مَن يسمع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اليوم، لا بدّ له أن يعود بذاكرته الى الوراء وتحديداً الى الخطاب الذي وضع فيه حلولاً على طاولة الرئاسة على شكل خطوات ينتقل بها من الواحدة الى الأخرى وفق ترتيبه وبقدر ما تُحقِّق له من نتائج يهدف إليها في معركته الرئاسية، وعدد هذه الخطوات أربع:
- ١- الاتفاق على اسم وسطي.
٢- السير بالمرشح الذي يريده الآخرون مقابل السير باللامركزية واستعادة الأموال.
٣- الترشح شخصياً للرئاسة بغض النظر عن حسابات الربح والخسارة.
٤- الانتقال الى المعارضة في وجه المنظومة.
عندما اجتمع باسيل بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اللقاء الشهير والأخير حتى اللحظة، قال له السيد نصرالله بوضوح إن هناك اسمين يثق بهما لا يطعنان المقاومة في ظهرها هما: أنت ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وأصحب ذلك بسؤال: أنت تريد أن تترشح؟ أجابه باسيل: لا، فردّ السيد نصرالله: إذاً فرنجية.
ومنذ ذلك الحين قرر رئيس التيار الوطني الحر قطع طريق بعبدا على فرنجية واستخدم كل الوسائل لتحقيق هذا الهدف لأنه يعتبر أن الحزب سيعمل جاهداً لإيصاله تماماً كما تمسّك بالرئيس ميشال عون حتى وصل الى قصر بعبدا.
عَمِل باسيل جاهداً ليمنع خيار فرنجية، حتى وصل به الأمر الى التقاطع مع خصوم حزب الله وخصومه، أي مَن وقف في المشروع المقابل وحارب العهد ٦ سنوات مع الخارج، فابتعد عن الحزب الى حد التهديد بسقوط ورقة التفاهم بينهما ما انعكس ذلك على القاعدة الشعبية التي ذهبت بعيداً بهجومها على الحزب مُتخطية خطاب قيادتها التي كانت دائماً تحسب خط الرجعة وترسل رسائل إيجابية لحزب الله لكن المشهد ظهر وكأن قيادة التيار في وادٍ وقاعدته الشعبية في وادٍ آخر.
استمر باسيل برفع سقف الهجوم على فرنجية الى حد يصعب التراجع عنه، ما انعكس على جمهوره استحالة تقبّله، حتى جاءت جلسة ١٤ حزيران والتي اعتبر أن بنتيجتها سيتراجع الحزب عن دعم فرنجية ويذهب للخيار الثالث وبذلك يكون قد حقّق هدفه، خاصة بعد أن جاء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت وأبلغ التيار أن صفحة المبادرة الفرنسية طويت..
وبما أننا بفترة إجازة رئاسية الى أن يعود الموفد الفرنسي مجدداً، على ما يبدو أن باسيل بدأ بوضع جمهوره في الأجواء ليتقبلوا تدريجياً القبول بفرنجية بحال سلك الحوار مع الحزب بهذا الاتجاه بعد أن كانت فكرة مستحيلة، لذا نرى العدد الكبير من اللقاءات مع قاعدته الشعبية بعناوين مختلفة من أجل تحقيق الهدف نفسه.
وبما أن خطوة باسيل لا يمكن العودة الى الوراء فيها وتحديداً لتقاطع جديد، ولا أخذ خطوات متقدِّمة كالتي ذكرها من قبل، فهو سيقف هنا، بحيث لا خيار أمامه سوى التوافق مع حزب الله، بغض النظر عن أُسس الاتفاق والى أين سيصل، ولكن إن وصل الى نهايته، لن يظهر رئيس التيار بصورة المتراجِع وإنما سيساعده الحزب على ايجاد المخرج المناسب له.