الخطيب: لتجتمع الحكومة إستثنائيًا ولتقبل هبة الفيول الإيرانية

  • Jul 31, 2022 - 11:30 am
أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى اليوم الأول من عاشوراء لهذا العام في مقر المجلس، برعاية نائبه العلامة الشيخ علي الخطيب وحضوره الى شخصيات سياسية ونيابية واجتماعية وعلماء دين ومواطنين، وتلا المقرئ أنور مهدي ايات من الذكر الحكيم، وقدم الحفل الدكتور غازي قانصو، والقى العلامة الخطيب كلمة قال فيها: “لا بد لي ونحن نفتتح مجالس عاشوراء في هذا اليوم أن أتطرق ولو ببعض الكلمات الى المجالس العاشورائية التي ابتدأت منذ شهادة الامام الحسين بل قبل شهادته، الروايات الواردة عن رسول الله حينما ولد الامام الحسين فبكى فسئل عما يبكيك يا رسول الله وأن هذه اللحظات هي لحظات فرح وسرور، فأجابهم بما يصير إليه أمره في كربلاء، وهكذا بعد شهادته عليه السلام، مأتم كربلاء على أرض كربلاء، السيدة زينب عليها السلام، ثم بعد شهادته وبعد التضييق على اهل البيت وملاحقتهم إنطوى هذا الإحياء بالشكل الظاهري ولكنه كانت دائما تقام هذه المجالس في البيوت سرا، وقد فعلها أئمة اهل البيت فيما بعد، على مر التاريخ لم تنته هذه المجالس واستمر محبو أهل البيت والامام الحسين يقيمون مجالس أبي عبدالله الحسين ويحييون ذكراه، ولكنها أيها الاخوة الأعزاء تطورت وأخذت طابعا جديدا وحركيا في الفترة الأخيرة حينما اطلق الامام السيد موسى الصدر حركته في لبنان وأسس على هذا النهج، نهج كربلاء، نهج جده الامام الحسين، أسس هذه الحركة في لبنان وكانت لهذه الحركة هذه البركات التي نرى ونجبي اليوم ثمارها، جنينا بالأمس واليوم ثمارها تحريرا للأرض والانسان، ونحن اليوم نواجه أعتى القوى في الأرض بهذه السواعد الحسينية وهذا الايمان الحسيني، فيقف العالم اليوم عاجزا ويقف عدونا اليوم عاجزا رغم كل الإمكانيات التي يمتلكها أمام قوة الايمان الحسيني التي يمتلكها شبابنا، فسلام عليك سيدي يا موسى الصدر وسلام على أنصارك والذين وقفوا الى جانبك، فأعطيت لمجالس الإمام الحسين معنى عميقا وواسعا وشاملا يبني الحياة”.
وتابع: “أيها الإخوة المؤمنون، أعظم الله أجورنا واجوركم بمصيبة أبي عبد الله الحسين حيث نستعيد من جديد احياء مجالس ابي عبد الله، نجدد معها العهد مع الله ومع نبيه وآل بيته بالولاء والطاعة والارتباط بهذا النهج (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي) التي نترجمها بإحياء هذه المناسبة بإقامة مجالس عاشوراء كما تقتضيه المودة لهم، التي تشكل هذا الارتباط الروحي والقلبي والوجداني كما ورد عن الإمام الصادق: شيعتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، وهو أعلى وأرقى صورة من صور الارتباط والتعلق وأقواها، فحين تصل العلاقة بين طرفين أو اكثر الى حدود الارتباط العاطفي والوجداني تكون لهذه العلاقة الدفع نحو التأثير والتأثر العملي، واذا لم تبلغ هذه العلاقة هذه المرتبة العاطفية والوجدانية وتتركز في الشعور الداخلي فلن يكون لها هذا الأثر في الحياة العملية وستبقى جامدة وجافة. وحين يقول الامام الصادق: شيعتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا فهو يكرس هذا المبدأ وأن الارتباط معهم ليس حالة جامدة وجافة، على أن أمر الله تعالى بمودتهم يعني أنه يريد منا ان تكون علاقتنا بهم علاقة الانجذاب الشديد والميل القوي والارتباط بالمشاعر والعلاقة الدائمة والمستمرة في الحياة، ومع الحياة مع الأجيال، فالمؤمنون مأمورون بهذه المودة وبهذا الميل والانجذاب اليهم الى يوم القيامة ومن دون سؤال أو تردد او شك. وهنا السؤال لماذا وجبت هذه المودة لهم وكانت علامة للايمان؟ وهذه ميزة أخرى، أن حبهم ايمان وبغضهم كفر. وإنما يستطيع أن يُفسر ذلك ويجيب عليه فقط القول بأن هذه الموقعية التي يحتلونها من مقام الولاية الذي يفرض التبعية لهم والإنصياع لأوامرهم وليس فقط احتراما لقرابتهم من رسول الله”.
واضاف: “إن آية المودة وحدها بهذا المعنى كفيلة بالدلالة على مقام الولاية عدا عن النصوص الأخرى من الآيات او الاقوال الصادرة عن رسول الله في هذا الصدد. ونحن حين نقيم هذه المجالس ونحيي هذه الذكرى أضافة الى ذلك، فإننا نحيي في نفوسنا وفي أبنائنا هذا المعنى وهذا الشعور بالانتماء للإسلام ولرسول الله ولأهل بيته ولمبادئ الحق والقيم، ونعبر عن انزياحنا للعدل ضد الظلم وعدم الركون الى حياة الذل والهوان والاستسلام للراحة والاهتمام فقط بالمصالح المادية على حساب المبادئ والقيم الروحية والأخلاقية، على أن ذكرى عاشوراء تشكل مدرسة مستمرة للأجيال تتربى فيها على هذه القيم والمعاني، تحتاجها بشكل مستمر في الحياة لتصحيح المسار للمجتمع المعرض دوما للانحراف عن الخط الإلهي والرسالة، لأن المصالح الفردية والفئوية تتعارض في كثير من الأحيان مع القيم والمبادئ مما يدفع أصحابها الى تجاوزها بل مواجهتها لأنها تشكل عائقا لها عن بلوغ أهدافهم، وهذه المواجهة قد تكون بشكل مباشر حين تشعر في نفسها بالقوة التي تمنحها الشعور بإمكانية الانتصار خصوصا اذا تمكنت من الإمساك بزمام السلطة، فتعمد الى ملاحقة القوى التي تؤمن بهذه القيم وتدافع عنها وتحاول إخماد صوتها، اذ تقود هذه المواجهة بشكل مباشر بالتضييق ثم الملاحقة ثم التصفية او الاعتقال، او بصورة غير مباشرة عبر التلاعب بالمفاهيم ومحاولة خداع الجمهور وإفساده او تمارس الامرين معا، بالمواجهة المباشرة وغير المباشرة، لذلك كانت مدرسة عاشوراء تقوم دائما وفي كل مرحلة من المراحل الزمنية المختلفة بهذا الدور الذي تتطلبه وبتعميق الارتباط بالقيم الأخلاقية والايمانية وتصحيح المفاهيم وتحقيق المناعة الذاتية في مواجهة الانحرافات الأخلاقية والفساد الاجتماعي والسياسي داخل المجتمعات لأن مهمة عاشوراء في إعطاء النموذج للأفراد والجماعات الذي تحتاجه في كفاحها ضد الظلم والفساد وفي الاستقامة والعدالة والتضحية حتى الشهادة في سبيل تحقيق هذه المبادئ ومقاومة الظلم والظالمين”.
وقال: “ليس من السهل في كثير من الأحيان أن يعرض الإنسان نفسه وأعزاءه للملاحقة والاعتقال والتعذيب أو خطر الموت عندما يستدعي الامر مواجهة السلطة المنحرفة أو مواجهة الخطر الخارجي، ولذلك فإن التمرد والخروج على الانحراف يبدأ بعدد قليل من الناس الذي قد يستتبع خروج آخرين حين يستدعي ذلك المواجهة فتنجح المحاولة او قد تفشل، وبمقدار ما يكون النموذج حاضرا لدى الناس والارتباط به وثيقا بمقدار ما يكون له تأثيره في حياتهم.
ولقد شكل الإمام الحسين دائما هذا النموذج لجمهور عاشوراء غير المحصور بأتباعه وكانت له هذه الفاعلية والتأثير على سلوكهم في الحياة ودفعهم الى المواجهة في سبيل قضاياهم حتى الشهادة، وهو ما يشكل ظاهرة عابرة للطوائف والجغرافيا العربية والاسلامية، حيث كان الإمام الحسين شعارا لدى كل الثائرين أسقط عروشا قامت على الظلم والفساد، فشكل لها الامام الحسين النموذج الذي تحتاجه في هذه المواجهات، ولقد كان الشعار الذي رفعه الامام الحسين (وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي) غير محصور في مواجهة يزيد، وإنما خطا للثائرين على الخط اليزيدي الذي يمثل الظلم والانحراف والفساد، فهو دعوة مستمرة في الزمان والمكان شكلت النموذج لكل حركة إصلاحية وإجتماعية وسياسية وفكرية في تاريخنا السابق والمعاصر، وبالأخص لأتباعه الذين كان لهم الأثر الأكبر في التحولات الكبرى على الصعيد السياسي والاجتماعي، الذين دفعوا ثمنا كبيرا في هذا الطريق، وتعرضوا للمظالم والافتراءات والتشويه والحصار الإعلامي والاجتماعي والحرمان والعزل السياسي لما شكلته مدرستهم من خطورة على الأنظمة الفاسدة والمنحرفة التي رفعت الإسلام شعارا لها، لكنها انتهكت مبادئ الإسلام وعملت على تحريفه واستغلاله لإحكام سيطرتها على السلطة ولتتمكن من إجهاض حركة الثائرين”.
أضاف الخطيب: “في الوقت المعاصر حققت هذه المدرسة أهم إنجازاتها في مواجهة الاستعمار الغربي بشقيه الفكري والعسكري، وكانت المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي واحدة من الإنجازات التي استطاعت أن تنتصر عليه وتشكل تحديا غير مسبوق له، ونعيش اليوم أبرز وجوه هذا التحدي في منعه من استخراج الغاز والبترول من سواحل فلسطين المحتلة ما لم يتمكن لبنان من ذلك، ويقف العدو ومن خلفه عاجزين عن تجاوز هذا التحدي الذي يجب على اللبنانيين جميعا أن يستفيدوا منه، وأن يكونوا على قدر المسؤولية وعلى مستوى هذا الإنجاز، ولقد كانت المقاومة أكبر من أن تكون محدودة بحدود طائفية، فكانت لكل لبنان ولمصلحة كل اللبنانيين، والمأمول من بعض القيادات اللبنانية ان تكون على مستوى المسؤولية الوطنية وعدم الانجرار الى مواقف تثير الساحة الداخلية وتشغلها عن الاستحقاق الوطني الذي يجب ان يقف فيه اللبنانيون موقفا موحدا وراء المفاوض اللبناني”.
وختم: “يا شيوخ العرب يا ملح البلد من يصلح الملح إذا الملح فسد. فمن يضع حدا للاحتكارات التي تخنق الناس من احتكار المواد النفطية واحتكار المواد الغذائية واحتكار الطحين ورغيف الخبز، حتى لا يكاد المرء يحصل على رغيف خبز لأبنائه. انني ادعو الحكومة اللبنانية للاجتماع بشكل استثنائي تفاديا للانهيار الشامل واتخاذ قرار بقبول الهبة من الجمهورية الإسلامية الايرانية بتقديم الفيول لتشغيل معامل الكهرباء منعا للانهيار الشامل بهدف اخضاع لبنان لشروط العدو الاسرائيلي وتخليه عن حقوقه في استخراج النفط والغاز من حقوله البحرية”.