أسرار ما حصل في الجلسة الحكوميّة الأخيرة

  • Nov 9, 2021 - 9:03 am
باختصار، لن تنفع في الوقت الراهن سياسة تدوير الزوايا التي ينتهجها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإعادة إحياء حكومته. ففي بعض المحطّات، يكون من غير المجدي الاحتكام إلى قاعدة إمساك العصا من وسطها، ولا بدّ من موقف واضح وصريح وقرار حازم. أقلّه هكذا ينظر الثنائيّ الشيعيّ إلى الملفّ الحكومي الذي صار مرتبطاً ارتباطاً عضويّاً بمصير المحقّق العدليّ في قضية مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
 
ولعلّ أكثر ما يزعج الثنائي هي المواقف الملوّنة التي يتسلّح بها شركاؤه الحكوميّون، وهم يعرفون جيّداً أنّ سلوك البيطار مشوب بعطب جوهريّ بفعل الاستنسابيّة التي جعلت مساره أعوجَ، ولن يوصله إلى الحقيقة أو العدالة، وإنّما إلى أجندة سياسية ذات غايات مشبوهة. وما الفوضى الواقعة في العدليّة إلا دليل حسّيّ إضافيّ على أنّ التحقيق العدليّ محاط بعلامات استفهام غير بريئة.
 
تقول مصادر مواكبة إنّ الجولة، التي قام بها موفد الجامعة العربية السفير حسام زكي، تكتسب طابعاً استطلاعيّاً، وهي محاولة خجولة من جانب الجامعة العربية لمعالجة الأزمة مع السعودية
 
يعود أحد وزراء الثنائي الشيعي إلى جلسة 12 تشرين الأول الشهيرة التي عقدها مجلس الوزراء قبل أن تحلّ عليه لعنة “التعطيل”، والتي استهلّها المجتمعون بأن طلب وزراء الثنائي البحثَ عن صيغة تُعيد تصويب التحقيقات العدليّة بعدما سرد وزير الثقافة محمد مرتضى سلسلة ارتكابات سُجِّلت في سياق التحقيق القضائي. اللافت يومها أنّ وزيريْ العدل والداخلية، وكلاهما وافدان من الجسم القضائي، أثنيا على المطالعة التي قدّمها مرتضى. فكان توافقٌ بين الجميع، ومن بينهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذي لم يتردّد في حينه بوصف عمل القاضي البيطار بـ”الشعبويّ”، على الطلب من وزير العدل القيام بما هو لازم لتحقيق حسن سير العدالة، خصوصاً أنّ النقاش الذي دار حول احترام مبدأ فصل السلطات قاد إلى أنّ تعيين المحقّق العدلي يتمّ بقرار من السلطة السياسية وبمبادرة من وزير العدل بعد التفاهم مع مجلس القضاء الأعلى.
 
يجزم الوزير أنّ مجلس الوزراء في تلك اللحظة اتّخذ قراراً يقضي بالطلب من وزير العدل القيام بما هو لازم لتصحيح المسار القضائي وتنقيته من شوائبه، وهو التعبير ذاته، الذي استخدمه رئيس الحكومة فيما بعد، في دليل على عدم اقتناعه بسلوك المحقّق العدلي. ويكشف الوزير ذاته أنّ رئيس الجمهورية عاد بعد أقلّ من عشر دقائق لينقلب على ما سبق أن وافق عليه، ويُعرب عن رفضه للقرار المتّخذ تحت عنوان “فصل السلطات”. ولو أنّ تلك المسألة شهدت شرحاً مطوّلاً من وزير الثقافة أفضت إلى موافقة الحاضرين على وجهة نظره، وتدوين ذلك في المحضر، بدليل أنّ مجلس الوزراء انتقل إلى جدول أعماله بعد التوافق على بند التحقيقات العدليّة.
 
ولهذا يؤكّد الوزير أنّ العقدة القابعة في خشبة الحكومة هي القاضي طارق البيطار. وها هو المكتب السياسي لحركة “أمل” يعيد التأكيد أنّ “استمرار البيطار في أدائه المسيّس يحمّله مسؤوليّة حرف الدعوى عن المسار القانوني”. ويشير إلى أنّه “لا جلسات لمجلس الوزراء قبل إعادة تصويب هذا المسار. وتقع المهمّة الأولى والأساس في هذا الإطار على عاتق وزير العدل هنري خوري ومجلس القضاء الأعلى اللذين عليهما حسم النزاع سلباً أو إيجاباً، فإمّا تأكيد صوابيّة عمل المحقّق العدلي وإمّا تصحيح مساره”.
 
 
يعتقد رئيسا الجمهورية والحكومة أنّ استقالة وزير الإعلام قد تكون مدخلاً للحلحلة، ويتردّد أنّ الأوّل بادر إلى الإشارة إلى نيّته مفاتحة الثنائيّ الشيعيّ بهذا المخرج الذي قد يدفع باتجاه حلٍّ ما
 
وتقول مصادر مواكبة إنّ الجولة، التي قام بها موفد الجامعة العربية السفير حسام زكي، تكتسب طابعاً استطلاعيّاً، وهي محاولة خجولة من جانب الجامعة العربية لمعالجة الأزمة مع السعودية. وتشير إلى أنّ زكي “لم يطرح مبادرة متكاملة، لكنّه لمّح إلى أنّه لو كان وزير الإعلام جورج قرداحي استقال فور خروج كلامه إلى العلن، لكان بالإمكان تجنّب المسار التصعيدي”. إلا أنّه بالنتيجة لم يطرح أيّ خارطة طريق.
 
ويعتقد رئيسا الجمهورية والحكومة أنّ استقالة وزير الإعلام قد تكون مدخلاً للحلحلة، ويتردّد أنّ الأوّل بادر إلى الإشارة إلى نيّته مفاتحة الثنائيّ الشيعيّ بهذا المخرج الذي قد يدفع باتجاه حلٍّ ما.
 
في المقابل، يقول أحد وزراء الثنائيّ الشيعي إنّ الأمور لا تزال في مربّعها المعقّد:
 
– لا جلسة لمجلس الوزراء قبل معالجة أزمة “اعوجاج” التحقيقات العدليّة.
 
– لا نيّة أبداً للطلب من وزير الإعلام الاستقالة، خصوصاً أنّ “حزب الله” أشاد بمواقف قرداحي، فكيف يمكنه الضغط عليه للاستقالة. ولذلك خيار الاستقالة هو قرار فرديّ.
 
إقرأ أيضاً: ميقاتي لا يفكّر بالاستقالة… ويراهن على إحياء حكومة الإنهيار
 
– لا إمكانيّة للمشاركة في أيّ جلسة لمجلس الوزراء وعلى جدول أعمالها إقالة وزير الإعلام، خصوصاً أنّ الثنائيّ متيقّن أنّ أزمة السعودية ليست في كلام قرداحي ولا في مواقفه.

كريستال خوري – أساس ميديا