بلبلة في زحلة بعد بيان يُبشّر بالعتمة..

  • Aug 11, 2021 - 9:15 am

لم ينجح المؤتمر الصحافي الذي عقده مدير عام شركة كهرباء زحلة أسعد نكد، في امتصاص الصدمة التي أحدثها بيان صادر عن الشركة مساء الإثنين، يدعو فيه الى تأمين مادة المازوت فوراً، وإلا ستضطر الشركة الى إطفاء محركاتها بعد 48 ساعة. فقد دقّ البيان ناقوس الخطر من شح كبير في مادة المازوت، سيوصلها في حال لم تتوفر الكميات الكافية الى وقف التغذية كلياً في زحلة و16 بلدة تقع ضمن نطاق الخدمة التي تقدّمها الشركة، ما يعني عملياً حرمان 300 ألف مشترك من الكهرباء، بعدما كانت هذه المنطقة تحديداً مضرب مثل بخدمة الكهرباء المتواصلة 24 على 24 ساعة.

بحسب المصادر، فإن شركة كهرباء زحلة لم تتسلم أي كمية مازوت منذ ثلاثة ايام، فيما مخزون المازوت لديها يتناقص منذ أكثر من شهرين، وقد ساهمت في ذلك عدة عوامل، ومن بينها التقنين القاسي الذي تعتمده مؤسسة كهرباء لبنان، والذي وصل في بعض الأحيان الى قطع الكهرباء كلياً لثلاثة أيام متواصلة، الى تجفيف الاسواق من المادة خلال الأعياد، وصولاً الى تأمين التغذية حالياً من ثلاثة مخارج فقط من بين 11 مخرجاً تؤمن تغذية مؤسسة كهرباء لبنان للمنطقة.

إذاً، تبدو الأزمة مفتوحة على إحتمالات واسعة في المرحلة المقبلة، حتى لو نجحت الشركة بتأمين كميات تكفيها لأيام وأسابيع. وقد شبّه نكد الواقع بقنبلة موقوتة تهدد بإنفجار إجتماعي في لبنان عموماً، مذكّراً بالقطاعات التي رفعت الصوت قبله لتشكو من شح المادة.

ومع ذلك، لم يتمكّن الزحليون من إستيعاب صدمة البيان. فبالنسبة لهم هم مدركون تماماً فشل الدولة العاجزة عن تأمين الكهرباء منذ سنوات طويلة، وقد وضعوا كل ثقتهم بشركة كهرباء زحلة، التي شكّلت نموذجاً للإدارة الناجحة لقطاع الكهرباء في ظل فشل الدولة. إلا أن أحداً لم يكن يقدر أن تتحول الشركة كما أعلن نكد، ضحية غرق لبنان بأزماته، ولذلك رفض تحويلها كبش محرقة في المعارك السياسية القائمة، قائلا: “أنا شركة تنتج الكهرباء ولا أنتج المازوت، وإذا لم يتوفر المازوت فمن اين أؤمن الكهرباء”.

تحمّل نكد في مؤتمره المسؤولية، واعتبر أن الكهرباء حلمه، وعدم تأمينها إنهيار لهذا الحلم، ومع ذلك بقي وقع البيان أقوى من كلامه بالنسبة للزحليين، واعتبره البعض محاولة لتنصل الإدارة الحالية من مهمّاتها، وكال لها الإتهامات بتقصّد إطفاء الكهرباء للضغط على المواطنين، الأمر الذي نفته مصادر في الشركة لـ”نداء الوطن”، مؤكدة أن “الشركة تخسر عندما تقنّن ولا تربح، وبالتالي لديها المصلحة التامة بتأمين التغذية المتواصلة، حتى لو كانت تعاني حالياً من إرتفاع سعر الدولار”.

“صدق” نكد كما أكد بمصارحته المواطنين حول المشكل، ولكن الناس لا تريد سماع المشكل، بل تريد الحلول، وكيف تخطط الشركة لإجتياز المرحلة المقبلة، وهل ستظل تلوّح بوقف محركات مولدات الشركة كلما شحّت المادة.

لا شك أن شركة كهرباء زحلة تمر في أصعب ظرف بالنسبة لتأمين مادة المازوت، وقد ذكر نكد ذلك في مؤتمره الصحافي، مشيراً الى انه حتى في حرب تموز وفي حروب سنة 1976 و1982 لم تنقطع مادة المازوت، وبالتالي فإن ما يحصل يشكل سابقة، تضع المواطنين بمواجهة بعضهم، الى حد وقوع الصدامات التي تحصد الضحايا في مختلف المناطق.

ولكن إذا كان نكد قد اعتبر أن المازوت سيشكل “قنبلة موقوتة” تفجّر الواقع الإجتماعي في لبنان عموماً، فإن توفر الكهرباء في زحلة يشكّل شريان الامل الوحيد الذي يعتزّ به الزحليون واهالي القرى التي تتغذّى من شركة كهرباء زحلة. ليس سهلاً على أبناء المدينة ان يتعايشوا مع الواقع الجديد، خصوصاً وان كل المحاولات لتأمين البدائل تصطدم بتراجع الإمكانيات، وهو ما يخلّف تداعيات كبيرة يعيشها ابناء مدينة زحلة تحديداً، وتجارها الذين باتوا عاجزين حتى عن فتح أبواب مؤسساتهم صباحاً، بسبب ساعتي التقنين الممتدّتين حتى الحادية عشرة صباحاً.

الواقع مؤلم للزحليين، وبالتالي من السهل عليهم أن يوجهوا سهامهم مباشرة الى الشركة.

إلا أن محاولات جرت أمس لتحويل الغضب بإتجاه من اعتبر “الطرف المسبّب للمشكل” أي الدولة والمسؤولين فيها، من خلال دعوة للإعتصام وجهتها الهيئة الزحلية، وهي هيئة تأسست عملياً بدعم مباشر من نكد، وحمّلت في بيانها الدولة مسؤولية التقاعس وإلإستهتار الذي سيغرق زحلة في العتمة، ودعت الى أوسع مشاركة في إعتصام ستنفذه اليوم لتأمين حاجة كهرباء زحلة من المازوت.