“الانحباس الحكومي” يُهدِّد وحدة السلطة

  • Jul 19, 2022 - 7:34 am

مع ان القضايا والأزمات الاجتماعية تقدمت المشهد الداخلي في مطلع الأسبوع الجديد بما يعكس اشتداد السباق الحار بين الأولويات الاجتماعية الضاغطة والاستحقاقات السياسية والدستورية المتعاقبة، لم تمرّ معالم القطيعة التي تطبع العلاقة بين رئاستي الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال مرورا عاديا، نظراً الى التداعيات السلبية التي ترخيها على مجمل واقع الدولة في هذه المرحلة الحرجة. فمع عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى مزاولة نشاطه في السراي، وعدم حصول أي تطور في شأن معاودة المشاورات المباشرة بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون حول ملف تاليف حكومة جديدة اكتسبت التقديرات التي ترجح تعذر تشكيلها خلال الفترة المتبقية من العهد العوني صدقية اكبر، ولو ان المواقف الرسمية لا تزال تردد شكلا وعلنا لازمة التشديد على تشكيل حكومة جديدة خلافا لما يجري في كواليس عرقلة عملية التاليف. ولفتت أوساط معنية برصد مؤشرات ازمة التاليف لـ”النهار”، تعمق ظاهرة القطيعة بين بعبدا والسراي في حين لا يمكن الاعتداد بخطوط انفتاح بين بعبدا وعين التينة ولو ان هدنة تسود بينهما راهنا. هذا الواقع دفع الاوساط المذكورة الى توقع حالة سلطوية شديدة السلبية عند مشارف العد العكسي لبدء المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي، بما يعني في اقل الاحتمالات ان مناخات المعركة الرئاسية بدأت تطغى على كل الأولويات الداخلية وان تداعيات هذه المناخات لن توفر كل اركان السلطة الراهنة من الاهتزازات المبكرة. ولم يكن الانكباب امس على معالجة الحكومة المستقيلة لمجموعة ملفات مختلفة سوى دليل على الاتجاه الى تفعيل وضع تصريف الاعمال .

أما “اللواء”، فاعتبرت ان لا يخفى ان الاشتباك الرئاسي حول الملف الحكومي لا يزال يحمل في طياته اكثر من قطبة مخفية، فمع ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عاد إلى بيروت، وعقد سلسلة من اللقاءات الحياتية والدبلوماسية توّجها بترؤس الاجتماع الوزاري الاداري لمعالجة اضراب موظفي القطاع العام المستمر منذ شهرين، والمرجح ان يواجه اشكالات الاستمرار، على الرغم من العروض المالية التي كشف النقاب عنها وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال مصطفى بيرم، فإنه من غير الواضح متى يعقد الاجتماع الثالث في قصر بعبدا بين الرئيس ميشال عون والرئيس ميقاتي، في ظل معلومات ان اي اتصال بين الرئيسين، لا مباشرة ولا بالواسطة، حصل لفتح الباب بينهما، في ظل عدم وجود حسي لأي وساطة على هذا الصعيد، الأمر الذي يهدد وحدة السلطة الاجرائية، إذا ما استمر الانقطاع الذي يؤدي بدوره إلى «انحباس حكومي» قاتل، بحسب “اللواء”.

من جهتها، أشارت “القبس” الى ان في ظل غياب أي جديد في الملف الحكومي في لبنان، قفز ملف الانتخابات الرئاسية إلى الواجهة الإقليمية والدولية، بعدما بدأ الحراك في هذا الاستحقاق خجولاً في الداخل وبلقاءات واتصالات غير معلنة مع اقتراب بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ويحضر الملف الرئاسي مع عودة الاهتمام الخارجي بلبنان، سواء في البيانين الصادرين عن «قمة جدة للأمن والتنمية» وعن اللقاء الأميركي السعودي، أو في القمة الإماراتية -الفرنسية في باريس، من خلال حث القوى السياسية على الالتزام بالمواعيد الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية أسوة بما حصل في الإنتخابات النيابية.

فيما اعتبرت اوساط سياسية أن المجتمع الدولي بات على قناعة بأن اخراج لبنان من الأزمات المتداخلة التي يتخبط فيها يبدأ بانتخاب رئيس جديد يدفع بالعملية الإصلاحية قدما، مشددة على ان الضغوط الدولية ستزيد في المرحلة المقبلة لمنع أي تفلت سياسي من شأنه تعقيد انجاز الاستحقاق الرئاسي.

حكوميا، لا جديد على صعيد تأليف الحكومة وسط معلومات متضاربة عن احتمال زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية حاملاَ ردا على المقترحات التي تقدم بها الأخير مطلع الشهر الجاري. هذا فيما تجمع القوى السياسية على ان قطار التأليف لن يسير في سكته قبل اتضاح مسارات الرئاسة والترسيم.

وفي الاطار أيضاً، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ان ولادة الحكومة هي المدخل الحقيقي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيراً إلى أن «استمرار تعطيل تشكيل الحكومة ربما يكون مقدمة لتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وهنا تقع الطامة الكبرى».
وعلى ضوء الجمود الحكومي يتسارع الهريان مففكا بنية الدولة، في وقت يستعد المجلس النيابي لعقد جلسة تشريعية، تتضمن المشاريع والقوانين الإصلاحية، المطلوبة من صندوق النقد، بعد تأخير سنوات.
زيارات مرتقبة

وبانتظار ترجمة الوعود الخليجية بمساعدة لبنان ترددت معلومات عن قرب زيارة مسؤول انمائي سعودي لبيروت بهدف تزخيم خطط التعاون التي يجري تنظيمها مع اطلاق الصندوق الفرنسي السعودي المشترك لمساعدة الشعب اللبناني على المستويات التربوية والطبية والانسانية. بالاضافة الى زيارة مرتقبة لمنسق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان الذي سيحمل الى المسؤولين اللبنانيين دعوة ملحة لإقرار القوانين الاصلاحية تمهيدا لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.

من جهة أخرى، لفتت “الانباء الكويتية” الى ان لتاريخه، لم تصدر بادرة عن قصر الرئاسة، باتجاه الرئيس المكلف، المنتظر تحديد موعد له في بعبدا، مع يقين المتابعين ان انعقاد اللقاء الثالث بين الرجلين وعلى نية تأليف الحكومة، لن يخرج التشكيلة الحكومية من مأزقها، بسبب الشروط المتبادلة بين الطرفين وأقلها اشتراط بعبدا طلب ميقاتي موعدا، وأن يأتي ومعه تشكيلة حكومية جديدة، ورد ميقاتي بأنه طلب موعدا منذ أسبوعين ولم يحظ برد، مما أساء الى العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة، وبالتالي فإن على القصر الجمهوري ان يحدد له موعدا بالاستناد الى الطلب السابق، وعلى أساس مناقشة التشكيلة الوزارية الأولى.

وفي هذا السياق، رفض مصدر وزاري ان تتم زيارة ميقاتي الى بعبدا، دون تحديد موعد مسبق، فهو مكلف بتشكيل حكومة، ولا يجوز ان يقال له ان ابواب القصر الجمهوري مفتوحة للجميع.