تحريك التأليف في هذه المرحلة.. محاولة ملء مسبق للفراغ الرئاسي

  • Aug 23, 2022 - 7:06 am

الجو العام السابق للقاء الرابع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، يشوبه شيء من الإيجابية الشكلية في الملف الحكومي، حيث لا مؤشرات جدّية عن اختراق يفتح الباب أمام صدور مراسيم الحكومة، قبل بدء سريان مهلة الستين يوماً لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية بين اول ايلول وآخر تشرين الاول المقبلين.

وبحسب ما هو سائد في أجواء المعنيين بهذا الملف، فإنّ لقاء الرئيسين عون وميقاتي الذي قد يُعقد اليوم الثلثاء، هو لقاء حاسم على صعيد توجيه الدفة الحكومية، إن في اتجاه التأليف او في اتجاه العودة إلى مربع الفشل واستمرار الوضع الشاذ في ظلّ حكومة تصريف اعمال، إلى ما بعد انتهاء ولاية عون، مع ما قد يستتبع ذلك من التباسات، وإرباك في ادارة دولة بلا رئيس جمهورية ولا حكومة بصلاحيات كاملة. في الوقت الذي يبدو البلد بشكل عام مهدّداً بانفجار القنبلة الاجتماعية، جراء الفلتان الجديد لسعر الدولار والقفزات اليومية التي بدأ يسجّلها، ومعه فلتان اسعار كل أساسيات حياة اللبنانيين.

على أنّ هذه الإيجابية، حتى ولو كانت شكلية، فإنّها لا تبدو من النوع القابل لأن يتطور إلى ايجابية فعلية، مع الصراع السياسي المحتدم بين رئيس الحكومة و»التيار الوطني الحر»، وهو الامر الذي يثير اكثر من علامة استفهام عن سرّ هذا التصعيد المتبادل في هذه المرحلة، وخصوصاً عشية اي حراك او لقاء بين عون وميقاتي أو محاولة لتأليف الحكومة؟ ومن هو المستفيد من هذا التصعيد؟ وما هو الهدف الكامن خلف هذا التصعيد؟

واللافت للإنتباه في هذا السياق، انّه في مقابل الحراك الأخير الذي أنعش اللقاءات بين عون وميقاتي، وأشاع على الخط الحكومي حديثاً متجدداً عن طروحات جديدة لاستيلاد الحكومة، فإنّ سائر المكونات السياسية تتجنّب الجزم بوجود جدّية يُبنى عليها لبعث الدخان الأبيض من المدخنة الحكومية، إيذاناً بولادة وشيكة للحكومة، بل انّها متموضعة جميعها في موقع الترقّب لما سيؤول البحث بين عون وميقاتي، ربطاً بالطروحات الجديدة، والتي حُصرت أخيراً في طرح الإبقاء على الحكومة الحالية بشكلها الراهن، مع تعديل ثنائي بتغيير وزيرَي الإقتصاد والمهجرين. والذي أُضيف اليه طرح متجدّد من قِبل رئيس الجمهورية برفع الحكومة من 24 وزيراً إلى 30 وزيراً عبر تطعيمها بستة وزراء دولة سياسيين.

ومنطلق تطعيم الحكومة بوزراء سياسيين، كما تقول لـ»الجمهورية» مصادر مؤيّدة لهذا الطرح، هو شدّ عصب الحكومة ومدّ جسمها التكنوقراطي بشيء من القوة السياسية التي تمكّنها من التصدّي لمرحلة ما بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في حال تعذّر انتخاب خلف له خلال المهلة الدستورية بين ايلول وتشرين الاول.

وقالت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»: «انّ الغاية الأساس من تحريك التأليف في هذه المرحلة، وبعد فترة من التراخي والتعطيل المتعمّد والغرق في الشروط والمعايير، هي محاولة ملء مسبق للفراغ الرئاسي قبل حصوله اعتباراً من1تشرين الثاني المقبل، وخصوصاً انّ ثمة قناعة راسخة في أذهان الجميع بأنّ الفراغ الرئاسي واقع لا محالة، حيث انّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظلّ خريطة سياسية ونيابية مبعثرة أمر صعب، إن لم يكن شديد الاستحالة».

وأكّدت المصادر، أنّ لقاء عون وميقاتي المنتظر هو لقاء حاسم، حيث لا أحد يملك وقتاً ليضيّعه. وبالتالي أمام عون وميقاتي مهلة أسبوع لا أكثر، إما أن يتفقا على التأليف، فتبصر الحكومة النور قبل نهاية الشهر الجاري، وإما أن يفترقا ويعود كل منهما إلى متراسه. وعشية هذا اللقاء يمكن القول انّ كل الإحتمالات واردة. كما ينبغي لفت الإنتباه إلى انّه ليس في الإمكان الحديث عن ايجابيات، فكل كلام من هذا النوع ليس في مكانه على الاطلاق حتى يثبت العكس، ولاسيما انّ ملف التأليف لا يزال يدور في مدار السلبيات، وعلى نتائج اللقاء الرابع بين عون وميقاتي ستتبدّى حتماً الغلبة اما للسلبيات او للايجابيات. ولكلا الامرين ارتداداته على الواقع الداخلي.

من جهة أخرى، أشارت “اللواء” الى ان الضغوطات التي اطلقت نهاية الاسبوع الماضي تواجَه بقوة ضغوطات مضادة من فريق بعبدا، للإبتزاز من جهة، وطلب اثمان مرتفعة مقابل تسهيل صدور مراسيم جديدة لحكومة بإمكانها ان تملأ الفراغ الرئاسي دون اي لغط او نقاش دستوري او غير دستوري، إذ عاد الفريق الرئاسي الى نغمة «الميثاقية والمعايير»، غامزاً من قناة تعذُّر القبول بأن ترث حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي هي في مرحلة تصريف الاعمال «صلاحيات الرئيس» على حدّ تعبيره، من زاوية أن الفراغ هو عدّو السلطة..

وفي موقف هو الأول من نوعه، خرج الرئيس المكلف عن صمته، وكشف بعضاً مما دار في اللقاء الاخير في بعبدا مع الرئيس ميشال عون.

وقال: «خلال آخر اجتماعٍ مع رئيس الجمهورية، كان الأخير مرناً ومُنفتحاً على تعديل التشكيلة الحكوميّة التي قدمتها إليه ولم يُمانع تسمية وزيرٍ يمثل عكار».

وأضاف ميقاتي في حديثٍ لقناة «الجديد»: «خلال الاجتماع مع رئيس الجمهورية تمّ طرح الأسماء المَنوي تغييرها وبينهم الوزيران وليد فياض وأمين سلام، وقد وعدَ حينها أنه سيُعطي ردّه بعد 24 ساعة، لكنه سأل: «من سيسمي الوزراء الخاضعين للتعديل؟».

وأضاف الرئيس المُكلّف في حديثه: «تفاجأت في اليوم التالي من الاجتماع مع رئيس الجمهورية بايفاد المدير العام للرئاسة أنطوان شقير حاملاً رسالة مفادها: مش ماشي الحال».

ومع ذلك رأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه على الرغم مما قاله الرئيس ميقاتي لجهة أن الرئيس عون اوفد الدكتور شقير ليؤكد له أنه مش ماشي الحال، فأن خطوط التواصل قائمة ولفتت إلى أن ما جرى من رد ورد مضاد بين الرئيس ميقاتي والنائب باسيل فرمل الأتصالات أمس لكن المساعي بشأن الحكومة ستتواصل.

وأشارت إلى أن الدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية تبدأ في أول أيلول لكنها غير ملزمة وفي امكان مجلس النواب الاجتماع قبل شهرين لكن قد لا يوجه رئيس المجلس النيابي الدعوة وهي تصبح إلزامية في الأيام العشرة الأخيرة قبل انتهاء الولاية الدستورية ويصبح المجلس منعقدا حتما من دون الدعوة، وبالتالي لا يزال الوقت متاحا للأخذ والرد في الملف الحكومي وبالتالي فأن الأفق غير مقفل.