حالة من الترقب والحذر، خيّمت على الأجواء الأمنية والسياسية في لبنان، بعد «خميس الطيونة» الدامي، فالجيش اللبناني يمسك بنواصي الشوارع الفاصلة بين المحاور القديمة المتجددة، في محلتي الشياح وعين الرمانة، أما الحراك السياسي، الذي كان يجب ان يبدأ بجلسة طارئة لمجلس الوزراء، فما زال هامدا، بانتظار معالجة الشروط المتبادلة، وأبرزها شرط حزب الله، «قبع» المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، وتوقيف مطلقي النار على المتظاهرين، قبل عقد أي جلسة للمجلس.
وعن ارتدادات التطورات على وضع الحكومة، فإن المصادر المتابعة أكدت لـ «الأنباء» الكويتية ان الحكومة باقية مهما بلغ العصف الكلامي حدة، لأنه في حال طارت حكومة ميقاتي، طارت الانتخابات النيابية بالتأكيد ومعها الانتخابات الرئاسية حكما، ولذلك، لن تطير الحكومة ولن يطير المحقق البيطار، انما النقاشات القانونية منشغلة بالبحث عن مخرج يرضي مختلف الأطراف.
ويعتبر مصدر وزاري لبناني ل”الشرق الأوسط”أن ما حصل في قضية البيطار “ترك ندبة في جسد حكومة ميقاتي”، مشيرا إلى أن الوزراء الذين يفترض أن يكونوا من فريق عمله لم يتأخروا كثيرا في تسديد ضربة كبيرة له بتهديدهم بالانسحاب من حكومة لم تكد تعبر الشهر الأول من عمرها، وهذا يرسم مسارا مقلقا لعمل الحكومة المستقبلي.
وأكد مصدر حكومي لبناني لـ”الشرق الأوسط” أن موقف ميقاتي لم يتغير منذ اليوم الأول، لأنه ببساطة لا يمكن للحكومة التدخل في عمل القضاء، وأن ميقاتي لا يمكن أن يسجل على نفسه سابقة من هذا النوع.
وفيما بدا أنه استمرار لهذا النهج، اجتمع ميقاتي أمس مع وزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه، حيث بحث المجتمعون في ملف الأحداث الأمنية التي حصلت في الطيونة، وضرورة الإسراع في التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة لما حصل وإحالة المتسببين بهذه الأحداث على القضاء المختص. وكان رئيس الجمهورية ميشال عون اجتمع أول من أمس مع وزير العدل هنري خوري، في خطوة وضعت في إطار البحث عن مخارج لأزمة التحقيق في انفجار المرفأ.
وشدد ميقاتي خلال اجتماع أمس على أن “الملف الكامل لما حصل هو في عهدة الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء المختص”، مؤكدا أن “الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء، وأن على السلطة القضائية أن تتخذ بنفسها ما تراه مناسبا من إجراءات”. ويجتمع مجلس القضاء الأعلى بعد غد الثلاثاء مع القاضي البيطار للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق في قضية انفجار المرفأ.
وكانت تسريبات تحدثت عن إمكانية قيام المجلس بإحالة الموضوع إلى الغرفة الثانية في محكمة التمييز، فيما يطالب “الثنائي الشيعي” وآخرون بإحالة ملف الوزراء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ودخل التحقيق في تعقيدات إضافية على ضوء الانقسامات السياسية على إجراءات القاضي البيطار، حيث يتهمه “حزب الله” وحركة “أمل»” بتسييس التحقيقات و”الاستنسابية” في الاستدعاءات، بينما يدعم حزب “القوات” إلى جانب “التيار الوطني الحر” وفرقاء آخرين إجراءاته. ورفض نادي قضاة لبنان الدعوات لرد بيطار ودافع عن القضاء ودعا إلى الكف عن العبث “في آخر حصن في فكرة الدولة”.