8 آذار تُفاوض “على رأس” قرداحي: ما الثمن؟

  • Nov 2, 2021 - 7:30 am

بين خبث وسذاجة وقلّة مسؤولية، تتفاوت مواقف أفرقاء السلطة في بيروت إزاء سبل معالجة ‏الأزمة المستفحلة مع الخليج العربي، بينما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في غلاسكو ‏يسخّر كل لقاءاته وجهوده على هامش قمة المناخ لمحاولة تشكيل “لوبي” عربي – دولي يعينه ‏على تطويق أزمة “الاحتباس الحراري” المحتدمة مع المملكة العربية السعودية ويجنّبه تجرع ‏كأس الاستقالة المرّة مرّةً ثانية في مسيرته الحكومية‎.

‎وفي الداخل، تشكل “لوبي” مضاد رافض للتجاوب مع المساعي التي يبذلها ميقاتي لتبريد نار ‏الأزمة تحت الأرضية الحكومية، حيث يتقاطع العهد مع “حزب الله” عند ضرورة عدم تقديم ‏تنازلات “مجانية” للسعودية من قبيل الإطاحة بوزير الإعلام جورج قرداحي. إذ نقلت مصادر ‏واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” معلومات تفيد بأنّ “قوى 8 آذار لا توصد الباب نهائياً أمام إمكانية استقالة ‏قرداحي في سبيل الإبقاء على الحكومة بعدما لمست جدية في عزم رئيسها على الاستقالة في ‏حال بقي التعنت سيّد الموقف”، كاشفةً أنّ “الجهات السياسية المعنية بالتفاوض “على رأس” ‏قرداحي بدت خلال الساعات الأخيرة منفتحة على خيار استقالته لكنها لا تزال تحجم عن تقديم ‏هذه الورقة من دون مقابل، ليتركز البحث تالياً حول “الثمن” الذي يمكن تحصيله على طاولة ‏الحوار مع السعودية لقاء المضي قدماً بهذا الخيار‎”.

ومن “أوراق القوة” التي يلوّح بها العهد العوني و”حزب الله”، استمرار الدعم الأميركي ‏للتركيبة الحكومية القائمة، وهو ما تباهت به صراحةً قناة “المنار” مساءً بإشارتها إلى أنّ ‏‏”الحكومة محمية بقرار أميركي – فرنسي”، بالتوازي مع تعميم موقع “التيار الوطني الحر” ‏معلومات منقولة عن “مصادر سياسية رفيعة” تؤكد أنّ “الجانب الأميركي غير راضٍ عن ‏الخطوات (السعودية والخليجية) المتخذة بحق لبنان”، على اعتبار أنّ “الأميركيين يبدون ‏خشيتهم من أي فوضى في لبنان” لما لهذا الأمر من تأثير “على الاستحقاق الانتخابي وملف ‏ترسيم الحدود” مع إسرائيل‎.‎

بدورها، أشارت “الجمهورية” الى ان إذا كان لبنان يعاني أصلاً من حصار أزمات خنقه اقتصادياً ومالياً وسياسياً وانتخابياً وقضائياً وطائفياً، فإنّ الازمة الديبلوماسية مع دول الخليج، فرضت على الحكومة المعطّلة، عامل ضغط اضافي وشديد عليها، بحيث أُضيف اليها تعطيل جديد جعلها محاصرة بانقسام وزاري حول مقاربة الأزمة المستجدّة.

وقالت مصادر وزارية مؤيّدة لوزير الاعلام، انّه لم يخطئ لكي يُقال او يستقيل، وما قاله في تصريحاته حول حرب اليمن هو سابق لتوزيره، وبالتالي هذه التصريحات ليست هي السبب المباشر للأزمة الديبلوماسية مع السعودية وبعض دول الخليج، وكلام وزير الخارجية واضح جداً لهذه الناحية، حينما قال أخيراً «إنّ ازمة السعودية مع لبنان ترجع أصولها الى التكوين السياسي الذي يعزّز هيمنة «حزب الله» ويتسبّب باستمرار عدم الاستقرار».

اضافت المصادر: «من هنا ليس مقبولًا تحميل الوزير قرداحي مسؤولية الأزمة، وبالتالي كل مطالبة بإقالته او استقالته ستزيد الامر تعقيداً، وتدقّ مسماراً في نعش الحكومة المترنّحة اصلاً ويهدّد استمرارها، ثم من قال انّ استقالة قرداحي ستؤدي الى حلّ الأزمة الديبلوماسية الخليجية مع لبنان؟».

وفي المقابل، ألمحت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، الى المسؤولية المباشرة لقرداحي في التسبّب بهذه الأزمة، وانّ عليه ان يراعي مصلحة لبنان، وهو ما شدّد عليه رئيس الحكومة. وقالت المصادر، انّ على قرداحي ان يقدّر حجم الأزمة التي تسّبب بها، ويبادر الى اتخاذ قراره بالخروج من الحكومة بما قد يسهّل من حركة الوساطات مع السعودية لإعادة الامور الى ما كانت عليه». وقالت، انّه «في حال إحجام قرداحي عن اتخاذ القرار المنتظر منه، فإنّ مبادرة بعض الوزراء الى الاستقالة من الحكومة امر وارد جداً».

ولفتت المصادر الوزارية في هذا السياق، الى رسالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي توجّه فيها الى الوزراء، بدا وكأنّه يمهّد من خلالها لخطوة ما قد يُقدم عليها، حينما ختمها بقوله: «اللهّم اشهد اني قد بلّغت»، مشيراً الى فشل مناشدته وزير الاعلام «بأن يغلّب حسّه الوطني على أي امر آخر»، ومحذّراً من الانحدار الى منزلق كبير جداً، ومن ان نقع في ما لا يريده أحد منا، ما لم نتدارك هذه الأزمة سريعا».