قمّة جدة بين الناقورة وبلدية بيروت

  • Jul 19, 2022 - 7:23 am

كتب العميد الركن خالد حماده في “اللواء”:

إنتهت قمّة جدة للتنمية والأمن لدول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة الرئيس جو بايدن الذي بذل وإدارته مجهوداً كبيراً لتسويق اندفاعته والترويج لعناوين تفوق قدرة إدارته وتخالف توجهات أركانها. سقطة الرئيس بايدن في بيت لحم بإعلانه – خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الفلسطسني محمود عباس – «أنّ خيار حلّ الدولتين بعيد جداً دون تقديم الأسباب أو البدائل والعموميات التي حملها البيان الختامي، أكدّتا أنّ الريادة الأميركية للمنطقة قد فقدت أَلقها وأنّ إقناع المراهنين على قدرة السياسة الخارجية الأميركية على استعادة المبادرة وملء الفراغ الاستراتيجي في المنطقة والعالم دونه عقبات كبيرة أهمها تصحّر عقول أصحاب القرار في واشنطن.

يمكن القول أنّ مكوث الرئيس الأميركي في جدة لمدة يومين كان من قَبيل تقاليد الضيافة العربية ليس أكثر، فالتأكيد على الشراكة التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي وأهميتها الاستراتيجية والإلتزام المشترك بحفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتعميق التعاون الإقليمي الدفاعي والأمني والإستخباري، وضمان حرية وأمن ممرات الملاحة البحرية وضمان خلو منطقة الخليج من كافة أسلحة الدمار الشامل، وتأكيد الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، والتّصدي للإرهاب، كلها عناوين مستقاة من حواضر وقوالب الدبلوماسية الأميركية الرتيبة التي تمّ تدجينها والتي لا يمكن أن تحمل أي مضمون جديد. وبهذا المعنى تصبح الإجراءات الأميركية المنتظرة أشبه بتوصيات ملء وتشغيل سدّ النهضة في أجلّ زمني معقول أو بالبحث عن حلّ عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حلّ الدولتين.

مقابل ذلك وفي البيان عيّنه فرضت مجموعة التنسيق العربية، التي تضمّ عشرة مؤسسات تمويل تنموية وطنية وعربية متخصّصة، دورها ومكانتها في الإستجابة لتحديّات الأمن الغذائي إقليمياً ودولياً بتقديم 10 مليارات دولار إنسجاماً مع أهداف خارطة الطريق للأمن الغذائي العالمي، ورحّب البيان بقرار أعضاء (أوبك +) الأخير بزيادة الإنتاج لشهري يوليو وأغسطس بما لا يستجيب لضغوط واشنطن وبما يؤشّر الى ضرورة البحث عن حّل لأزمة الطاقة بعيداً عن زيادة الإنتاج والإستمرار بالحرب. وفي هذا أكثر من نقطة قوة تسجّل لدول الخليج العربي في تأكيد مكانتها الدولية.

الحكومة اللبنانية التي لا تأبه بحجم الأزمات التي يعيشها اللبنانيون لم تكلّف نفسها إيداع القمّة الخليجية ـــ ربما عبر دولة قطر أو دولة الكويت – ما يمكن أن يحثّ الإدارة الأميركية على الإسراع في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية أو في الضغط على صندوق النقد الدولي للسيْر بخطة النهوض الإقتصادي. ربما لم تشأ الحكومة التشويش على معالجة الترسيم بالمسيّرات التي يعتمدها حزب الله أو بخطة ما بعد بعد كاريش. في مطلق الأحوال جاء الشِق اللبناني في البيان الختامي مطابقاً لمضمون القرار 1559 لجهة التأكيد على أهمية بسط سيطرة الحكومة على جميع الأراضي اللبنانية والدعوة لاحترام الدستور والإستحقاقات الدستورية وعلى مضمون مؤتمر سيدر بالتأكيد على الإصلاحات كمدخل للتعافي الإقتصادي، بما يؤكّد على ثبات الموقف الإقليمي والدولي وبما يؤكّد أيضاً على استمرار مأزق السلطة في لبنان.