عمّال بلا عمل… منهم من ترك ومنهم من ينتظر

  • May 6, 2021 - 9:44 am

تمرّ الأعياد على اللبنانيين شأنها شأن سائر الأيام العادية، وتغيب معها البهجة التي تحوّلت نقمة على الأوضاع المعيشية التي يعيشها الناس بفعل تعنّت السلطة في إيجاد الحلول للأزمة الراهنة ووضع البلاد على سكة الإصلاح والنهوض بما تبقّى من الوطن.

يستعدّ المسلمون لعيد الفطر على بعد أيام مصحوباً بالحديث عن رفع الدعم الذي أصبح في آخر أيامه، سبقه عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، وما بينهما عيد الفصح لدى الطوائف الشرقية بعد أيام، ليبقى الجامع بين الأعياد والطوائف جميعاً تردّي أوضاع الناس التي أصبحت في الحضيض وزاد معها الفقر والجوع، وكشف عدم المسؤولية لدى أهل الحلّ والربط في تقديم التنازلات والإبتعاد عن تقاسم الحصص كرمى لعيون المواطنين.

تتزايد التحذيرات حول رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات أواخر شهر أيار، ما يضع اللبنانيين في مواجهة مفتوحة مع الواقع الذي سيصلون إليه، ويفقدون معه القدرة على تأمين متطلباتهم الحياتية التي تتيح لهم البقاء والصمود، وتتجه الأنظار إلى عودة الإحتجاجات والنزول إلى الشارع والتي ستكون هذه المرة ثورة جياع ستصل إلى منازل المسؤولين وأملاكهم، وإن كانت ثورة الجياع التي أطلق تسميتها أمين عام “حزب الله” السابق الشيخ صبحي الطفيلي عام 1997 لم يكتب لها النجاح لظروفها وحيثياتها ضمن البيئة الشيعية، فإن الثورة اليوم وإن قامت بسبب الفقر والعوز الذي يصيب اللبنانيين لن تبقي ولن تذر.

مرّ عيد العمال هذا العام أيضاً وأوضاع العمال تحت خط الفقر، ترك معظمهم عملهم وهم الآن عاطلون عن العمل، زادت نسبة البطالة إلى مستويات عالية ما يهدد المجتمع اللبناني في أمنه الإجتماعي. ومع العيد أطل سياسيو لبنان يتمنّون للعمال أمنيات بتغريدات وأقوال لا تطعم ولا تسقي، يرددون شعارات ملّ منها من يبحث عن لقمة العيش لإطعام أولاده، ومن يقف على باب المستشفى ينتظر دوره، ويجول الصيدليات بحثاً عن علبة دواء. عيدٌ فقد معه العمال في بعلبك ـ الهرمل كل مقومات الصمود، وأصبح معظمهم خارج اعمالهم بفعل الأزمة الإقتصادية التي يعيشها لبنان، يبحثون عن الممكن لتأمين المستطاع، يجولون الساحات للبحث عن اي مهنة توفر لهم القليل من المال يعودون به في نهاية اليوم إلى عائلاتهم وبيدهم ربطة خبز.

يسأل أحمد إبن الخامسة والثلاثين عاماً عن الفرح في الأعياد هذا العام وكل عمال لبنان بلا عمل، ويشير في حديث لـ”نداء الوطن” الى أنه كان يعمل في أحدى الشركات في بيروت وأقفلت كسائر المؤسسات التي أصابها الإفلاس بفعل الأزمة، ليعود إلى مدينة بعلبك ويشتري سيارة مرسيدس ليعمل عليها، مضيفاً أن يوميته على التاكسي لا تكفيه ثمن خبز ودخان وأشياء بسيطة، وهو المسؤول عن نفسه فكيف بالحال لمن لديه عائلة وأولاد كيف يستطيع تأمين حياته وأكله وشربه؟، جازماً بأن رفع الدعم عن المحروقات سيدفع بالشباب للنزول إلى الشارع وعدم الخروج منه وإعلانها ثورة على الجوع، فعشرات الشباب ممن لا عمل لديهم اشتروا سيارة أجرة علّها تستطيع تخفيف الأعباء عن أهلهم.

وعلى المقلب الآخر يجلس محمد النابوش في منزله بعدما توقف عمله في المنشرة التي كان يعمل فيها، فأسعار الخشب وإرتفاع الأسعار وفق حديثه لـ”نداء الوطن” إرتفعت كثيراً ما دفع الناس إلى التوقف عن تفصيل الأبواب واكتفت بالتصليحات في حال كان لديها أي أعطال، وهذه الأعطال يقوم بها صاحب الورشة فهي لا تحتمل أكثر من عامل. وحول كيفية تأمين متطلبات عائلته يقول إن زوجته “ادخرت في السابق كم قطعة ذهب نبيع منها لنعيش وهي ليست بهذا الحجم أو السعر الجيد ولكن إرتفاع سعر الدولار يساعدنا قليلاً”، مستطرداً بأن “الدولار له حسناته وله سيئاته، وارتفاع سعر الصرف يجعلنا نستفيد من القطعة التي نبيعها بـ 300 دولار ونسدّ حاجاتنا”.

ولأن ربّ ضارةٍ نافعة يعتاش عدد من العمال اليوم من ورش البناء التي تنتشر في بعلبك ـ الهرمل بشكل كبير، وبعدما توقفت لسنوات لغياب الرخص وتمنّع وزارة الداخلية عن إعطائها كذلك البلديات بقرار من الأولى، غضت القوى الأمنية الطرف عن البناء منذ أشهر فانتشر كالنار في الهشيم وبدأ في كل الأحياء وعلى الطرقات العامة وفي الأماكن التي كانت غير مخصصة للبناء ومصنفة سياحية، وهو ما أتاح تأمين العمل لعدد كبير من العمال الذين كانت مهنتهم متوقفةً في السابق.