“حزب الله” يفتح ناره المبكرة على أزعور

  • May 29, 2023 - 7:23 am

لم ينتظر “حزب الله” اعلان القوى المعارضة و”التيار الوطني الحر” رسميا تبني ترشيح وزير المال السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط واسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور لرئاسة الجمهورية، فسارع على نحو مبكر للغاية الى اطلاق طلائع حملته على ازعور وداعميه سواء بسواء على لسان رئيس كتلته النيابية محمد رعد. والواقع ان أي طرف او مراقب لم يكن يتوقع موقفا إيجابيا من “حزب الله” حيال ترشيح القوى الرافضة لترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، المرشح الذي يفترض ينافسه في معركة دستورية ديموقراطية ينبغي ان تحل الازمة الرئاسية، بحسب “النهار”. ولكن السرعة التي طبعت مبادرة الحزب الى شن طلائع حملته على من وصفه بـ”مرشح المناورة” ومضمون هذا الهجوم الاولي اكتسبا دلالات بارزة للغاية حيال “العصبية” غير المعتادة في سلوكيات الحزب ومسارعته الى ترجمة هذه العصبية. ذلك ان هذا الموقف السلبي المبكر بدا انعكاسا واضحا لنجاح القوى الذاهبة الى اعلان ترشيح ازعور في حشر القوى المقابلة التي طالما عيرت رافضي المرشح المدعوم من الثنائي الشيعي، بانها لا تملك القدرة على التوحد حول مرشح بديل منافس، كما ان التعبير هذا اتخذ غالبا طابع حشر المسيحيين في خانة اتهامهم بتحمل تبعة الازمة الرئاسية لعجزهم عن التوحد . وحين اقترب التوصل الى التفاهم بين الكتل المسيحية الكبرى على اسم جهاد ازعور حصل تطور بارز اخر تمثل في مسارعة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الى مباركة هذا الاتفاق ولو من دون التطرق الى موقفه من المرشح. واتخذ ذلك دلالات مهمة خصوصا عشية زيارتين بارزتين سيقوم بهما البطريرك تباعا للفاتيكان وفرنسا اليوم وغدا بما قد تتركه الزيارتان في توقيتهما ومضمون المحادثات التي سيكون الاستحقاق الرئاسي في مقدم جدول اعمالها من انعكاسات ونتائج بارزة ومهمة.

اذاً هذه الوقائع المتلاحقة تفسر الى حدود بعيدة مدى الاحراج الذي استشعر “حزب الله” بعدما تسارعت فصول التوصل الى تفاهم قوى المعارضة و”التيار الوطني الحر”. ولكن على الخط الموازي فان المعطيات المتصلة بالترشيح شبه الناجز لازعور بدت هادئة وتسير في خط انضاج الاتصالات، علما ان ما توافر من معطيات عن لقاءات ازعور نفسه في بيروت قبل يومين وقبيل توجهه الى السعودية للمشاركة في مؤتمر اقتصادي لا تحتمل تضخيما لها او تقليلا منها في الوقت نفسه. اذ تفيد المعطيات ان ازعور قام بما اعتاد على القيام به دائما حتى في زياراته الخاصة او الشخصية للبنان بزيارات تقليدية الى الرؤساء الثلاثة اي بري والرئيس نجيب ميقاتي، والرئيس ميشال عون حين كان لا يزال في موقع الرئاسة الاولى وكذلك اتصاله بالسياسيين. وهذا ما يفترض الا يضعه في موقع الاتهام باي شيء. فالرجل يتم التداول باسمه للرئاسة من بين اسماء اخرى وهناك نية من قبل مجموعة كبيرة من القوى السياسية لدعمه، ولكنه حريص على الا يكون مرشح مواجهة او مرشح تحد ليس على قاعدة عدم المنافسة بين مرشح ومرشح اخر، بل على قاعدة عدم المواجهة من فريق ضد فريق اخر لا سيما اذا كان يرى نفسه مرشح انقاذ على ما ابلغ المتصلين به من السياسيين الذين تواصلوا معه او تواصل معهم خصوصا انه في الاساس رجل انفتاح وحوار. لا بل ان المقاربة التي يتم اعتمادها لدعم وصوله الى الرئاسة مبنية على قاعدة انه لا ينتمي الى اي فريق ولا اي فريق يستطيع احتسابه على فريق معين.

مصادر سياسية مواكبة اعتبرت أن رعد قصد بكلامه تخويف أزعور الذي يرفض أن يكون مرشح تحدّي بمواجهة فرنجية، وتأكيد رعد على تمسك الثنائي بفرنجية، فيما دعوات حزب الله المتكررة للتوافق انما هي للتفاوض مع بقية الكتل النيابية للتصويت لفرنجية. المصادر اعتبرت عبر “الأنباء الإلكترونية” أن “موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة أعاد الأمور إلى المربع الأول وأعاق أي عملية تقدم باتجاه الحل. وفي كلامه رسائل مفادها ان قرار الرئاسة هو بيد حزب الله، وأن على جبران باسيل أن يختار إما البقاء على تفاهم مار مخايل أو الذهاب إلى المعارضة وإلى القوات اللبنانية على وجه الخصوص، وما يمكن ان يقدمه له جعجع في المستقبل. والرسالة الثالثة وتتمثل بإعادة تأكيد حزب الله معارضته ترشيح ازعور الذي يتهمه بتنفيذ أجندة أميركية”.

وبحسب “الديار”، يبدو حزب الله حاسما بموضوع عدم السير بأزعور تحت اي ظرف من الظروف. وتقول المصادر انه حتى ولو طلبالنائب جبران باسيل موعدا من الحزب، فالجواب الذي سيسمعه واضح ومحسوم ومفاده: “يعمل اللي بريحو!”
ولا تنكر المصادر ان “حجم الاستياء من قبل الحزب تجاه باسيل يتسع، لانه وان كان التصعيد الكلامي تراجع، الا ان الأداء لا يبدو مطمئنا. فالطريقة التي يحاول فيها باسيل الضغط على الحزب من خلال الاتفاق مع “القوات” على ازعور، ظنا انهم بذلك يحاصرونه، مكشوفة ولن تؤدي غرضها”.
وتختم المصادر: “تعتقد الكتل المسيحية انها بتبنيها ازعور تدفع بالاستحقاق الرئاسي قدما، من دون ان تعلم انها بطبيعة الحال تزيده تأزما وتعقيدا، لان الحل لا يكون برفع السقوف وفرض مرشحين، انما بالتفاهم والتوافق المفترض ان ينسحبا على كيفية التعامل مع كل المرحلة المقبلة، والا بقينا نتخبط في الانهيار الذي نحن فيه الى اجل غير مسمى”.