موازنة “فلس الأرملة”: معاً لتمويل السلطة!

  • Feb 11, 2022 - 7:34 am

أشارت “نداء الوطن” الى ان بأوضح صورة تعكس حقيقة المنظومة الحاكمة وتركيبتها المصلحية القائمة على “مرّق لي لمرّق لك”، أتت مجريات جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا لتعيد الإضاءة على طبيعة السلطة المنفصلة عن الواقع وذهنيتها الراسخة في استعباد الناس وتسخير مقدراتهم لخدمة هدف مركزي وحيد يتمحور حول مهمة تجفيف منابع الدولة وتجييرها لحسابات توزيع المغانم والحصص بين أركانها.

فبعد نهب المال العام والخاص وسلب المودعين جنى أعمارهم، لم يتوان أركان حكومة “معاً للإنقاذ” عن التنقيب في جيوب المواطنين عن “فلس الأرملة” لتمويل عملية إنعاش السلطة وإبقائها في سدة الحكم ضمن إطار هيكلية “موازنة عامة” فاقدة لأدنى مقومات الإصلاح والنهوض، وتقوم على مجرد استدرار مزيد من الرسوم وفرضها على الخدمات الحيوية، انطلاقاً من قاعدة “بدكم تساعدونا” التي توجه بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى اللبنانيين، في معرض مجاهرته بعزم حكومته على رفع تعرفة فواتير “الكهرباء والهاتف والمياه”… أما المواطن المعدم الذي يتساءل “من أين يمكن لي تأمين الأموال؟”، فما عليه سوى الرضوخ وتدبّر أمره والدفع بالتي هي أحسن!

بالشكل، خرج ميقاتي من جلسة بعبدا لتكبير حجم الإنجاز المتأتي عن إقرار الموازنة العامة، فأعمى عيون الناس عن مضمونها بقنابل دخانية تركزت على مسألة التقارب بين مجموع الواردات والنفقات بعد تسجيله العجز المقدّر بـ8 آلاف مليار ليرة في خانة “احتياط الموازنة”…

غير أنّ مصادر مالية استغربت هذا المستوى من “استغباء الرأي العام”، وسألت: “أين هي قيمة سلفة الكهرباء من العجز؟ وحتى لو صحّت تقديرات العجز في المشروع فهل يُعقل أن تكون نسبة احتياطي الموازنة نحو 15% منها؟ علماً أنّ المعيار المطلوب للعجز لا يتجاوز 5%، وفي أحلك الظروف التي مرّت على البلد لم يتجاوز العجز ما نسبته 11%”، معتبرةً أنّ ما جرى بالأمس ليس أكثر من “حفلة تذاكي مفضوحة لتمويه التداعيات الكارثية على المواطنين جراء إقرار موازنة من دون خطة نهوض وإجراءات إصلاحية مواكبة لرفع الرسوم، وأخطرها على الإطلاق مسألة زيادة رسم الدولار الجمركي وربطه بسعر منصة “صيرفة” التي أصبحت موازية لتسعيرة دولار السوق السوداء، بينما اللبنانيون غير قادرين على تحصيل أموالهم من المصارف على سعر المنصة، والعديد من المؤسسات تطرد موظفيها وتقفل أبوابها لأنها غير قادرة على الاستمرار في دفع الرواتب”.

من جهتها، لفتت “الانباء الالكترونية” الى ان خطوة إقرار الموازنة من قبل مجلس الوزراء وإحالتها الى مجلس النواب لمناقشتها والتصويت عليها تتأرجح بين أن تكون مدخلاً فعلياً لتحريك عجلة المؤسسات الدستورية وانطلاق العمل لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية ووضع حد للانهيار، أو اقتصار الأمر على بضعة إجراءات تمكّن لبنان من المضي قدماً في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وبانتظار اتضاح الصورة ثمة من يحاول ولأسباب معروفة توجيه ضربة جديدة لما تبقى من ديمقراطية في لبنان، عبر محاولات تدور في الخفاء لتطيير الانتخابات النيابية من خلال سيناريوهات بات معروفا من يقف وراءها ولأية أهداف.، وهو ما حذر ويحذر منه باستمرار الحزب التقدمي الإشتراكي وكتلة اللقاء الديمقراطي.

مصادر سياسية مواكبة وصفت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إقرار مشروع الموازنة وإحالته الى مجلس النواب وتحديد موعد للجلسة التشريعية بأنه “مؤشر إيجابي بغض النظر عن الضرائب المفخخة التي تضمنها”،

وفي السياق ذاته أشارت مصادر عين التينة عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أن الجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري في 21 و22 من الجاري في قصر الاونيسكو  سيكون على جدول أعمالها دراسة وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة، مع العلم ان هذه الجلسة مدرج على جدول أعمالها قوانين تعتبر من أهم القوانين التي طرحت في تاريخ الجمهورية اللبنانية بالنسبة للإصلاحات وفي مقدمتها قانون المنافسة، وقانون استقلالية السلطة القضائية، وغيرها من القوانين ذات الأهمية أيضا والتي تعنى بالمسائل الاصلاحية.

وحول مشروع الموازنة أشارت مصادر حكومية لـ “الأنباء” الإلكترونية الى ان الايرادات باتت توازي تقريباً النفقات مع مبلغ الـ 7000 مليار ليرة لاحتياطي الموازنة، مشددة على الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والمعيشية وتسهيل أوضاع المواطنين وشؤونهم الصحية والرعائية. كما سيصار الى عقد جلسات متخصصة لدرس أمور تتعلق بقطاعات محددة، أهمها الكهرباء، والاتصالات، والنفايات، وذلك بالتوازي مع إنجاز خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على مجلس الوزراء، وبعد إقرارها تخضع لنقاش واسع من مختلف الجهات المعنية.

المصادر أكدت أهمية تحقيق الإصلاحات المطلوبة سواء من خلال مراسيم تصدر عن مجلس الوزراء أو قوانين يقرها مجلس النواب. ونقلت المصادر عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوته الى التضامن والعمل على إنقاذ البلاد من الوضع المؤلم الذي تمر به راهنا، لأن أي عمل إنقاذي يتطلب تضحيات وتعاون الجميع.