ما سر التماهي الكبير بين كلام البطريرك ورسائل افرام الانتخابيّة؟

  • Apr 26, 2022 - 12:34 pm

مباشرة وواضحة كانت رسالة البطريرك الماروني بشارة الراعي بمناسبة الفصح المجيد، حاملة المواقف المتقدّمة، الوطنيّة اللبنانيّة الصافية و”الانتخابيّة”، على حدّ وصف عديد من المراقبين والمعلّقين.
الراعي اعتبر محطّة 15 أيار هي الموعد لإعادة تصويب المسار ولحظة الحقيقة، في حين كان قد ردّد النائب المستقيل المرشّح على المقعد الماروني عن دائرة كسروان الفتوح – جبيل نعمة افرام مؤخّراً وفي أكثر من مناسبة سابقة لرسالة الفصح البطريركيّة، روحيّة وجوهر الكلام عينه، داعياً اللبنانيين إلى الانتفاض وتحويل غضبهم إلى مشروع للإنقاذ، وليصوّتوا للصحّ وللحياة.
فقد جاء في جانب من رسالة البطريرك الراعي الفصحيّة:” أيعقل أن نصبح وطن الانحطاط وقد كنّا بلد النهضة التي أسّسناها؟ أيعقل أن نمسي دولة التسوّل وقد كنّا دولة الجود والعطاء؟ أيعقل أن نغدو جماعة التبعيّة وقد كنّا المرجعيّة والمثال؟!
لبنان يحتاج اليوم إلى أكثريّة نيابيّة وطنيّة، سياديّة، استقلاليّة، مؤمنة بخصوصيّة هذا الوطن والدولة الشرعيّة والمؤسّسات الدستوريّة وبالجيش اللبناني مرجعيّة وحيدة للسلاح والأمن”، ختم البطريرك، “فمصير لبنان يتعلق على نوعيّة الأكثريّة النيابيّة في المجلس الجديد”.
في المقابل، سبق للنائب المستقيل أن قال:” إذا كنتم مرتاحين إلى ما وصلت إليه أحوال المدارس والجامعات والمستشفيّات، ووضعيّة أموالكم في المصارف، وشؤون حياتكم اليوميّة من كهرباء وماء ودواء…فصوّتوا للمنظومة. وإذا أردتم تغيير هذا الواقع، فيجب أن يكون في المجلس أكثريّة نيابيّة سياديّة، محترفة وشفّافة وبعيدة عن التسييس والزبائنيّة، رافضة للمحاصصة الجهنميّة والارتهان للخارج، مع وجوه من مناضلات ومناضلين لبّوا نداء غضب الشعب، ويمثّلون بكل معنى الكلمة المجتمع المدني”.
البطريرك أكّد في رسالته الفصحيّة إنّ “إنقاذ لبنان مرتبط بحياده، وباللامركزيّة الموسّعة، وبالسيادة وحرّية الإنسان. فاختر أيها الشعب القوى القادرة على الدفاع عن كيان لبنان وهويته…وإلاّ تتحمّل أنت، لا المنظومة السياسية، مسؤولية الانهيار الكبير”، حذّر البطريرك.
افرام سبق له يوم إطلاق لائحته ” صرخة وطن” أن قال:” إنقاذ لبنان أساسه السيادة الوطنيّة، والحياد الايجابيّ في السياسة الخارجيّة. والتزامنا هو في بناء كلّ قرار وكلّ موقف، على أساس مصلحة الأمن القومي اللبناني وسيادة الوطن”.
البطريرك قال:” يجب إزالة الهوّيات الهجينة التي تسلّلت إلى هوّيتنا، وجعل هوّية الأمن والحرّية والعلم والتقدّم وثقافة الحياة هي معيار اختيار النواب والوزراء والرؤساء وكل المسؤولين”.
افرام من ناحيته قال:” نريد قادة لديهم مناعة ضد الفساد وحصانة تجاه حبّ الذات والأنا. نريد مسؤولين لا يضعفوا أمام المواقع والسلطة، فإذا كبرت مسؤولياتهم تزداد لديهم الطيبة والرحمة، وإذا ما خسروا أو فشلوا، فلينسحبوا بعزّة نفس وكبرياء دون اللجوء إلى أساليب التبرير والتشفّي والحقد والانتقام”.
“ميّزوا بين الصحّ والغلط” قال البطريرك، “فنحن لن نقبل بوقف حركة التاريخ والإنسان، ونحن حركة التغيير وحركة الحرّية والسيادة في هذا الشرق، وروّاد النهضة السياسيّة والفكريّة. ضعوا حدّاً للأمر الواقع الذي يهمّش الدولة الشرعيّة ويبعثر وحدتها بين دويلات أمنيّة وقضائيّة ودويلات غريبة. لقد تهاوت وحدة لبنان عندما اصطدمت بتعدد الولاءات، والانحياز إلى المحاور الإقليميّة”، أكّد البطريرك.
أما افرام فجاهر: “وضعنا الذي نحن فيه ليس قضاء وقدراً، بل مسؤوليّة في عنق منظومة فاشلة قتلت لبنان بالمحاصصة أو بالارتهان للخارج. منظومة دمّرت مؤسّسات الوطن وهجرّت شعبه وجوّعت أطفاله وانتهكت سيادته وأهانت وأذلّت إنسانه. ونحن اليوم نقدّم البديل عن الموت بمشروع حياة، نعيد به بناء مؤسّسات الدولة وادارتها وخصوصاً استقلاليّة القضاء، وحمايتها من كلّ تدخّل سياسيّ”.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل من سرّ في هذا التماهي الكبير بين كلام البطريرك ورسائل افرام؟! الجواب أكثر من بسيط: افرام هو ابن بيت وطني لطالما كانت مرجعيّته ذلك الوجدان الماروني الغارق في التاريخ المقاوم التي تمثله البطريركيّة المارونيّة من ناحية، ومؤسّسة الدولة اللبنانيّة المنشودة من ناحية ثانية، إضافة بالطبع وفي الأصل معنى وجوهر وهوّية لبنان. وهو سبق له وكان رئيساً لمؤسّسة بطريركيّة هي “المؤسّسة المارونيّة للانتشار” وهو عضو حالي في اللجنة الاستراتيجيّة للبطريركيّة المارونيّة، فأين العجب؟!
ختاماً، فلتكن 15 أيار محطّة لتثبيت هوّية لبنان كما حقيقته كما استقلاله. وبعد كلّ ما حلّ بنا لن نخضع اليوم ونسلّم ونستسلم قال البطريرك، فلا تسقط أيها الشعب فرصة التغيير، وقل لا للدويلات ونعم للشرعيّة. وبالنتيجة القرار قرارك أيّها اللبناني.

عيسى بو عيسى