ماذا تعني المراسلة بين “الخارجيّة” و”الداخليّة”؟ وما علاقتها بالطعن المنتظر؟

  • Nov 12, 2021 - 7:24 am

اكتسبت رسالة وزارة الخارجية الموجهة إلى وزارة الداخلية حول صعوبة اجراء الانتخابات للمغتربين خارج الاراضي اللبنانية وفقاً للمهل المعدلة تبعاً لاسباب عدة، منها استحالة الانتهاء من التدقيق في طلبات التسجيل للاقتراع وصعوبة تحديد مراكز للإقتراع ضمن المهل المحددة، وصولاً الى صعوبة استئجار مراكز او الحصول على اذونات وموافقات من الدول الاجنبية… إكتسبت أهمية خاصة كونها بدت وكأنها مؤشر باتجاه العمل نحو تأجيل الاستحقاق، أو عرقلته لأسباب إدارية ولوجستية.

ولهذا كان اللقاء السريع بين وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزير الداخلية بسام المولوي لتوضيح الالتباس الذي نتج عن هذه الرسالة، خصوصاً وأنّ وزير الداخلية استغرب “كيف يوجّه وزير الخارجية هذا الكتاب وهو يعلم أن هذا الموضوع لا يدخل ضمن صلاحياته، وكان الاجدى به أن يرسله الى الجهة المعنية”.

في الواقع، ينصّ قانون الانتخابات، في المادة 116 منه على أنه “تحدد اقلام الاقتراع بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات، بعد التنسيق مع وزير الخارجية والمغتربين وذلك قبل عشرين يوماً على الاقل من التاريخ المقرر لاجراء الانتخابات، ولا يجوز تعديل هذا التوزيع خلال الاسبوع الذي يسبق تاريخ اجراء الانتخابات الا لأسباب جدية وبمرسوم معلل”.

وإذا ما افترضنا أنّ الانتخابات ستجرى في 27 آذار المقبل وفق التعديل الأخير الذي أدخله مجلس النواب، فهذا يعني أنّ غير المقيمين سيدلون بأصواتهم في السابع من آذار المقبل، كحدّ أقصى، ويفترض أن تكون البعثات الديبلوماسية جاهزة بطواقمها واستعداداتها اللوجستية قبل هذا الموعد. وعلى هذا الأساس أيضاً تمّ تقريب المواعيد اللوجستية المطلوبة لكي يتمكن غير المقيمين من الإدلاء بأصواتهم.

يؤكد الوزير بو حبيب لـ”نداء الوطن” أنّ الكتاب المرسل من جانبه لا يحمل في طيّاته أي قنابل موقوتة يُراد منها تفخيخ الاستحقاق لتأجيله، مؤكداً أنّ وزارة الخارجية تعمل على أساس أنّ الانتخابات ستجرى في موعدها، وهو اليوم المحدّد في القانون بـ27 آذار، لافتاً إلى أنّ مهلة التسجيل لغير المقيمين ستنتهي في العشرين من الجاري وسيتمّ الإلتزام بالمهل الدستورية.

لكن في المقابل، أشار إلى أنّ تقريب موعد الانتخابات من الثامن من أيار إلى 27 آذار، انعكس بدوره على الاستعدادات لمشاركة غير المقيمين، حيث تحتاج هذه العملية إلى سلسلة اجراءات لوجستية تقوم بها البعثات الديبلوماسية بالتنسيق مع وزارة الداخلية. ولكنّ ثمة عائقيْن من شأنهما تأخير هذه الاجراءات، أولهما العطل الرسمية خلال عيدي الميلاد ورأس السنة حيث تلتزم البعثات بروزنامة الدول في هذه الفترة، ما يمنعها من القيام بما هو مطلوب من تحضير لوائح الراغبين في المشاركة في الاستحقاق، وترجمتها والتدقيق مع وزارة الداخلية وتجهيز مراكز الاقتراع في البعثات الديبلوماسية، وهي اجراءات مكثفة تحتاج إلى وقت. أما العائق الثاني فهو الانخفاض المستمر لموظفي البعثات الديبلوماسية ما قد يعرقل سير العمل في هذه البعثات.

ولكن بو حبيب يؤكد أنّ وزير الداخلية أبدى كل تعاون في مجال المهل الموضوعة لا سيما في ما خصّ تاريخين أساسيين: أولاً، تاريخ الأول من كانون الأول المحدد لإرسال قوائم المسجلين بعد التدقيق بها. وثانياً، تاريخ الخامس عشر من كانون الثاني 2022 كمهلة لايداع جداول أقلام الاقتراع المقترحة من قبل وزارة الخارجية.

وقد تفاهم الجانبان على تمديد هذه المهل لكي تتمكن البعثات الديبلوماسية من انجاز مهمتها على أكمل وجه، ما يسمح لغير المقيمين من الإدلاء بأصواتهم في الموعد المحدد بلا أي تأخير أو عراقيل.

الى ذلك، وصفت مصادر قانونية مواكبة لـ”نداء الوطن” ما ورد في كتاب الوزير بوحبيب بأنه لا ينفصل عن سياق الطعن، ويأتي في الإطار السياسي أكثر منه التقني وكأنه رفع عتب أو على قاعدة “اللهم إشهد أني قد بلّغت”. واستغربت المصادر ما ورد في كتاب وزير الخارجية، إن لجهة الصياغة أو لجهة المضمون، فالمسؤولية تقع على الحكومة مجتمعة وهناك دور ومسؤولية على وزارتي الخارجية والداخلية، وهناك لجنة مشتركة بين الوزارتين لها علاقة بتنظيم موضوع إنتخابات المغتربين وكان يفترض أن يناقش هذا الأمر داخل اللجنة وليس عبر المراسلات العلنية.

وتساءلت المصادرعما إذا كانت هذه الخطوة التي ليست إحالة إدارية عادية، تشكّل تمهيداً لتأجيل الإنتخابات النيابية المقبلة سيما وأنها تمهّد أيضاً للطعن في القانون، كما أنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام والأسئلة حول التوقيت والمضمون، وخصوصاً ما ورد لجهة جائحة “كورونا” والإستعانة في المادة 66 من الدستور أو جزء منها، والضعف في الصياغة لجهة تسمية المادة بالفقرة واستخدام جزء منها بطريقة غير واضحة.

من جهة أخرى، لفتت “نداء الوطن” الى ان وبتأكيد مسؤولي الاحزاب والمنسقين في بلاد الاغتراب فان الحركة الانتخابية انطلقت ولكن بدرجات متفاوتة. تحل “القوات” و”التيار الوطني الحر” في المراتب الاولى من حيث العمل على حث اللبنانيين على التسجيل للمشاركة في العملية الانتخابية، فيما لا يزال الثنائي الشيعي يتعاطى ببرودة نوعاً ما، وهناك اطراف سياسية لا تضع ثقلها في حشد غير المقيمين كـ”تيار المردة” والاسباب كثيرة، اولها عدم وجود امكانيات مالية. أما “تيار المستقبل” فإن المسؤولين فيه يعملون باهتمام بالغ ولافت. ففي حين تتأكد يوماً بعد يوم نية زعيم التيار سعد الحريري في عدم الترشح، فان “المستقبل” يبدو ناشطاً اغترابياً ولا يقتصر تواصله على ابناء طائفة بعينها خلافاً للاحزاب الاخرى.

تفاهم على التمديد: بدورها، أشارت “الجمهورية” الى ان على صعيد استحقاق الانتخابات النيابية، وفي خطوة لتوضيح التفسيرات الخاطئة التي رافقت تسجيل وزارة الخارجية ملاحظاتها على المِهل الإدارية التي اهتزت بفعل تقديم موعد هذا الاستحقاق شهراً ونصف شهر تقريباً من 8 ايار الى 27 آذار، عُقد أمس في وزارة الداخلية لقاء بين وزيري الداخلية والخارجية القاضي بسام مولوي وعبدالله بوحبيب، خُصّص للبحث في التحضيرات الجارية ومدى ملاءمتها للمِهل القديمة التي كانت قد رُسمت قبل تعديل موعد اجراء هذه الانتخابات.

وقالت مصادر اطلعت على مضمون الاجتماع لـ«الجمهورية»، انّ بوحبيب عبّر عن قلقه من تآكل المِهل نتيجة تقديم موعد الانتخابات، فهي مِهل حُدّدت سلفاً قياساً على الموعد القديم الذي كان مقرّراً في ايار المقبل، وقد لا يتسع الوقت لإجراء الترتيبات الخاصة المحدّدة في الأول من كانون الثاني المقبل بعد إقفال باب تسجيل أسماء المنتشرين الراغبين بممارسة حقهم من حيث يقيمون في مختلف دول العالم في 20 تشرين الثاني الجاري.

وعليه، وعندما اكّد بوحبيب الحاجة الى مزيد من الوقت من أجل استكمال الترتيبات الادارية والتقنية المطلوبة لضمان إجراء الانتخابات المقرّرة في السفارات والقنصليات في أفضل الظروف المطلوبة، تمّ التفاهم على اعطائها مهلة إضافية لإتمام ما تنوي القيام به، بغية تسهيل العملية الانتخابية وضمان مشاركة المنتشرين في العالم. ولفت مولوي الى انّ هناك وقتاً كافياً، فإن تأخرت الخارجية لايام او اسابيع محدودة فلن تؤخّر عن اجراء العملية في مواعيدها، وهو ما ادّى الى التفاهم بينه وبين بوحبيب على المضي في الترتيبات المتخذة، وخصوصاً انّ أرقام المشاركين في الخارج بدأت تتجاوز الأرقام في انتخابات العام 2018، ولا بدّ من الاستعداد لما هو متوقع من نسبة عالية للمشاركة.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»، انّ الحديث عن وجهات نظر مختلفة قد ينعكس سلباً على مشاركة المنتشرين، لا أساس له من الصحة، وانّ التفاهم بين الوزيرين انهى مثل هذه السيناريوهات الوهمية التي نسجها البعض. وجاء تأكيد مولوي التزام الحكومة ببيانها الوزاري إجراء هذه الانتخابات، بمثابة تأكيد يشاركه اياه بوحبيب ايضاً من دون اي التباس. وهو ما تمّ التوصل اليه من خلال خطة العمل لضمان القيام بالتحضيرات اللازمة لتطبيق القانون وإجراء الانتخابات للمقيمين وغير المقيمين في مواعيدها القانونية. كذلك تمّ التفاهم على تعزيز خطوات التعاون بين الوزارتين، بالنظر الى استعدادات وزارة الخارجية والمغتربين للقيام باللازم ومواصلة الخطوات التي تقوم بها مع البعثات في الخارج.