الطلّاب اللبنانيّون يتوّلون أمر مُغادرتهم أوكرانيا بأنفسهم…

  • Feb 27, 2022 - 8:16 am
يلحق الخطر على الحياة باللبنانيين أينما وُجدوا في أنحاء العالم، وكأنّ قدرهم عدم العيش بأمانٍ واستقرار، حتى وإن غادروا لبنان قــسراً بحثاً عن العمل أو العِلم أو الحياة الهائنة والكريمة في الخارج… فمــنذ بدء الضربة العسكرية الروسية على أوكرانيا، تعيش الجالية اللبــنانية تحت وطأة القلق والهلع وعدم الأمان في ظلّ عدم توافر أي حلّ سريع لتأمين عودتهم الآمنة الى لبنان، ويفترش بعــضهم الملاجىء ومــحطّات الميترو في ظلّ عدم توافر الطعام والحاجيات اليومية الضرورية. وإذ يبلغ عدد أفراد الجالية 2500 شخصاً، بينهم نحو 700 يحملون الجنسية الأوكرانية، ما يجعل الدولة مسؤولة عنهم كأي مواطنين أوكرانيين، وقد يخضع بعضهم لقرار التعبئة العامّة، يُضاف إليهم نحو 1200 طالب غادر منهم 300 الى لبنان منذ ثلاثة أسابيع، أي قبل تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، يبقى 850 شخصاً منهم تسجّلوا على منصة وزارة الخارجية والمغتربين معبّرين عن رغبتهم بالعودة الى لبنان، وينتظرون الفرج.
 
ولكن مع عدم اتخاذ الدولة الأوكرانية حتى الساعة، أي قرار يتعلّق بفتح ممرّات إنسانية آمنة تُتيح للرعايا الأجانب على الأراضي الأوكرانية، ومنهم الجالية اللبنانية بالمغادرة في مجموعات كبيرة من جهة، وعدم توافر الإمكانات لدى الدولة اللبنانية لإجلاء اللبنانيين، ومعظمهم من الطلّاب الموجودين في مناطق الصراع في أوكرانيا من جهة ثانية، تقول مصادر سياسية معنيّة بأنّ بعض الطلّاب قد قرّر عدم انتظار القرارات الرسمية التي قد تتأخّر بسبب بعض التدابير اللوجيستية، فقاموا بتولّي أمر مغادرتهم أوكرانيا بأنفسهم.
 
وأوضحت المصادر أنّ الدولة اللبنانية، ورغم الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخارجية والمغتربين من إنشاء خليّة أزمة ومنصّة لتسجيل اللبنانيين الراغبين بمغادرة أوكرانيا من عائلات وعمّال وطلّاب، لم تعقد حكومتها جلسة طارئة للبحث في إيجاد حلّ سريع لهذه المشكلة التي تتعرّض لها العائلات اللبنانية ، كما أنّها لا تزال تُعاني من صعوبات عدّة في «إجلاء الراغبين بالعودة وبشكل خاص الطلّاب»، بسبب ضعف الموارد والإمكانات المادية، فيما الوضع الأمني المتدهور لحظة بلحظة لا يسمح لهم بالبقاء في مناطق الصراع لوقت أطول.
 
فالطلّاب الذين يقطنون في كييف وخاركوف ونيبرو التي تتعرّض للقصف المدفعي، عليهم التزام المنازل أو الإحتماء بالملاجىء أو بمحطّات الميترو والأنفاق، لا سيما مع قرار «منع التجوّل» الذي تتخذه الدولة الأوكرانية. علماً بأنّ بعضهم، على ما أكّدت المصادر نفسها، قد تمكّن بمغادرة هذه المناطق الى منطقة «لفيف» كونها تقع في غرب البلاد، ولا تتعرّض حتى الآن لنيران القصف. وتقول المصادر بأنّه من الجيّد أنّ هذا الأمر قد تزامن مع بعض الإجراءات والآليات التي اعتمدتها الدول المجاورة لأوكرانيا من الحدود الغربية لا سيما كلّا من بولندا ورومانيا. فبولندا قامت بإبلاغ وزارة الخارجية والمغتربين عبر سفارة لبنان في وارسو، أنّه بالنسبة للبنانيين الراغبين بالعبور من الأراضي الأوكرانية اليها، يُمكنهم ذلك حتى وإن لم يكن بحوزتهم تأشيرة دخول، لفترة لا تتعدّى الـ 15 يوماً كحدّ أقصى، وذلك للمغادرة منها الى لبنان أو أي دولة أخرى. كما تبلّغت الخارجية أنّه سيتمّ إعطاء أذونات دخول خاصّة للذين بحوزتهم وثائف سفر، على أن يمنح حرس الحدود الموافقة الفورية للعبور على الحدود بناء على لائحة بالأسماء التي تصلهم من السفارة اللبنانية في وارسو. الأمر الذي يتطلّب من الطلّاب اللبنانيين، على ما لفتت المصادر، تزويد هذه السفارة بصورة عن جوازات سفرهم، والإقامة في أوكرانيا لتسهيل عبورهم عبر الحدود. وعُلم بأنّه دخل من أوكرانيا الى بولندا، بحسب وزارة الداخلية البولندية، منذ بدء الصراع الروسي – الأوكراني يوم الخميس الماضي حتى الآن نحو 100 ألف شخص بينهم عدد من الطلّاب اللبنانيين.
 
وذكرت المصادر عينها، بأنّ الأمر نفسه يجري على اللبنانيين الراغبين بالعبور الى رومانيا أيضاً، أكانوا يملكون جوازات سفر صالحة أم غير صالحة، إذ سيتمّ السماح لهم بالدخول بواسطة وثائق سفر طارئة. كما ستقوم السلطات الرومانية بمنح تأشيرات دخول مجّانية لرعايا الدول القادمين من أوكرانيا باتجاه رومانيا في القنصليّة الرومانية في مدينة سيرناوتي الأوكرانية. وحدّدت وزارة الخارجية الرومانية ثلاثة معابر حدودية بين البلدين هي: سولوتفينو- سيغيتو مارماتي، وبوروبون- سيريت، وأورليفكي (أو منطقة أوديسا ومحيطها) – إيزاتشيا، حيث يتمّ نقل الآتين من أحد هذه المعابر الى المدن الداخلية، على أن تتولّى السلطات الرومانية تأمين الإقامة والطعام والمساعدة الطبيّة اللازمة لمدة تتراوح بين 24 و48 ساعة للقادمين من أوكرانيا.
 
أمّا بالنسبة للبنانيين القادمين عبر الأراضي المولدوفية، فسيجري إعفاؤهم من تأشيرة الدخول وسيتوجّهون نحو مدينة ياش بعد عبور الحدود المولدوفية – الرومانية، والتي تبعد 6 ساعات عن العاصمة بوخارست، حيث سيتمّ تجهيز مخيّم كبير للاجئين من قبل السلطات الرومانية. كما سيتمّ إعفاء جميع القادمين عبر الحدود الأوكرانية من إجراءات الحجر الصحّي عند دخولهم الى كلّ من بولندا ورومانيا.
 
يبقى القول إنّه على سفارة لبنان في أوكرانيا استكمال مساعدتها للطلّاب الباقين في مناطق الصراع لتأمين نقلهم الى أحد المعابر الحدودية مع بولندا أو رومانيا، عبر الحافلات رغم أنّه يصعب تأمينها حاليّاً، ليصبحوا في بلدان أكثر أماناً. علماً بأنّ عدداً منهم قد أخذ مبادرة زمام الأمور بيده، وقام بمغادرة أوكرانيا عبر البرّ بشكل جماعي صغير، سيما وأنّ النقل الجوّي لا يزال متوقّفاً حتى الآن، كما أنّ حدود الدول المجاورة مفتوحة أمامهم. أمّا الطلّاب الذين لا قدرة مادية لديهم للإنتقال، سيما وأنّ السحوبات من المصارف الأوكرانية باتت صعبة، فسيكون عليهم، على ما قالت المصادر الإحتماء قدر الإمكان في المباني السكنيّة التي لا تتعرّض حالياً للقصف، وانتظار اتخاذ الدولة الأوكرانية قرار فتح ممرّات إنسانية آمنة. علماً بأنّ أي دولة أوروبية أو غربية لديها رعايا في أوكرانيا لم تُطالب حتى الساعة بتأمين هذه الممرّات، لإخراج المواطنين عبرها الى دول الجوار الأكثر أماناً، حيث يُمكنهم المغادرة منها، كلّ الى بلده. ولهذا لم تتخذ الدولة الأوكرانية بعد أي قرار بهذا الشأن… أمّا في حال جرى فتح الممرّات الآمنة، فيُمكن عندها أن تُقلّ الحافلات جميع أفراد الجالية اللبنانيين، الراغبين بمغادرة أوكرانيا الى الحدود والقيام بالإجراءات المتبعة المذكورة آنفاً للعودة.
 
دوللي بشعلاني – الديار