مفاوضات الترسيم “مقلعة” والرد اللبناني على مقترحات هوكشتاين بعد أسبوعين

  • Feb 11, 2022 - 7:04 am

انهى رئيس الوفد الأميركي للمفاوضات غير ‏المباشرة لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين زيارته للبنان امس الاول، وغادر الى اسرائيل لوضع القيادات الاسرائيلية في نتيجة لقاءاته في بيروت، والتي شملت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، حيث نقل بعض الافكار والاقتراحات المتعلقة بحصص لبنان واسرائيل من النفط والغاز، بحسب “اللواء”.

وعُلم ان الاقتراحات التي حملها هوكشتاين سبق وقدمها للجانب الاسرائيلي وسيدرسها لبنان ويبدي ملاحظاته عليها ويبلغها لهوكشتاين حتى يتم الاتفاق بعد ذلك على متابعة البحث بالخطوة التالية. وحسب المعلومات، سيقدم لبنان ردّه على مقترحات هوكشتاين بعد اسبوعين، وهي تقوم على التفاوض من النقطة ٢٣ مع بعض التعديلات التي تضمن حقوق لبنان، علما ان هوكشتاين ابلغ المسؤولين اللبنانيين انه يقوم بمهمة لمعالجة مسألة ما تحت الماء من غاز ونفط لا ما هو فوق الماء اي خطوط الحدود. بمعنى انه مهتم بالثروة النفطية اكثر من خطوط الحدود، لكن لبنان اكد له أنه يرفض فكرة تقاسم الحصص مع الكيان الاسرائيلي ويُصر على ترسيمحدود منطقته الاقتصادية الخالصة لإستخراج ثروته النفطية والغازية منها.

وقد التقى عون هوكشتاين في حضور السفيرة الأميركية ‏دوروثي شيا، ووزيري الخارجية والطاقة عبدالله بو حبيب ووليد فياض.‏ وخلال الاجتماع، اطلع هوكشتاين الرئيس عون على نتائج الاتصالات التي اجراها في إسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وقدم اقتراحات سيتم درسها انطلاقا من إرادة الوصول الى حلول. وعلم أنه في خلال محادثات هوكشتاين مع رئيس الجمهورية، كان تركيز على الجهد الذي تبذله الولايات المتحدة الأميركية للمساعدة في الوصول الغاز من مصر إلى لبنان.

واطلع هوكشتاين الرئيس عون على جو الاتصالات التي أجراها في إسرائيل، عارضا المقترحات لحل ملف الترسيم، وهذه الاقتراحات ستدرس . وعلم أن رئيس الجمهورية قال للمسؤول الأميركي أن لبنان مستعد للبحث بها حيث يستمر التواصل من أجل الوصول إلى حلول عملية . وقد أبدى رئيس الجمهورية إرادة للوصول إلى حلول وفق مصلحة لبنان في ما يتعلق بثروته النفطية والغازية .وقالت مصادر مطلعة أن الاقتراحات التي حملها هوكشتاين سبق وقدمها للجانب الاسرائيلي وسيدرسها لبنان ويبدي ملاحظاته عليها على ان يبلغها لهوكشتاين حتى يتم الاتفاق بعد ذلك في متابعة البحث في الخطوة التالية. وتم التداول مع هوكشتاين في الدور الذي تقوم به بلاده للمساعدة في تذليل العقبات امام استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن وسوريا.

اما الرئيس ميقاتي فابلغ هوكشتاين أنه سيتشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية ميشال عون ‏ورئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد الموقف اللبناني‎.‎فيما أكد العماد عون لهوكشتاين «أن المؤسسة العسكرية هي مع أي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن».

وأعلنت المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا أنها أجرت «محادثات بنّاءة للغاية مع الوسيط هوكشتاين. وقالت عبر حسابها على «تويتر»: ستبقى الأمم المتحدة ملتزمة بدعم ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل من خلال التفاوض وبشكل مفيد للطرفين.

ونشرت السفارة الأميركية في لبنان عبر حسابها على «تويتر» تغريدة جاء فيها: «حيث هناك إرادة هناك وسيلة… إن اتفاق على الحدود البحرية يمكنه أن يخلق فرصة تشتدّ الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان. لقاء مثمر بين كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين وقائد الجيش جوزاف عون».

وسئل هوكشتاين كيف ستؤثر صفقة استجرار الكهرباء الى لبنان من الاردن على «قانون قيصر» والعقوبات الأميركية على الكيانات السورية، فقال: نحن نهتم بما يحدث للبنانيين وللبلد، ونريد أن نكون داعمين قدر المستطاع، لبنان ليس لديه الكثير من الخيارات ، ليس لديه موارده الخاصة، لذلك فهو يتطلب دعما من مكان ما، ولهذا السبب نحن ندعمه بشدة

وأضاف: «قانون قيصر» جزء مهم للغاية من سياسات الولايات المتحدة. إنه القانون في الولايات المتحدة وسنتبع القانون. ونعتقد أيضا أنه قانون عادل وجزء من سياستنا. القضية التي نواجهها هي المستوى الحاد من المطالب المطلوبة في لبنان. لن نستخدم هذا تطبيعا مع سوريا. لن نستخدمه مدخلا للتطبيع مع نظام الأسد.

وحول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية قال: يمكن أن تستمر المفاوضات لفترة طويلة حتى تحدث لحظة حرجة عندما يفهم الجميع ويقرر أن هذا هو الوقت المناسب ليس بالنسبة الى زيادة النفوذ ، وليس بالنسبة الى طرف أو آخر لمحاولة تقوية نفوذه. ونحن الآن في نهاية هذه العملية، ونحن في حاجة إلى الوصول إلى نقطة حيث يقرر الأطراف أنهم يريدون حلا ولهذا أتيت إلى هنا في تشرين الثاني، وذهبت إلى تل أبيب والقدس. وعدت إلى هنا الآن لأرى ما إذا كان الطرفان يريدان اتفاقا. إذا كانوا يريدون الاستمرار في المفاوضات، فلا بأس بذلك. لكن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أن تكون جزءا من ذلك بالضرورة. لذلك أعتقد أن هناك فرصة سانحة الان. أعتقد أننا قمنا بتضييق الفجوات وأنه يمكننا التوصل إلى اتفاق. لكن في نهاية المطاف، الولايات المتحدة ليست طرفا فيه.

واكدت مصادر مطلعة ان المفاوضات قطعت شوطاً وسط تكتم شديد حرصاً على نجاحها وهي «مقلعة».

وقالت اوساط مطلعة لـ”الجمهورية” انّ “ما عرضه هوكشتاين اكثر من خط هوف ولكنه أقل من ان يَفي لبنان حقه”. واشارت الى انه أوحى بتحذير ضمني وديبلوماسي من خلال القول “أنّ عليكم القبول بهذا العرض لأنه قد يكون آخر فرصة والوقت يضيق، وانتم في حاجة إليه لأنّ من شأنه تخفيف وطأة الازمة التي ترزحون تحتها”. وأشارت معلومات “الجمهورية” الى ان المسؤولين لم يكشفوا كل اوراق لبنان امام الوسيط الاميركي، ورفضوا خط هوف وكذلك الاستثمار المشترك او التشارك مع اسرائيل في الحقول، بحيت تكون له حقوقه المستقلة ولا يتشارك فيها مع اسرائيل او اي شراكات يمكن شركات ان تعمل عليها.

وفي الوقت الذي غادر هوكشتاين بيروت متوجّهاً الى جهة مجهولة بالنسبة الى المسؤولين اللبنانيين الذين لم يسألوه عن وجهته المقبلة، ترددت معلومات عن انه قصد اسرائيل لإجراء مشاورات لساعات قليلة فيها قبل أن يغادرها الى واشنطن حيث لديه التزامات عدة مرتبطة بمعالجة مجموعة الإشكاليات التي تسببت بها المفاوضات المتعثرة لجهة تزويد الدول الأوروبية الغاز الروسي الناجمة من تداعيات ازمة اوكرانيا والمخاوف من اي عمل عسكري روسي يستهدفها ويمكن ان يؤدي الى تعليق إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا في حال اضطرت أوروبا الى فرض عقوبات على موسكو.

وقالت مراجع سياسية وديبلوماسية لـ”الجمهورية” ان كثافة الاتصالات واللقاءات التي عقدها هوكشتاين في بيروت أوحَت بأن لديه كماً من السيناريوهات التي يمكن ان تؤدي الى استئناف المفاوضات اللبنانية – الاسرائيلية غير المباشرة في الناقورة بعد التفاهم على الخطوط العريضة للحدود المحتملة لأقتسام المناطق المتنازع عليها في المنطقة بعيداً مما هو متداول به من خطوط.

وفي التفاصيل استنتجت المراجع المعنية ان الجديد في مهمة هوكشتاين انتهاء البحث بعد اليوم بما كان يسمّى بـ”خط هوف” ومنطقة الـ”860 كلم” التي كان النقاش قائما حول اقتسامها بين لبنان واسرائيل. ونقل المفاوضات الى منطقة وضعت “الخط 23″ في مقدمة البحث مع احتمال أن تتوسع حصة لبنان باتجاه المنطقة الفاصلة عن الخط 29 المقترح من الجانب اللبناني بـ”نتوءات” محددة تواكب التثبّت من حدود ما يسمّى حقل “قانا” من الجانب اللبناني و”كاريش” من الجانب الاسرائيلي من دون ان يشير الى هذين الحقلين بالتحديد، وهو ما يؤدي الى البحث في خطوط متعرجة من ضمن منطقة الـ 1430 كيلومترا الجديدة التي يحدثها الترسيم الجديد.

وعلى هذه الخلفيات كشفت المصادر لـ”الجمهورية” ان لقاءات عدة عقدها هوكشتاين مع عدد من المسؤولين من دون الإضاءة عليها. فهو الى جانب اللقاءات المعلن عنها مع رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة التقى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزير الطاقة وليد فياض وتناول طعام العشاء على مائدة الوزير السابق الياس بوصعب المكلف من رئيس الجمهورية ملف المفاوضات تمهيداً للقاء الذي سيجمعه في اليوم التالي مع رئيس الجمهورية.

والى جانب لقاءاته مع قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم التقى هوكشتاين المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا في اعتبارها من الأطراف المعنية بالمفاوضات التي تستضيفها قيادة قوات “اليونيفيل” في مقرها في الناقورة، وأطلعها على مجموعة الصيغ المقترحة وما يستلزم التوصّل الى تفاهم لاستئناف المفاوضات المجمدة منذ مطلع أيار من العام الماضي بنحو مفيد للطرفين.

وبعد سلسلة اللقاءات التي عقدها فياض مع هوكشتاين إبّان الندوة في “مؤسسة مي شدياق” واللقاء الذي جمعه به في محادثات بعبدا الى جانب وزير الخارجية، رفضَ فياض الغوص في اي تفاصيل في شأن طروحات هوكشتاين الجديدة، معتبراً انها “طروحات ايجابية يمكن البناء عليها”.
ولفتَ الى ان الجانب اللبناني طلب من هوكشتاين مزيدا من التفاصيل التي تترجم العروض الشفهية التي تقدم بها لِتضاف الى ما حمله من الدراسات والنصوص المتصلة بالصيغ الجديدة التي طرحها”.

من حهة أخرى، أشارت “الانباء الكويتية”، الى ان طروحات كثيرة حملها هوكشتاين الى لبنان، دون الكشف عنها، الا بالنذر اليسير من البنود التقنية، المتداولة إعلاميا، مع مجانبة واضحة للأمور السياسية.

المصادر المتابعة لاحظت ان هوكشتاين ركز على اظهار ان الخلاف على النقطة المركزية لترسيم الحدود البحرية، وبالتالي ان الحل يبدأ بتنازل إسرائيل عن «خط هوف»، وهذا ما يبدو انه عاد به من تل ابيب، مقابل ان يتخلى لبنان عن خط 29، الذي قيل ان رسالة الرئيس اللبناني ميشال عون الى الأمم المتحدة مؤخرا، المحت اليه، دون ان تذكره او تتبناه، مع جزء من حقل «قانا»، وبعيدا عن حقل «كاريش» الذي تعتبره إسرائيل، ملكا خالصا.

المصادر المتابعة كشفت لـ«الأنباء» عن جانب آخر، يجري التداول به خلف الكواليس، وخلاصته ان الانتخابات النيابية، هي «بيت القصيد» في الملحمة الشعرية للمنظومة السياسية الحاكمة في لبنان الآن، والتي مهما اختلفت فيما بينها، فإنها تتوحد عند المصالح المتبادلة. وتشير المصادر الى حجم الالحاح الدولي على اجراء الانتخابات التشريعية في لبنان، مقابل برودة وتردد او عزوف المعنيين بهذه الانتخابات، ما يعني ان ثمة من يطرح التأجيل للانتخابات النيابية، ومن ثم الرئاسية لسنتين اضافيتين، مقابل موقف لبناني إيجابي موحد من صفقة الترسيم، المطلوبة بإلحاح الآن، من الولايات المتحدة الأميركية الباحثة عن بديل للغاز الروسي الى أوروبا، وإسرائيل التي دهمتها المواعيد مع الشركات المتعهدة للتنقيب.

نقلت مصادر مواكبة لجولة المحادثات التي أجراها هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين لـ”نداء الوطن”، أن أبرز ما خلصت إليه النقاشات تمحور حول “الموافقة الأميركية على المطلب اللبناني بعدم التشارك مع إٍسرائيل في أي حقل نفطي وغازي، فضلاً عن تجاوز مسألة الخطوط في التفاوض راهناً وحصره بمسألة توزيع الحقول الذي يسهّل ترسيم الخط البحري”، مشيرةً إلى أن “هوكشتاين سيحمل إلى إسرائيل الأجوبة النهائية من لبنان ليصوغ بعدها مقترحات مكتوبة لكي تتم مناقشتها مع الجانب اللبناني، على أن يضمن أي اتفاق في هذا الصدد وضع آلية تنفيذية تصلح في حال تحقيق اكتشافات نفطية جديدة مستقبلاً”.