختلفة للمنطقة الحدو.دية التي شهدت طوال 23 عاماً، حيوية كبيرة لجهة إقامة السكان فيها، خصوصاً في فترة الصيف، وشهدت حركة عمرانية كبيرة، وارتفعت إثرها أسعار العقارات والأراضي، فضلاً عن الحركة السياحية صيفاً، والمشاريع التي افتُتحت مدفوعة بـ«أمان وفرته قواعد الاشتباك»، كما كان يقول السكان.

اليوم تبدّل الواقع. تصف منى (55 عاماً) الطريق إلى قريتها بـ«المغامرة». وتشير إلى «طرقات مقفرة، ونادراً ما يلتقي زائر المنطقة بسيارة متوجهة إلى المكان أو خارجة منه». تسيطر على الطرقات آليات الجيش وقوات «اليو.نيفيل» وسيارات الإسعاف. «لا نعرف إلى متى سنبقى على هذه الحالة»، تقول منى، مشيرة إلى أنه إذا استمر الوضع على هذا النحو لأشهر «سأضطر لمغادرة البلاد كلياً».

وينعكس هذا الواقع على خطط الحياة في المنطقة. يعرب كثيرون عن قلقهم مما حدث، وهو أمر يدفعهم للتريث في استئناف أعمال البناء أو الاستثمار في المنطقة. ويقول عباس، وهو من سكان بيروت، إنه دفع نحو 80 ألف دولار لبناء منزله في قريته بالمنطقة الحدو.دية لقاء قضاء الصيف فيه، مضيفاً: «ما حدث الآن يمكن أن يقوّض أي خطة في المستقبل لدفع أي تكاليف لتحسين المنزل أو إتمام بنائه، لأن هذا التوتر يمكن أن يتكرر في المستقبل، وقد لا تنتهي الأمور بتبادل للق.صف».

نذير رضا – الشرق الأوسط