أوضح الأمين العام ل-“التنظيم الشعبي الناصري” النائب أسامة سعد في حديث ل-“القدس العربي”، أن “لبنان يعيش حاليا حالة من الانهيار على كل الصعد، وهناك فشل ذريع في مراكز القرار، وقوى السلطة غير مؤهلة لقيادة الناس. وهذه الحقيقة أصبحت واضحة أمام الرأي العام”، معتبرا أن “عدم وجود بدائل جاهزة عن قوى السلطة، يجعل البلد ينزلق الى حال من الفوضى والفراغ الذي كان من المفترض ان تملأه قوى وأحزاب”.
ولفت الى ان “هناك صراعا اقليميا بين الأقوياء الإقليميين، عبارة عن صراع لتقاسم النفوذ في المنطقة العربية ومنها بالطبع لبنان”، مؤكدا أن “إرادة الشعوب أقوى، لكنها ليست في حسبانهم. وما يتم العمل عليه والتفكير به لدى هذه القوى، هو التوازنات الاقليمية والدولية داخل الساحة اللبنانية، ما ينتج عنه صراعات، والشعب هو من يدفع الثمن”.
ورأى أن “أعظم ما أنتجته انتفاضة 17 تشرين، لم يكن فقط اسقاط نظام وحكومات، انما فضح منظومة سياسية فاسدة حكمت البلاد لسنوات عدة، وايضا كشفت فسادا وجرائم تمت في حق الوطن والمواطن. والأهم أن الانتفاضة انتجت جيلا من الشباب كان قد أقصي عن الحياة العامة وليس لديه خبرات على صعيد العمل السياسي والنضالي. وبطبيعة الحال هذه الفئة من الشباب لن تتراجع من الميدان”.
وأوضح أن “التنظيم الشعبي الناصري وقوى يسارية لبنانية أخرى كان لنا محطات عدة من الحراك الوطني والسياسي والشعبي للمطالبة بالتغيير”، واشار الى أنه “قبل انتفاضة أو ثورة 17 تشرين، قام التنظيم بتحركات عدة تحت مسمى الحراك الشعبي، وكانت جميعها مقدمات لهذه الانتفاضة التي أكملتها الحشود الشعبية التي نزلت الى الشوارع والساحات بهويتها الوطنية واعتراضها على فساد المنظومة السياسية، كما أن حجم الناس سبق المشروع الذي كنا نعمل عليه من دون أن يكون لدى هذه الجموع الخبرة السياسية الكافية والتجربة النضالية المطلوبة، مع العلم أن التنظيم شارك في هذه الانتفاضة التي لم تستطع ان تتحول الى ثورة. لان الثورة هي مطلب تغيير شامل، في حين أن الانتفاضة كانت تطلق شعارات ثورية وتقوم بالهجوم بهذه الشعارات، من خلال قواها الشبابية، ثم تعود الى التحليق بتطلعاتها وأحلامها، في الوقت الذي كان المطلوب منها أن تنزل الى الأرض وتثبت أقدامها من أجل أن تتبلور في مسار ثوري تغييري يهدف الى التغيير الشامل”.
ولفت الى أن “هناك مؤشرات لثورة مقبلة بدأت من تطلعات ورؤى الشباب وأحلامهم. لذا يجب النزول الى الأرض لبلورة قوة جيل الشباب ورؤيتهم. والمطلوب من القوى السياسية الجادة العمل على التجميع على الارض بهويتها الوطنية الواضحة وانحيازها للقوى الشعبية المنتجة، وهذا يحتاج الى عنصر الشباب ليكون فاعلا بما أنه صاحب الحق وصاحب المستقبل”، وقال: “على القوى، ونحن منها، واجبات تجاه جيل الشباب وأن نكون جسر عبور لهم وأن نبث في نفوسهم روح الامل. فالرهان الآن على جيل الشباب، وهم جاهزون ومدركون لدورهم ولما يترتب عليهم. وهناك فئة كبيرة من الشباب التي شاركت في الانتفاضة نتواصل معهم وهم يعملون على تجميع أنفسهم”.
اضاف: “نحن اليوم، مطالبون أن نشعل الثورة، ولهذا على القوى اللبنانية الجادة والمناصرة لحقوق الشعب ونحن منهم وفي مقدمتهم، وضع بالميزان خبرتها السياسية وتجربتها النضالية وأن نفتح ميادين الصراع للوصول الى تعديل موازين القوى بما يسمح بفتح مسارات للتغيير والتغيير الشامل أي الثورة”.
واشار الى انه “امام القوى اليسارية والناشطة من أجل التغيير عقبات كثيرة، أهمها أننا أمام منظومة فاشلة وغير مؤهلة أوصلت لبنان إلى انهيارات كثيرة، وهي تتحمل مسؤولية ما جرى ويجري على المواطن اللبناني من أوضاع سيئة ومتردية وحالة الانهيار العام التي أصابت البلد، وعلى الرغم ذلك، لا زالت هذه المنظومة ممسكة بمفاصل الدولة وتستخدم الطائفية لتنفيذ ما تريد ولكنها ضعفت وتفككت نسبيا. فالشعب أطلق صرخته ونزل إلى الشوارع والساحات، ولن يعود إلى السكينة قبل تحقيق أهدافه أو جزء منها كمرحلة أولى”.
وتابع: “للتنظيم الشعبي تاريخ كبير في معارضة هذا النظام، وتجربة النضال الطويلة التي خضناها أن نقدم كل مساعدة يحتاجها جيل الشباب الصاعد من دون أن يكون هناك أي هيمنة أو وصاية من قبل الأحزاب، وتجد شباب التنظيم الشعبي قادرا على تفهم الأمور وأن يتعاطى مع التحديات الموجودة بشكل سليم بحكم انتقال التجربة اليه. المطلوب من الاحزاب خصوصا اليسارية منها ان تتفاعل مع جيل الشباب المحتاج الى وقت لتنظيم صفوفه حتى يتسنى له المشاركة في عملية بناء الوطن”، واوضح ان “أي عمل ثوري يحتاج الى مؤسسات وأطر قادرة على تحمل أعباء هذا العمل لأنه يحمل الكثير من المخاطر والتحديات وله تداعيات كثيرة، وعلى الأحزاب ان تكون جاهزة ومنظمة وموحدة وأن يكون لديها مؤسسات على المستوى الشعبي والنقابي والاهلي”.
واشار الى أن “كل القوى والأحزاب المتضررة من الواقع القائم في لبنان وتعبر عن مصالح الشعب وتناضل بشكل جاد دفاعا عن لقمة عيش الفقراء في مواجهة الفساد والاستبداد هي جميعا قوى التغيير والثورة. هناك اختلافات بينها وهذا أمر طبيعي، لكن من الضروري أن تجمع ميادين الثورة كل هذه القوى لتحقيق الهدف المشترك والدفاع عن الشعب”.
ولفت سعد الى انه “ليس من إطار موحد يجمع قوى التغيير، لكن هناك مساعي جادة من أجل الجمع واللقاء في ميادين الثورة أو الانتفاضة، وهناك حوارات واتصالات لتذليل العقبات التي تحول دون ذلك لأن وحدة قوى التغيير تجعل حراك الثورة يسير بشكل أقوى ومنظم”.