الغموض يلفّ الاستشارات… وميقاتي “غير مستميت لتشكيل الحكومة”

  • Jun 21, 2022 - 7:04 am

قبل ساعات على موعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، إذا لم يطرأ عليها أي تأجيل، يبقى الغموض هو المسيطر على مواقف الكتل النيابية التي لم تشأ الكشف عن خيارها في موضوع تسمية الرئيس المكلّف إلا أثناء الاستشارات أو قبل ساعات قليلة من موعدها، فلا مواقف معلنة ولا أسماء متداولة.

مصادر نيابية لفتت عبر “الأنباء” الالكترونية إلى أن الرئيس نجيب ميقاتي لا يزال يحظى بتأييد واضح من قبل الثنائي الشيعي وحلفائهما، وهناك امكانية لتسميته من قبل كتل أخرى من بينها تكتل نواب الشمال وغيرهم. وفي ضوء ما سيصدر عن الكتل السيادية والنواب المستقلين، فإنه يبرز اسم السفير السابق نواف سلام كأحد الخيارات المطروحة.

في هذا السياق، أشار عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في حديث مع “الانباء” الالكترونية إلى اجتماع يعقده التكتل يوم الاربعاء لاتخاذ القرار المناسب، لافتاً الى أن توجه التكتل معروف ويندرج ضمن معايير محددة، متوقعاً الكشف عن اسم الشخص الذي سيسميه التكتل بعد الاجتماع.

وعن شكل الحكومة التي تطالب بها القوات، قال متى: “كنا نتمنى حكومة أكثرية، لكن ظروف المجلس النيابي بتكوينه الحالي من الصعب أن يفرض أكثرية، لذلك نفضل حكومة مستقلين او تقنيين، فالأكثرية غير واضحة المعالم بعد”.

وعن الاتصالات الجارية مع الكتل الحليفة للذهاب الى الاستشارات بموقف موحد، كشف متى أن المساعي ما زالت قائمة والتواصل مستمر، آملا التوصل الى نتيجة ايجابية قبل الاستشارات أقله لإعطاء صورة أمل للناس الذين يحلمون بالتغيير.

النائب السابق علي درويش أشار عبر “الانباء” الالكترونية الى أن تشكيل الحكومة هذه المرة له خصوصية فريدة  مشيرا الى ان “الرئيس ميقاتي غير مستميت لتشكيل الحكومة، وفي الوقت عينه يتميز بحضور واضح على الساحة السياسية كواحد من أبرز الشخصيات لتولي هذا الموقع، ولندع النواب يقررون”.

وفي رده على سؤال يتعلق بالاتصالات التي يجريها السفير السعودي وليد البخاري مع النواب السنّة، رأى أن “ما يجري يصب باطار جوجلة أفكار والاتصالات تشمل عدة اطراف، وقريبا يتكشف حجم هذه الاتصالات والغاية منها”.

أوراق مستورة: وعلى ما تقول مصادر سياسيّة مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ «استشارات الخميس تبدو وكأنّها قد أُدخلت في لعبة «أوراق مستورة»، يُظهر فيها كل طرف نفسه وكأنّه ينام على إسم معيّن ليفرج عنه يوم الاستشارات. الّا انّ الاجواء السائدة في هذه اللعبة لا توحي حتى الآن بوجود شخصيّة يمكن اعتبارها منافساً جّدياً للرئيس ميقاتي في استشارات الخميس، وربما يكون مرد ذلك انتظار «كلمة سرّ» تهمس بها «مصادر الوحي» الداخلية والخارجية.

وضمن سياق هذه اللعبة، تعكس الوقائع المتلاحقة على مشهد الاستشارات، انّ الجسم النيابي منقسم على نفسه. وفي هذا السياق، تتحدث مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» عن ضفتين:

– الضفة الاولى، حسمت خيارها مع ميقاتي، يتقدّمها الثنائي الشيعي وحلفاؤهما المباشرون، وترى ضرورة إعادة تكليفه تشكيل الحكومة، بما يمثله، وهو وإن كان خارج البرلمان، فذلك لا يعني انّه لا يمثّل بعداً شعبيّاً وسنيّاً مشهوداً له، خلافاً لشخصيات أخرى بعضها «مغمورة» لا وزن لها ضمن طائفتها، وبعضها الآخر «مطواعة»، يجري إسقاطها بـ«باراشوت السياسة والحسابات الشخصية» على رئاسة الحكومة، ليس فقط من باب النكاية الشخصية بميقاتي، بل من باب أخطر، وهو الاستئثار بالحكومة واحتواء رئيسها في هذه المرحلة، وهذا من شأنه ان يشكّل استفزازاً صارخاً للطائفة السنّية.

وإذا كان ثمة في هذه الضفّة من يقارب استشارات الخميس بتفاؤل حذر حيال إمكان نيل الرئيس ميقاتي أكثرية توجب تكليفه تشكيل الحكومة، الّا انّ هؤلاء يرسمون علامات استفهام حول موقف «التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل، «فحتى الآن لا نعرف ماذا يريد من تصعيده الذي بدأه مع انتخابات رئاسة المجلس النيابي، ويكمله الآن في استشارات التكليف، بالحملة الشرسة على الرئيس ميقاتي في الوقت الحرج الذي يتطلب فيه البلد أعلى درجات الهدوء والاستقرار السياسي».

كما انّ هؤلاء الذين يتفهمون مواقف «القوات» و«الكتائب» و«التغييريين»، يعكسون شعورهم بـ»النقزة» من موقف «الحزب التقدمي الاشتراكي» ورئيسه وليد جنبلاط، ولا يخفون خشيتهم من ان تجري رياح «اللقاء الديموقراطي» يوم الاستشارات النيابية الملزمة في الاتجاه الآخر. حيث انّ من شأن ذلك ان يفتح البلد، ليس فقط على تكليف جديد، بل على واقع جديد حافل بتداعيات واحتمالات، أقلّها وضع مصير الحكومة الجديدة في دائرة التعطيل.

– الضفة الثانية، إعتراضية لاسباب مختلفة، منها ما هو مرتبط بالعاملين السياسي والشخصي، كما هو الحال بين «التيار الوطني الحر» وميقاتي، ومنها ما هو مرتبط بمواقف وبعوامل سياسية، لا تقتصر امتداداتها على الداخل فقط، وهنا يندرج موقفا «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي». ومنها ايضاً ما يرتبط بالاعتراض المبدئي والمعلن سابقاً، الذي عبّر عنه فريق النواب «التغييريين»، بأنّهم لن يسمّوا أي شخصية سبق أن كان لها دور او موقع في السلطة وفي التسبّب بالأزمة على ما يقولون.

على أنّ اللافت للانتباه، ضمن الضفة الثانية، ما بدا أنّه بازار مفتوح على محاولة صياغة تحالفات معلنة او غير معلنة، بين الأضداد، لقطع طريق التكليف أمام ميقاتي.

ويتبدّى ذلك جلياً في محاولات مباشرة وغير مباشرة للتقاطع حول اسم معيّن بين «التيار الوطني الحر» وقوى تغييريّة وسيادية. وتردّدت معلومات عن انّ الاتصالات بين «التيار» ونواب تغييريين قد بلغت مرحلة متقدّمة.

ويتزامن ذلك مع ما تبدو أنّها «مناورات» يقوم بها بعض الاطراف، عبر طرح اسماء معيّنة، لتقدير مدى قدرتها على جذب أطراف لتسميتها، وخصوصاً انّ لبعض هذه الاسماء مقبولية لدى بعض الأطراف. وكانت لافتة للانتباه امس، بادرة نواب تغييريّين إلى طرح اسم السفير السابق نواف سلام، في الوقت الذي تجري فيه محاولات في هذا الجانب لتسويق مجموعة اسماء مثل صالح النصولي، خالد زيادة، والمسؤول في صندوق النقد الدولي عامر البساط، الذي قيل انّه يُجري لقاءات واتصالات لبحث إمكانية تسميته لرئاسة الحكومة.

وإذا كانت الصالونات السياسية على اختلافها منهمكة بالهمس بأسماء المرشحين لرئاسة الحكومة، الّا انّه في موازاة ذلك، فإنّ بعض الاوساط السياسية، لا تزال تزرع شكوكاً حول إمكان إجراء الاستشارات في موعدها، وذلك ربطاً بالتناغم الكلي بين موقف رئيس الجمهورية وموقف تياره السياسي الذي يعارض إعادة تكليف ميقاتي.

وبحسب ما يتردّد في تلك الاوساط، فإنّ عدم وجود مرشح قوي في وجه ميقاتي متبنّى من غالبية نيابية مرجحة له، كما انّ وجود اكثر من مرشّح، فمعنى ذلك انّ كفّة التكليف في الحالتين ستميل حتماً لصالح ميقاتي، وهو امر قد يعزز احتمال ان يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون، انسجاماً مع موقف تياره، إلى تأجيل موعد الاستشارات، بذريعة إجراء المزيد من الاتصالات والمشاورات، كما فعل في حالات سابقة، وتحديداً مع الاستشارات الملزمة التي سبقت تكليف الرئيس سعد الحريري. ويومها أجّل الاستشارات بناءً على رغبة كتلة حزب «الطاشناق».

إلى ذلك، قال مرجع مسؤول لـ«الجمهورية»: «نسمع الكثير من التساؤلات حول مصير الاستشارات الملزمة، وما إذا كانت ستجري في موعدها، او انّ امراً ما سيطرأ في آخر لحظة يضعها امام احتمال التأجيل، وإن كانت هذه الاسئلة مبرّرة، فإننا لا نرى ما يوجب التأجيل، علماً انّه حتى الآن لا توحي اجواء القصر الجمهوري بشيء من هذا القبيل، ولكن لدينا تجارب سابقة، تبقي كل الاحتمالات واردة، وأي تأجيل معناه المزيد من التعقيد».