بين باريس و”الحارة”… “أوتوستراد” عريض مفتوح

  • Feb 20, 2022 - 7:23 am

بَين القضاء والأمن، وخطة النهوض و”التعطيل الحكوميّ”، وبينهما “الرسائل الطائرة” شمالا وجنوبا، اكتملَ “تَطليع البلد عالشجرة”، من طبقة سياسية ينصرف اطرافها، وان من باب الشكليات، الى رسم خرائط طرق ادارة الانتخابات النيابية وحسابات الربح والخسارة والتحالفات الافضل لحصد المقاعد، وجهات خارجية تناقش “الجهود المشتركة لمعالجة الأزمة اللبنانية”، في ضوء المستجدات الامنية ،على هامش مؤتمر الامن في ميونخ.

وفي انتظار ما اذا كانت المحادثات الاميركية – الفرنسية ستترجم عمليا في الداخل اللبناني،يبدو ان مغازلة الاليزيه لحارة حريك مستمرة، مع سير عقارب ساعتها خلافا لدول العالم،فاتحة خطوط التواصل من تحت ومن فوق الطاولة مع الضاحية الجنوبية، وفقا لحساباتها الخاصة واجندتها المختلفة عن حلفائها من لبنانيين واجانب، اذ لم تتوقف لقاءات السفيرة “غريو” مع مسؤولي حزب الله ،ولا كذلك “ضباط المخابرات” العاملين على خط “المتحف-الحارة”، خصوصا بعدما سلف حزب الله الكثير “للام الحنون”، وفقا لمصادر مواكبة.

فمن بين أكثر المتضررين مما يحصل هذه الأيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي، قبل أن تكتمل فرحته إجت فكرته، مع خيبة أمله من إمكان حكومة “معاً للإنقاذ” وقف الإنهيارات على اختلافها، بعد الإصطفافات الطائفية والحزبية التي تشهدها طاولة الحكومة، ما رسم علامات استفهام حول جدوى تركيبتها والمحاصصة الحزبية الواضحة التي خرجت إلى العلن عند أول استحقاق، ما يعرّض المشروع الماكروني للإنهيار الكامل، إستناداً إلى سلسلة معطيات:

-إكتشاف الإيليزيه أنه “أكل الضرب ” في ظلّ عجزه عن تأمين الدعم اللازم الذي وعد به الطبقة الحاكمة، مع فشله في فتح باب الخليج السعودي، وكذلك التخفيف من وطأة وحدة الموقف الأميركي.

-القناعة التي باتت راسخة لدى الفريق الفرنسي من عدم قدرة الحكومة اللبنانية على اتخاذ أي إجراءات إصلاحية جدية، نتيجة توازناتها، أضف إلى ذلك، إكتشاف وجود قرار مبطّن لإفشال المفاوضات مع صندوق النقد.

-مخاوف فرنسية ودولية جدية من المساعي لنسف التحقيقات في انفجار المرفأ، والضغوط المتزايدة التي وصلت حدّ ترجمتها في الشارع.

-الشكوك الدولية المتزايدة حول رغبة الأطراف الفاعلة في نسف الإنتخابات النيابية المقبلة وعدم إجرائها في موعدها، بعد ما أظهرته الإنتخابات العراقية من نتائج جاءت لتقلب المقاييس والمعادلات.

وفيما تتقاطع المعلومات، على أن فرنسا هي أحد اللاعبين على الساحة اللبنانية، إلاّ أنها لم تعد المتقدّمة نتيجة عاملين أساسيين، الأول، استهلاكها لكل فترة السماح التي أعطيت، والتي ساهمت في المزيد من تدهور الأوضاع، والثاني، تلبيتها لكامل رغبات “حزب الله” وتولّيها تأمين مصالحه، وهو أمر يُعتبر خطاً أحمر بالنسبة للمجموعة العربية وأميركا وقسم لا يُستهان به من الدول الأوروبية.

اوساط مقربة من حزب الله اشارت الى ان العلاقة بين الحزب والدولة الفرنسية تاريخية وليست وليدة الساعة، بدليل التواصل الممتاز ما بين الجانبين من خلال اللقاءات والعلاقات الاجتماعية المتبادلة بين قيادات الحزب والدبلوماسيين المعتمدين في بيروت،كذلك لجهة العلاقات الحسنة التي تجمع بين عناصر الحزب والقوات الفرنسية العاملة ضمن قوات “اليونيفيل”، مضيفة ان باريس لطالما اعتبرت الحزب مكونا أساسيا في لبنان واعترفت بممثليه في الحكومة والمجلس النيابي وتعاملت معهم من الند الى الند كتعاطيها مع سائر الاطراف اللبنانية ان لم يكن افضل، فهي لم تصنف يوما حزب الله بالارهابي متفهمة “اضطراره” الى الاحتفاظ بسلاحه، داخلة في مواجهات اكثر من مرة مع الاميركيين وحتى دول الخليج.

وفي هذا الاطار يندرج فتح ابواب باريس امام وزير الاشغال اللبناني، في زيارة حفلت بلقاءات معلنة و”سرية” ، سدد من خلالها الرئيس الفرنسي جزءا من الدين المستحق، عبر كسر الحصار الذي عادة ما خضعت له الوزارة التي تسلمها الحزب،فكانت المساعدة الدولية الاولى التي تتلقاها الدولة اللبنانية مباشرة منذ ثورة 17 تشرين، والاهم دخول فرنسا المباشر على خط “الامن” في مطار بيروت، بعدما كان سابقا من حصة المانيا، اضف الى ذلك الاهتمام بوزارة الاشغال بوصفها احد مفاتيح اعادة اعمار المرفا حيث تعتبر باريس منافسا دوليا جديا، على ما تؤكد المصادر.

المشهد قاتم، والأمور تبدو ذاهبة نحو تلبّد إضافي، في الانتظار، يبقى الخوف الاكبر من ان يكون الرئيس الفرنسي قد “انعدى” وقرّر بدوره ان يلاقي “حلفاءه” على الشجرة… من هنا يصبح واجباً السؤال، هل سيكون لبنان ساحة تصفية حساب اميركية – فرنسية كما حصل في عام 1990؟ قد يكون تصريح السفيرة الاميركية ذات يوم يحمل دلالة كبيرة “نحن غير معنيون بما يطرحه ماكرون”، فهل يعني ذلك ان الاخير قد تخطى حدود التنسيق و”شطح”؟

ميشال نصر- الديار