كيف ستنتهي الحر.ب في غ.ز.ة؟

  • Nov 5, 2023 - 9:00 am

ليس هروباً من الحديث عن أزمة غزة وحربِها الخطيرة، عن بداياتِها وتطوراتها، لكنَّ هناك جانباً فيه غموضٌ، كيف ستنتهي، من سيستسلم، ومقابل ماذا؟ فالهجومُ العسكريُّ الإسرا.ئي.ليُّ المستمر الذي لم يستثنِ المدنيين والخدمات، في الحقيقة، هو أكبر من ردةِ فعل على هج.ماتِ ح.ما.س، حجمُه يؤكّد أنَّه مشروعٌ لتغيير الواقع السياسي.

وقد سبقَ لنت.نيا.هو، رئيسُ وزراء إسرا.ئيل، في بداية اله.جوم أن قال: المنطقة بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لن تكونَ مثل قبله؟ وتردَّد صداه في العواصم الغربية التي أيَّدته بوضوح، مع ترحيل ح.ما.س من غ.ز.ة.

نحن أمام أزمةٍ إنسانيةٍ مريعة، ووسط معركةٍ عسكرية، وبداية مشروع سياسي مختلف. وقد ينجح الإسرا.ئيل.يون في تحقيق هدفِهم الذي سيعني نهايةَ التنظيم المسل.ح كما نعرفه، لكنَّ خروجَ ح.ما.س من المعادلة لن يلغيَ القضيةَ الفلس.طين.ية وحقوقَها، ولن يوقفَ الخطرَ على إسرا.ئيل، بدليل هجمات أكتوبر نفسِها، التي جاءت أضخمَ من كلّ ما سبقها من عمليات، رغم أنَّ إسرا.ئيلَ حاصرت غ.ز.ة وراقبت نشاطاتِ ح.ما.س على مدى سنوات.

المفارقة أن العدوين، ح.ما.س ونت.نيا.هو، هما أكثر فريقين تحالفاً ضد مشرع السلام، وعملَا على تعطيله. والمفارقة الثانية، أنَّ ح.ما.س ونت.نيا.هو، هما الخاسران في الحر.ب. ح.ما.س قد تخسر غ.ز.ة، ونت.نيا.هو بسبب هزيمة ه.جوم أكتوبر سيخسر رئاسة الحكومة، وقد ينتهي في السجن بتهمِ فسادٍ سابقة للحر.ب. والمفارقة الثالثة أنَّ الحر.بَ القا.تلةَ هي من سينفخ الحياة في قطار السلام، وليس العكس.

نستذكر كيف أنَّ إخراجَ ياسر عر.فات ومقا.تليه من لبنان آنذاك، بالفعل أنهى «ف.ت.ح» بوصفها تنظيما عسكر.يا، لكن عرفات تموضع سياسياً، ونجح في العودة إلى فلس.طين بصفة السلطة، عبر اتفاق أوسلو. وقد يعيد التاريخُ نفسَه، حتى في ضوء هذه الكارثة الإنسانية، الأسوأ في تاريخ الصراع الإسرا.ئي.لي في نصف قرن.

الحر.ب ستتوقف بعد أسابيع، وسيضطر الجميع لتفعيل العمل السياسي. وقد فاجأ إسماعيل هنيه الجميع، ففي ذروة الاقت.تال عبَّر عن استعداد ح.ما.س لقبول سلامٍ قائمٍ على حل الدولتين، لأنَّه يدرك الاحتمالات التالية للحرب. حماس ليست بالقوة التي تمكّنها من صد إسرا.ئيل المدعومة من الولايات المتحدة، خاصة أنَّها تُركت تحاربُ وحيدةً من قبل حلفائها. هنية يريد أن يكونَ للحركة وجهٌ سياسيٌّ لا عسكري فقط، ودور في قطف ثمار هجمات السابع من أكتوبر. الإشكال الذي يواجه هنية ومشعل أنَّ حماس الداخل لا تعترف بأي دور لقياداتها في الخارج، وتسرب أنّه تم إبعاد رجالِهم من المراكز القيادية في عام 2017. الحركة منذ ذلك الحين تُدار من قبل قادتها العسكريين، وتحديداً يحيى السنوار. وبسبب وضع الحركة المحاصر وما سيعقبُه، فقد يكون لقادتِها في الخارج كرسيٌّ على طاولة مفاوضات السلام المحتملة لاحقاً، التي شنَّت هجماتها لوأدها.

من بين التحديات، أنَّ الأميركيين سبق أن صنَّفوا «ح.ما.س» إرها.بيةً وسيضطرون للتراجع في لحظة مقبلة إن تبنوا مشروع السلام. فقد كانوا يحظرون على عرفات دخولَ الولايات المتحدة، ويمنعون مسؤوليهم من مقابلتِه، وسعوا لاختراع قيادات بديلة له، عبد الشافي وعشراوي للتفاوض في مؤتمر مدريد. ثم قبل الأميركيون لاحقاً الجلوسَ مع عرفات لأنَّه لم يكن ممكناً التفاوضُ والسلامُ من دونه. «ح.ما.س» المتطرفة ليست «ف.ت.ح»، مع هذا تبقى رقماً صعباً لا يمكن تجاهلُه، ولو وافقت فستعزّز وضعَ السلطة الفلس.طين.ية في المفاوضات المحتملة.

وحتى يحين ذلك الحينُ، هناك خريطة طريق مليئة بالأفخاخ. حماس لديها قوة من 35 ألفاً، وإسرا.ئيل عدّت التخلّصَ منهم هدفاً، وهذه مهمة تكاد تكون مستحيلةً عسكرياً دون خسائر هائلة بين الجانبين والمدنيين بشكلٍ مريع. فهل تقبل ح.ما.س الخروجَ تقليلاً لخسائرَ بين المدنيين ومنسوبيها؟ ولو قبلت التخلي عن سلا.حِها، فالتحدي الثاني أنَّه لا توجد دولةٌ عربيةٌ مستعدة لاستضافتهم خشيةَ المخاطر المصاحبة. في هذا المأزق قد يقتنع المتحاربون بحلٍ وسط، هنا يأتي دورُ السلطة الفلس.طين.ية في إدارة غ.ز.ة. وهنا نرى ضوءاً في أنفاق غ.ز.ة المظلمة.

للحديث بقية، عن خيارات السَّلام والسلاح.