الاستثناءات تسري على الجميع… الا المدعى عليهم؟

  • Jan 31, 2021 - 7:30 am

منذ نحو 20 يوما تسلّم المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان ملفّ التحقيقات من محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجّار، بعدما تم رد طلب الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر، الرامي إلى تعليق كل إجراءات التحقيق بانتظار بت بطلب نقل القضية من يد صوّان وتعيين محقق عدلي بديلاً عنه، بسبب ما أسمياه «الارتياب المشروع». رد الطلب يعني ان القاضي صوان عاد الآمر الناهي بهذا الملف. لكن رغم ذلك قرر الخضوع لقرار الاقفال العام ووقف استجواباته بحجة ان المدعى عليهم سيتعذر عليهم الحضور للتحقيق بسبب منع التجول المفروض… وكأن من الصعب اصدار استثناءات لهؤلاء في ظل الاستثناءات المعطاة شمالا ويمينا، علما انهم قد يكونون مستثنيين اصلا اذا كانوا نوابا ووزراء ومسؤولين في الدولة.

وقد فتح هذا التلكؤ الباب واسعا لمجموعة من الاسئلة حول ما اذا كان القاضي صوان لا يزال يتعرض لضغوط للتنحي عن الملف من دون ان يتضح ما اذا كان قد اتخذ قراره استكمال عمله حتى النهاية مهما كانت التحديات والمخاطر المحيطة به ام انه يفكر حقيقة برفع الراية البيضاء بعد 6 اشهر على الكارثة!

ومن المفترض ان يستمع صوان لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس مع كل ما يحيط بذلك من علامات استفهام حول ما اذا كانوا سيمثلون بسلاسة امامه ام انهم سيلجأون لخطوات قانونية جديدة تؤخر التحقيقات معهم وبذلك التحقيق بالملف ككل!

ومن ابرز الملفات الموضوعة على طاولة المحقق العدلي ملفات اخلاء سبيل عدد من الموقوفين، خاصة وان ملفات بعضهم انسانية لجهة وضوح عدم تهم او مسؤوليات بحقهم.

وبعكس الركود الذي يشهده الملف من جهة القاضي صوان، يمكن الحديث عن حركة لافتة على الصعيد القضائي والامني الدولي. اذ انه وبعد أصدار الأنتربول الدولي مذكرات توقيف دولية بحق مالك الباخرة «روسوس» التي نقلت نترات الأمونيوم من جورجيا إلى مرفأ بيروت وقبطانها، والتاجر الذي اشترى هذه المواد، وتعميم هذه المذكرات عبر النشرة الحمراء لتنفيذها، بات التحقيق اقرب الى التدويل.

وعلى هذا الخط، علم ان المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، يحضر ملفّ استرداد التاجر البرتغالي الذي اشترى نترات الأمونيوم من جورجيا لصالح موزنبيق، جورج موريرا، على ان يطلب من السلطات البرتغالية تسليمه الى لبنان لاستجوابه ومحاكمته.

ومن المتوقع ان يطلب المحقق العدلي فور استعادة نشاطه، من الانتربول وعبر النيابة العامة التمييزية تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق مالك الباخرة «روسوس» التي نقلت نترات الأمونيوم من جورجيا الى بيروت وطاقم الباخرة. وبحسب المعلومات فان مالك الباخرة «روسوس» خضع للاستجواب في قبرص، أمام محققين من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تنفيذاً لاستنابة قضائية، وهو اكد اعطاءه الأمر لقبطان الباخرة بأن يعرّج على مرفأ بيروت لنقل معدات ضخمة عائدة لشركة «سبكتروم» الروسية استخدمتها في عمليات الحفر والتنقيب وإجراء دراسات عن وجود النفط والغاز في منطقة البترون في شمال لبنان، لنقلها الى ميناء العقبة في الأردن».

ومن المفترض ان يبني صوان على المعلومات والمعطيات الجديدة التي باتت بحوزته خاصة بما يتعلق بشركة «Agroblend» التي تعاقدت مع مالك سفينة «روسوس» لنقل نيترات الأمونيوم من جورجيا الى الموزمبيق، والتي اكدت السلطات البريطانية انها غير مسجلة في جزر العذراء البريطانية، اي أن عقد النقل مزوّر والشركة وهمية، ما يفتح الباب واسعا امام تساؤلات كثيرة مشروعة حول الاهداف غير المعلنة من الاعتماد على شركة وهمية وحقيقة ما كان يخطط له والوجهة النهائية للباخرة والنيترات التي كانت على متنها.

بالمحصلة، يحق لاهالي الضحايا ولآلاف الجرحى والمتضررين من الانفجار، كما يحق لنا كلبنانيين بعد مرور نصف عام على الكارثة ان نحصل على بعض الاجوبة الشافية اذا ما تعذر معرفة الحقيقة كاملة… لا كورونا ولا كل الحجج والمبررات التي تساق مقنعة امام هول ما حصل… ولا شيء الا الحقيقة ومحاسبة المرتكبين والفاسدين والمقصرين كفيلين بالتخفيف من حدة النيران المشتعلة في داخل كل منا غضبا واستنكارا ورفضا لمرور جريمة مروعة بحجم جريمة المرفأ مرور الكرام!

بولا مراد- الديار