الكلام لواشنطن والفعل للندن… رؤوس نووية جديدة قبل هجوم 2030؟!

  • Mar 18, 2021 - 10:23 pm

عندما تتحدّث الدولة التي منها تخرج سياسة العالم، أي بريطانيا، عن تخطيطها لزيادة العدد الأقصى للرؤوس الحربية النووية التي يُسمَح لها بتخزينها، من 180 إلى 260، بالاستناد الى مجموعة من التهديدات التكنولوجية والعقائدية المتزايدة، و(بالاستناد أيضاً) الى احتمالات نجاح شنّ هجوم إرهابي، كيميائي أو بيولوجي أو إشعاعي أو نووي، بحلول عام 2030، بموازاة “التهديد النّشِط” من روسيا، و”التحدّي المنهجي” من الصين، فهذا يعني أن الجدّ بدأ بالفعل، على مستوى الصّراع الدولي.

“بريكست”

صحيحٌ أن تلك الخطوة تلتقي مع مساعي بريطانيا لإعادة فرض نفسها، وللتذكير بأنها قوّة دولية بعد “بريكست”، إلا أن المتغيّرات الكبيرة والجوهرية في اللّغة العسكرية للندن حالياً، ومراجعتها الاستراتيجية الأخيرة الهائلة، والتي هي إحدى أهمّ المراجعات منذ سقوط الإتحاد السوفياتي، يكملها ما أوصت به الحكومة البريطانية حول توسيع النفوذ البريطاني في الهند ومنطقة المحيط الهادئ، من أجل مواجهة الصين التي تمثّل تهديداً للأمن الإقتصادي للمملكة المتحدة، وتحدّياً منهجياً لها.

“الناتو”

لفت العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر الى أنه “بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، أصبحت تعتبر أن تغيُّراً أساسياً يُحيط بها، ليس على الصّعيد الإقتصادي فقط، بل الاستراتيجي أيضاً، وذلك رغم وجود حلف “الناتو”. فقيامها بفكّ اللُّحمة مع الإتحاد الأوروبي الذي يشبه دولة كونفيديرالية لكلّ أوروبا، جعل لندن تفكّر بأنه لا بدّ لها من أن تعيد النّظر بالسلاح الاستراتيجي الذي تملكه، خصوصاً أن روسيا عادت لتلعب دور القوّة العظمى، مع تغيير في منظومتها الاستراتيجية، وتحسين قدراتها النووية كثيراً”.

وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “الخطط البريطانية هذه تنسجم أيضاً مع واقع أنه لم تتبلور بَعْد، حتى الساعة، استراتيجيا أميركية واضحة تُظهِر مدى وإمكانيّة التزام الولايات المتحدة الأميركية بالدفاع عن أوروبا ضمن “الناتو”، خلال عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك بعد الجفاء بين واشنطن والأوروبيين بسبب تقاسُم تكاليف ميزانيّة الحلف، خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب”.

الصين؟

وأوضح عبد القادر أن “المنظومة النووية البريطانية تقادَمَت، ولم تتجدّد مع مرور الزمن، ولا سيّما بين عامَي 1989 و2021. ولذلك، لا بدّ من تجديدها، بما يتطلّب النّظر الى الأنظمة المتطوّرة، على صعيد نوعية القنابل النووية، والرؤوس إذا ما كانت لقنبلة واحدة أو لعدّة قنابل يمكنها أن تنشطر في الجوّ، وتذهب الى أهداف مختلفة. فكل هذا يتطلب إعادة نظر، بما فيه المقذوفات التي تحمل السلاح النووي”.

وردّاً على سؤال حول أن الخطوة البريطانية تلك، تنقل الصراع الغربي عموماً مع الصين، الى منعطفات أخرى أكثر جدية، أجاب:”برزت الصين كقوّة جاهزة لتعلب دور القوّة العظمى في أي مواجهة شاملة. وهذا قد يدعو كل الأوروبيين الى إعادة النّظر في أنظمة دفاعهم الاستراتيجي”.

وأضاف:”بريطانيا قد تكون مهتمّة حالياً بمسرحَيْن استراتيجيَّيْن، أكثر من منطقة شرق آسيا”.

روسيا

وشرح عبد القادر:”الأول، هو المسرح الأوروبي، بسبب عودة روسيا الى لعب أدوار هجومية الى حدّ ما، استناداً الى ما حصل في أوكرانيا، واحتلالها شبه جزيرة القرم، وإتباعها للإتحاد الروسي، فيما لا يزال الغرب يبحث عن حلّ لهذه القضية”.

وأضاف:”أما المسرح الثاني، فهو الشرق الأوسط. فخلال الأعوام القليلة الماضية، شاهدنا نشاطاً للبحرية البريطانية في منطقة الخليج العربي وبحر العرب، من أجل حماية السّفن التجارية البريطانية، وناقلات النفط التي تعبر في مضيقَي “هرمز” و”باب المندب”.

 وختم:”هذه أيضاً من الأسباب التي تضغط على الاستراتيجيا البريطانية، وتُبرِز الحاجة الى تجديد لندن قدراتها العسكرية”.