المرتضى: حزينون لفقدان نزيه كبارة

  • Mar 12, 2022 - 7:15 pm

مثل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اللقاء التأبيني للرئيس السابق للمجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور المحامي نزيه كبارة، في ذكرى مرور أربعين يوما على وفاته، بدعوة من المجلس، في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس.

وألقى المرتضى كلمة قال فيها: “طرابلس ذاكرة الملح والعبير، مدينة البشر والحجر والشجر، بقية فينيقيا وبيزنطة وبني عمار والصليبيين والمماليك والأتراك والعرب، ومجتمع هؤلاء كلهم، ها هي اليوم في حضرة الأربعين تحتشد قلعة وأسواقا ومكتبات ومنتديات وقامات ثقافة، في وقفة وفاء لمن كان ابنا لها، وأبا لمثقفيها، وراعيا لحراكها التنويري على امتداد عقود. وها هي وزارة الثقافة تشارك الفيحاء غصتها وتأخذ حصتها من هذا الحزن الطرابلسي الأليم”.

أضاف: “وفي المناسبة ترتسم أمام عيني مفارقة كبيرة. فمدينة العلم والعلماء دحرجت من فضاء تاريخها إلى حضيض واقع جعلها أفقر المدن المتوسطية، وهي في الأصل أغناها. ذلك أن ظروفا كثيرة اقتصادية واجتماعية وأمنية غيرت من طبيعتها الجامعة، فصار “يضيق بابن الجار جيران”، وازداد الإهمال الرسمي لها، حتى تراجعت فيها قطاعات الإنتاج كافة، وآل أمرها إلى ما تعلمون. وفي المقابل تألقت فيها حركة ثقافية مميزة، على أيدي بعض من المثقفين الذين انتبذوا من منتدياتها مكانا عليا، وراحوا يبثون فيها رونق اللون وبهجة الحرف وروعة النغم، وينفضون عن إرثها المعماري غبار الإهمال، وينشرون إبداعاتهم على المنابر وفي المحافل وفي تضاعيف الكتب وسائر الأعمال الفنية. كان الراحل الدكتور نزيه كبارة في مقدمة هؤلاء، فقد جعل الثقافة همه الأوحد، سواء في التدريس الجامعي أم في رئاسته للمجلس الثقافي للبنان الشمالي، أم في الندوات والمحاضرات التي أقامها وشارك فيها، أم في الكتب التي صنفها في مختلف فنون المعرفة، أم في عشقه الصافي للغته الأم. ولا تزال محفورة في ذاكرتي بعض الفعاليات الثقافية التي أقامها ودعيت إليها أيام عملي القضائي في طرابلس. هذه المفارقة بين واقعين: مر وجميل، تثبت أن الثقافة، ولو ادلهمت الأزمات، تبقى تحت الرماد جمرا متحفزا لبث الدفء في القلوب، ونورا لا بد له من أن يشرق ويضيء الحياة”.