كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
هل بدأت فرمَلَة “الزّوغة” الفرنسية، ومرحلة العمل على دفع باريس الى “الصَّحْصَحَة”، والدّخول في “فكرات” ما بعد “سَكْرات” الإتّفاقات والتوافُقات مع إيران، حول ملفات عدّة في الشرق الأوسط، ومنها الحكومة اللبنانية، والدّخول الفرنسي الإقتصادي الى العراق، بما يعود بالفرنسيّين الى أرض الواقع الدولي، وعَدَم الجنوح بعيداً جدّاً؟
تفويض
صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية ليست بعيدة من السّماح بـ “الزّوغة” الفرنسية مع إيران، إلا أن خبراء في الشؤون الأميركية رأوا في تصريح مديرة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي باربارا ليف، عن أن روسيا والصين تسعيان لتعزيز نفوذهما فيه (الشرق الأوسط) على حساب مصالح الولايات المتحدة، يحمل رسائل خفيّة لفرنسا أيضاً، ويذكّرها بضرورة الإلتزام بحدود التفويض الأميركي الممنوح لها في تلك المنطقة.
إقتصاد
فالمسؤولة الأميركية أعلنت جهاراً أن رؤية الرئيس الأميركي جو بايدن للشراكة مع دول الشرق الأوسط، تأتي ضمن سياق أوسع للتحدّيات المتزايدة التي تواجه قيمنا، وهي قِيَم المجتمع المفتوح والإقتصاد المفتوح، أي القيم التي يقوم على أساسها النظام الدولي. ورغم أنها أشارت الى أن هذه التحديات تأتي من جانب الصين وروسيا، عبر توسيع نفوذهما على حساب مصالح الطرف الآخر الذي تمثّله الولايات المتحدة في المنطقة (الشرق الأوسط)، اعتبرت بعض الأوساط أن الرسالة الأميركية واضحة لأوروبا أيضاً، ولفرنسا تحديداً، حول أن لا مجال بسماح أميركي بتعامُلات “إرتجالية” مع إيران فيه (الشرق الأوسط)، قد يفرضها حفظ بعض الخطوط مع طهران، حتى ولو كانت الأخيرة تؤمّن دخولاً إقتصادياً لفرنسا أو لسواها من الأوروبيين، في بعض ساحات دول المحور الإيراني.
ترامب
وعلى وقع استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في باريس أمس، بما يُشبه “شدشدة براغي” أميركية في الشرق الأوسط، بعد اتّصال ماكرون – رئيسي (الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي) قبل أكثر من أسبوع، أتى مُثيراً للإهتمام، الغضب الفرنسي الشديد من جراء انسحاب أستراليا رسمياً من صفقة شراء غواصات من فرنسا، وإطلاقها شراكة أمنية مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما دفع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الى القول إن أستراليا وجّهت “طعنة في الظهر” لفرنسا، وأن الرئيس الأميركي جو بايدن اتّخذ قراراً مُفاجئاً، كما كان يفعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
لبنان والأثمان
وينسجم الغضب الفرنسي هذا، مع تأكيد خبراء في الشؤون الأميركية، أن بخطوتها تلك، ترسم واشنطن الكثير من الخطوط الحمراء ليس للصين فقط، بل لفرنسا أيضاً، وإن كان ضمن أسباب وأهداف كثيرة ومختلفة بين باريس وبكين.
فأين موقع لبنان من تسديد كل تلك الحسابات، ومن كل تلك التباينات، لا سيّما بعدما شكّل إحدى الساحات التي أخذت فيها فرنسا، لتدفع بعض الأثمان في غيرها؟
مجلس بلدية
رأى النائب السابق فارس سعيد أن “مصالح فرنسا محدّدة، وهي صديقة لإيران في الشرق الأوسط”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “المساعي الفرنسية في لبنان أدّت الى تشكيل الحكومة الحالية، التي هي مجلس بلدية “لبنان الكبير” الذي يديره (رئيس الحكومة) نجيب ميقاتي. أما الحكومة بالمفهوم السياسي الفعلي، فيديرها “حزب الله”.
رفض
وأوضح سعيد:”أُعطِيَ ميقاتي جانب حَلْحَلَة أمور اللبنانيين، من مياه وكهرباء ومازوت وغاز، وغيرها من الأمور، وكأنه رئيس مجلس بلدية “لبنان الكبير”. أما التوجُّه السياسي الحكومي الحقيقي، فهو ليس في يده (ميقاتي)، بل في يد “حزب الله”.
وأضاف:”الولايات المتحدة الأميركية لم تنسحب من لبنان. ولا مجال لحسابات حالية في الشرق الأوسط، من مستوى أن الأمور حُسِمَت، وقُضِيَ الأمر”.
وختم:”المنطقة ضمن جوّ ينام على شيء، ويصحو على آخر، لمدّة عشر سنوات ربما. والمطلوب منّا كلبنانيين هو أن لا نغرق في الفنجان، وأن نحافظ على ثوابتنا، بموازاة رفضنا الإنتقال من احتلال سوري الى إيراني، مهما كانت الظروف، وموازين القوى”.