استدعاء جعجع الى اليرزة: وصاية الترهيب

  • Oct 26, 2021 - 7:53 am

أشارت “النهار” الى ان مع مضي مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ومن يقف وراءه بطبيعة الحال من مراجع وقوى معروفة، في اجراء استدعاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى فرع التحقيق في مخابرات الجيش في اليرزة صباح الأربعاء، يكون قد سقط آخر رهان عقدته قلة قليلة من المعنيين على الرئيس ميشال عون بأنه لن يشارك ولن يسمح باستدراج السنة الأخيرة من عهده الى أسوأ تجارب الوصاية السورية عام 1994 إبان عهد الرئيس الياس الهراوي. اذ كان الظنّ، ولو واهياً، ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون مدركاً اكثر من الجميع الخطورة القصوى لانكشاف سلطة أمنية وأخرى قضائية تتصرف باستقرار البلاد على نحو أحادي كما حصل في استدعاء جعجع ولو بصفة “مستمع اليه” من جانب المنطقة والجهة التي تعرضت لغزوة مسلحة، فيما لم يستدع لا زعيم “حزب الله” حتماً ولا أيضا رئيس حركة “امل” ولا أي مسؤول سياسي او امني في هذين التنظيمين المسلحين اللذين شاهد العالم مئات مسلحيهما في 14 تشرين الأول الحالي يستعرضون باعهم الميليشيوية الطويلة في اثارة الفتنة وتعريض لبنان لخطر حرب أهلية. والحال ان استدعاء جعجع شكّل في رأي مصادر حقوقية وقانونية بالدرجة الأولى، أسوأ انزلاق بعد الحملة الشعواء المتصاعدة على المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لمنطق العدالة والتجرد الذي بدا، في ظل الاستهدافين للمحقق العدلي أولا ومن ثم لجعجع من طرف واحد واستنسابي وأحادي ثانيا، سيعرض البلاد لدفع اثمان باهظة إضافية على مختلف المستويات الداخلية والخارجية. وبصرف النظر عما يمكن ان تكون عليه خطوة جعجع بإزاء حضوره غداً او تحفظه بالطرق والوسائل القانونية المتاحة، فان التداعيات الفورية للخطوة بدت شديدة القتامة ان لجهة اثبات ان وصاية الترهيب تهيمن فعلاً على جزء كبير من القضاء والأجهزة والدولة بما ظهر مع استجابة القائمين بهذا الاجراء للحملة الشعواء التي شنها “حزب الله”، وان هذا الانحراف يهدد بأخذ البلاد، عشية بدء السنة السادسة والأخيرة من عهد الرئيس ميشال عون الى متاهات لا يمكن التكهن بخطورتها ما لم يتم تدارك الاندفاع نحو هذا المنزلق الخطير. ثم ان وصاية الترهيب لم تتأخر في اظهار الانكشاف الحاد للسلطة السياسية والأمنية والقضائية التي تتماهى مع اتجاهات الانحياز لضرب القوة المسيحية الأشدّ خصومة للحزب والعهد اذ ان ترددات الاجراء خارجياً راحت في اتجاه أساسي هو اعتبار الدولة “دولة حزب الله” التي تستعيد تجربة تولاها الوصي السوري قبل اقل من ثلاثة عقود وآلت الى كارثة لا يزال الكثير من اثارها ماثلا حتى اليوم في الاختلال الذي يطبع الواقع السياسي الداخلي. ولم يكن غريباً ان تنهال التساؤلات عن سلطة تستدعي الطرف المعني بالمنطقة والمواطنين الذين تعرضوا للاعتداء والاختراق والترهيب، فيما لم يجرؤ مرجع او مسؤول ولا قضاء ولا جهاز حتى الان على مجرد استنكار اعلان زعيم “حزب الله” ان لديه مئة الف مقاتل متجاوزاً كل معايير الاستعلاء والاستقواء على الدولة، كما لم يتجرأ احد بعد على سؤال الجهة الأمنية او القضائية المعنية هل من بين الموقوفين او المدعى عليهم الـ 68 الذين اعلن انه تم الادعاء عليهم في احداث الطيونة وعين الرمانة شخص واحد من “حزب الله” ام لا ؟

اذاً وفي تطور ينذر بتداعيات سلبية واسعة واستجابة للحملة الشعواء التي يمضي “حزب الله” في تصعيد وتيرتها على “القوات اللبنانية” رئيساً وحزباً، استدعت مديرية المخابرات في الجيش الى التحقيق رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لصقاً على مدخل مقر “القوات” في معراب لسماع افادته حول قضية حوادث الطيونة – الشياح- عين الرمانة بصفة مستمع اليه في التاسعة من صباح غد الاربعاء في فرع التحقيق الخاص بها في وزارة الدفاع.

معالم التسييس: وفيما لم يعلن بعد أي موقف سيكون لجعجع من هذا الاجراء قال مصدر في “القوات اللبنانية” لـ”النهار” أن “هذه الخطوة تأتي كمحاولة لضرب تمسك “القوات” باستكمال التحقيق في قضية تفجير المرفأ ولوقوفها مع المواطنين المدنيين في عين الرمانة وفرن الشباك للدفاع عن بيوتهم في وجه المسلحين الذين حاولوا اقتحامها، ما يؤكد أن هناك صيفاً وشتاءً تحت سقف واحد في قضية الطيونة، وأن القضاء يستهدف جهة من دون جهة أخرى معنية بهذا الحادث”.

واعتبر المصدر أنه “أصبح لملف استدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع 3 مستويات تؤكد تسييس القضية، أولاً طلب مفوض الحكومة عقيقي الاستماع الى الدكتور جعجع بصفة شاهد قبل أن تختم مديرية المخابرات التحقيق في أحداث الطيونة، فعلى ماذا استند في ذلك؟ ثانياً، بعدما تحول هذا الملف للقاضي صوان كمحقق عسكري ظل عقيقي مصراً على طلب استدعاء جعجع في وقت لم يعد هو المسؤول عن الملف، ما يخلق جواً من الريبة ويؤكد تسييس القضية”. واعتبر المصدر أن ” من يتابع كتابات ومقالات الاعلاميين التابعين لحزب الله يجد أنه أصبح لديهم تفسيرهم الخاص للقوانين، وكأنهم نصبوا أنفسهم كمسؤولين عن القضاء ومساره التحقيقي، وهنا تسأل القوات، كيف يتم استدعاء أبناء عين الرمانة وفرن الشباك الذين تعرضوا للهجوم وكانوا في موقع الدفاع عن النفس، ومن بينهم مناصرون لـ”القوات”، ولا يتم استدعاء الذين اعتدوا على هذه المناطق لاعتبارات سياسية باتت مكشوفة للجميع، ووفق ما تقدم أي عدالة ستطبق في هذا التحقيق”.

وقال المصدر القواتي في حديثه لـ”النهار” انه “لا يراهن أحد اليوم ولا غداً ولا في المستقبل على وضع “القوات” في مواجهة الجيش اللبناني، لأنها كانت وما زالت مع فرض القوانين والعدالة، أي أنها في طريقة غير مباشرة مع الجيش في تطبيق القوانين والعدالة، ولا تتصور أن يأتي يوم تتخلى فيه المؤسسة العسكرية عن منطق القوانين والعدالة”.

3 خيارات أمام جعجع… و”مش واردة” مع الجيش: من جهة أخرى، كتب داني حداد في موقع ام تي في: الحدث هو سمير جعجع. بالأمس واليوم وغداً، حين لن يحضر الى الموعد الذي تبلّغه لصقاً. عجقة في معراب، وملامح ترقّب واضحة على بعض الوجوه. جعجع مطمئنّ. باردٌ حيناً، وساخر أحياناً.

تسمع في معراب كلاماً عن فجواتٍ قضائيّة في ملف أحداث الطيونة – عين الرمانة و، خصوصاً، في دعوة جعجع للاستماع إليه.

وتسمع أيضاً اتّهاماً مباشراً لحزب الله بتوجيه القضاء، أقلّه عبر أعلامه، ضدّ “القوات”. يسأل مصدرٌ: لماذا لم يُستدعَ زعماء آخرون لهم صلة بهذه الأحداث؟

ولكنّ الكلام الأهمّ في معراب هو الذي يكرَّر بلسان بعض المقرّبين من جعجع: فليحجم الجميع عن المراهنة، اليوم وغداً وبعده، على وضع “القوات”  في مواجهة الجيش اللبناني.

“نحن في جبهةٍ واحدة، إذ أنّ حزب “القوات” يطالب بفرض القوانين والعدالة، والجيش يقوم بالأمر نفسه.

وتشير المعلومات الى أنّ عدد الموقوفين حاليّاً هو ١٩ يتوزّعون على الشكل الآتي: ١٥ شاب من من أبناء عين الرمانة المؤيّدين لـ “القوات”، ٣ من “أمل” وعسكري واحد في الجيش. في حين أنّ المطلوبين الآخرين الذين صدرت بحقّهم مذكرات توقيف يتوزّعون مناصفةً تقريباً بين الحزبين.

وفي حين عمّم قائد الجيش على المقرّبين منه عدم تسريب معلومات عن التحقيقات مع الموقوفين، يؤكّد مصدر أنّ هناك من يحاول زجّ الجيش بالصراع الحاصل، بينما هو على مساحة واحدة من الجميع، وهو حاول التريّث قبل إبلاغ جعجع. كما سلّمت نسخة عن الدعوة الى مختار معراب والى النيابة العام التمييزيّة، وفق الأصول.

ويبدو أنّ رئيس “القوات” سيكون، إن لم يحضر غداً الأربعاء، أمام ثلاثة خيارات: الأول، ختم الملف. الثاني، إصدار مذكرة بحث وتحرٍّ بحقّه. الثالث: إصدار مذكرة جلب.

أما في حال مَثُل جعجع، فسيُطرح عليه سؤالان:

الأول، ما صحة إيوائك لمطلوبين؟

الثانية هل أخذ المتّهمون أوامر منك لإطلاق النار؟

بعد كلّ ما سبق، يبدو أنّ هناك من يريد دعوة جعجع الى اللعبة نفسها. كما تراني يا جميل أراك، فإن كان مع القضاء فليكن معه في كلّ شيء. وقد نصل يوماً ما، وهو المرجّح، الى مقايضة ما بين ملفّين…