المحروقات بالدولار بعد الإنتخابات..

  • May 10, 2022 - 7:43 am

لم تعد أسعار المحروقات التي قاربت الحد الأدنى الرسمي للأجور تفصيلاً عادياً في يوميات اللبنانيين. فالارتفاعات المتتالية المتأثرة بالتطورات الجيوسياسية خارجياً وارتفاع الدولار محلياً، لن تبقى مقتصرة على “إنهاك” القدرة الشرائية، إنما قد تتعداها إلى تنشيف المشتقات النفطية من الاسواق، والعجز عن تأمين الدولارات الكافية لتمويل شرائها.

كل المعطيات لغاية الآن تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط عالمياً. فعلى الرغم من تعهد تحالف “أوبك +” بزيادة الانتاج بمقدار 432 ألف برميل يومياً لشهر حزيران، فان تسارع فك الارتباط النفطي الأوروبي مع روسيا يفقد الاسواق كميات أكبر من النفط. خصوصاً أن روسيا وحدها مسؤولة عن إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل يومياً. في المقابل تشهد كل من أنغولا ونيجيريا العضوان الأساسيان في منظمة “أوبك” انخفاضاً في الانتاج، قُدّر بحسب أرقام “المنظمة” بـ 300 و 400 ألف برميل على التوالي، أي ما مجموع 700 ألف برميل يومياً. كما ترخي مفاعيل إقرار اللجنة المعنية في الكونغرس الاميركي مشروع قانون “نوبك” (NOPEC No Oil Producing and Exporting Cartels -) بثقلها على دول تحالف “اوبك”. فتمرير مشروع القانون في مجلسي النواب والشيوخ، والتوقيع الرئاسي عليه من شأنه أن يتيح المجال لمقاضاة أعضاء “منظة البلدان المصدرة للبترول وشركائها”، في محاكم أميركا بتهم الاحتكار، وتنظيمهم تخفيضات في الإمداد لرفع الاسعار عالمياً.

البيع بالدولار!

هذه التطورات العالمية تترافق مع التوقع بامكانية توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولار على سعر منصة صيرفة لاستيراد البنزين مطلع حزيران المقبل. عملياً، هذا يعني أن استيراد البنزين سيصبح على سعر السوق. إنما على ارض الواقع هناك “استحالة عند أصحاب المحطات لشراء البنزين بالدولار، وبيعه بالليرة في ظل التفاوت الحاد في سعر الصرف”، برأي عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس. وبالتالي، فان “أحد الحلول الآنية المقترحة في حال توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولار لاستيراد المحروقات على سعر صيرفة هو تسعير المادة بالدولار”. إلا أن هذا الأمر يدخل البلد في دوامة لا تنتهي من الطلب على الدولار، وما تسببه هذه العملية من ارتفاع في سعر الصرف، ينعكس مزيداً من الارتفاعات في أسعار المحروقات… وهكذا دواليك.

ولكي لا يتفاجأ أحد بأي قرار بعد الانتخابات النيابية، ونعود إلى انقطاع المادة والاصطفاف أمام المحطات بالطوابير، على المسؤولين تحديد الخيارات المسقبلية ورسم سيناريوهات الحل على أساسها ابتداء من اليوم. خصوصاً أن المحطات غير قادرة على شراء المواد بالدولار في حال رفض المستوردون تسليم المحروقات بالليرة، “لأننا ملزمون كتجار تجزئة ببيع المادة بالليرة، والتسعير بحسب جدول تركيب الأسعار الذي تصدره وزارة الطاقة والمياه”، يقول البراكس.

و”على كل المعنيين بالملف من وزارتي الطاقة والاقتصاد والشركات المستوردة والمحطات، التنسيق في ما بينهم لتحديد طريقة التعامل المستقبلية، وكيفية إدارة العملية في حال توقف المركزي عن تأمين الدولار”. ولكن ما يثير الخشية هو عدم اتخاذ أي تدبير جدي في ما خص البنزين، كأن تترك آلية التسعير للسوق من دون تدخل من وزارة الطاقة، والاستمرار بتحميل المواطنين والاقتصاد مغبة عدم تسليم المادة في حال وقف الدعم. ولنا في تجربة بيع المازوت بالدولار الماثلة أمامنا، و”المحكومة بقوى الأمر الواقع”، بحسب توصيف البراكس، خير مثال على تمييع الحلول وعدم معالجتها لا في الشكل ولا في المضمون، ولا في الوقت الماسب.

نداء الوطن