اللواء عثمان: ثمة بقعة ضوء تكبر يومًا بعد يوم…

  • Nov 12, 2020 - 12:55 pm

تساءل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان عما إذا كنّا بدأنا بالخروج من النفق الأسود الذي دخلنا فيه منذ نحو عام وشهدنا خلاله ما لا يتخيله عقل”، وقال في كلمة له في العدد الجديد لمجلة “الأمن” الصادر صباح اليوم: بصيغة التمنّي من رجل أمن… أسأل:

هل بدأنا بالخروج من النفق الأسود الذي دخلنا فيه منذ نحو عام، وشهدنا خلاله ما لا يتخيَّله عقل من أزمات صحيَّة وماليَّة واقتصاديَّة ومعيشيَّة وسياسيَّة، انعكست على حياة المواطنين سلبًا، وتسبَّبت بتوتُّرات على أكثر من صعيد، وإذا ما استمرَّت ستؤدِّي ربما إلى مزيد من حالات فوضى نحن في غنى عنها؟
ثمة بقعة ضوء تكبر يومًا بعد يوم، وتكاد تنير المشهد من جديد، فنلمح جهدًا حقيقيًّا لإعادة الأرضيَّة الأساس لكلِّ عمليَّة إنقاذيَّة عاجلة للوطن الجريح… الأرضيَّة السياسيَّة التوافقيَّة التي تبدأ منها كلُّ العلاجات المطلوبة بالاقتصاد والاجتماع.
بقعة الضوء هذه توافرت فقط بفضل المبادرة الإنقاذيَّة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تقدَّم حين ظنَّ الجميع أنَّ لبنان فقد كلَّ أصدقائه في العالم، وتُرك ليواجه وحيدًا مصيرًا مشؤومًا، فمدَّ يده للمساعدة ما أعاد الأمل بإمكان وقف الانهيار غير المسبوق.
والمبادرة بما تتضمَّنه من بنود، ليست شيكًا على بياض، إذ تتطلَّب من السياسيين أولًا تقديم مصلحة البلد وأبنائه على أيِّ مصلحة أخرى، والشروع فورًا بإصلاحات تأخَّرت طويلًا، وما عاد ممكنًا تأجيلها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل غرق السفينة نهائيًّا.
وليس خافيًا على أحد أنَّ هذه المبادرة جاءت وسط انقسامٍ سياسيٍّ داخليٍّ حادٍّ، وفي ظلِّ عزلة خارجيَّة يعيشها لبنان، وهي بالتالي ربما “الفرصة الأخيرة” للإنقاذ الذي يتطلَّع إليه اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم ويراهنون على استعادة “بيئة وطنيَّة نظيفة” ينمو فيها مجدَّدًا التفاؤل بالوطن ومستقبله.

إنها فرصة حقيقيَّة لا يمكن إضاعتها لأيِّ سبب كان لأنها الفرصة الأخيرة، والمسؤوليَّة تقع أولًا على القوى السياسيَّة المطالَبة بأن تكون على قدر المرحلة التاريخيَّة الخطيرة، فلا ترسِّخ سمعة لبنان بأنه بلد الفرص الضائعة.
الإختلاف واردٌ بين البشر ولا يجب أن يصلَ إلى الخلاف، فإذا كان لأحدٍ وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر أخرى حتّى ولو وصلت إلى مبادئ أساسية فعليه أن يعرض عنها.
التسامح هو الأساس والوطن هو الإنتماء والدين هو السلام والمحبة. فالله سبحانه وتعالى دعانا إلى ذلك، في آية… فأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتّى يَخُوضوا فِي حَديثٍ غَيرِهِ…
وعلى القوى السياسيَّة أن تدرك حقيقة أن اللبنانيين، وبعد كل ما عايشوه، باتت لهم أولويَّات راسخة لا تتوافق بالضرورة مع رؤى هذه القوى… فالأولوية للإصلاح على الصعد كافة ليستعيد الجميع ثقتهم بالوطن.