موسم الصيد: بين المخالفات واستنكار الحركة البيئيّة

  • Nov 8, 2020 - 6:37 am

ككلّ عامٍ ينتظر الصيّادون و«الهواة» موسم الصيد على أحرٍّ من النّار. تحقّقت رغبتهم مع افتتاح وزارة البيئة موسم الصيد لهذا العام وأعلنت عن البدء من 17 أيلول بتلقي طلبات رخص الصيد البري للموسم الحالي الممتد من 22 أيلول ولغاية 15 شباط. لكن هذه السّنة الوضع مختلف تماماً، إذ قوبل قرار الوزارة برفضٍ من الجمعيّات البيئيّة، خاصّةً وأنّ مخالفات قانون الصيد كثيرة. كيف قوبل قرار الوزارة من أصحاب الإختصاص والبيئيين، وهل الوزارة أجابت؟ وما دور قوى الأمن الفعلي لردع المخالفين؟

في ظل الأوضاع الاقتصادية وما يرافقها من انخفاض مستوى الحفاظ على الأمن ربّما سيكون من السهل على بعض الصيادين التفلت من سطوة القوانين والتفرغ لصيد ما هو مسموح أو غير مسموح صيده، على الطيور النادرة اوعلى المهددة بالانقراض.

الحركة البيئيّة بوجه الإنتهاكات

قبل الإعلان عن افتتاح موسم الصيد الحالي، اجتمع المجلس الأعلى للصيد البري بحضور وزير البيئة وقد أُبلغت الحركة البيئيّة اللبنانيّة بأنه تقرّر خلال الإجتماع فتح موسم الصيد 2020 – 2021»». عندها أعربت الحركة البيئيّة عن إستنكارها: «نستنكرهذا القرار العشوائي غير المدروس الذي اتخذ في غياب الاخصائي البيئي في علم الطيور والثدييات وممثل الجمعيات البيئيّة المستقيل من هذه المهمة منذ سنتين ولم يعيّن ممثلٌ آخر لتاريخه».

ابرز ما جاء في الكتاب الموجّه لوزارة البيئة قبيل الاجتماع: «نطالب بتعليق موسم الصيد في ظل المخالفات البيئية المستمرة وموجة الحرائق والأوضاع الصعبة وتفلت السلاح». في هذا السّياق يشير النّاشط البيئي ورئيس الحركة البيئيّة بول أبي راشد: «أرسلنا هذا الكتاب لوزير البيئة وللمسؤولة عن ملفّ الصيد في الوزارة قبيل الإجتماع، لكنّه لم يُقرأ ولم يعمل الوزير على عرضه على الحضور، ما يدلّ على عدم اعطاء اي أهميّة للجمعيّات البيئية الرافضة للقرار والممثّلة بالحركة البيئيّة. علماً أن هذا القرار غير المسؤول، إتُّخذ على الرغم من معارضة مدير عام وزارة البيئة وممثلة المجلس الوطني للبحوث العلمية».

انتهاكات بيئية واسعة

كثرٌ هم من عاينوا المجازر البيئيّة بحقّ الطيور هذه السنة قبل وبعد افتتاح الموسم. صورٌ انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي، ومخالفاتٌ من عكّار للجنوب. في منطقة صور كان آخرها صُوَرُ طيور «الكركي» التي تباهى بها صيّادوها وكأنّها اعتزازٌ وقوّة بصيدِ طيورٍ كبيرة، نادرة ولا تؤكل. هنا يضيف أبي راشد انّ الإنتهاكات واسعة وما من أحد يردع المخالفين إلا بعد وقوع المجزرة فعلى السلطات المعنيّة تحمّل المسؤوليّة قبل وقوع المحظور. ويؤكّد انّ لو الوزارة والقوى الأمنيّة أثبتا إنضباط والتزام في السنوات وحتى الأشهر الماضية لما كانت الحركة البيئيّة تقدّمت بهذا الكتاب وكانت مانعت فقط الصيد العشوائي. إنّما الفشل بالتعاطي مع المخالفات وعدم المقدرة على وقف التعديات بحق الطيور هو ما دفعها لرفع الكتاب».

ثروة بيئيّة لا تُقدّر!

الطيور التي تمرّ فوق لبنان هي حوالى 600 مليون طير سنويّاً، ولبنان يعدّ ثاني أكبر ممرّ للطيور المهاجرة في العالم بحسب أبي راشد. فالبجع، اللقلق، الجوارح، الحَوم، البواشق وغيرها من الطيور المحظّر صيدها مجبرة بالمرور فوق لبنان نظراً لنوعيّة هوائه الساخن الذي يساعدها بالعبور.

هذه المشاهد لآلاف الطيور في سماء لبنان تُعدّ نُدرة باستطاعتها ان تستقطب سيّاح عالميين وملمّين بالطبيعة للتمتّع بالمنظر الذي لا يتكرّر ولا في أي بلد في العالم. فتحُ موسم الصيد استبق بجرائم خطيرة بحق هذه الطيور نشرت صورها على وسائل التواصل الإجتماعي ولاقت استهجاناً وادانة من الجمعيات البيئية الأوروبية، ما أيضاً ورد في كتاب الحركة البيئيّة «كيف يتخّذ هكذا قرارٍ بحق الطيور المهاجرة التي تعتبر ثروةً وملكاً للإنسانية». متسائلة: «كيف أنه في ظلّ كل المشاكل والتحديات البيئية التي يعاني منها الوطن، وخصوصاً بعد تفجير المرفأ، لم يشغل الوزارة والمجلس الأعلى للصيد البري سوى موضوع فتح موسم الصيد». يضيف أبي راشد: «هذا يدلّ على ان المجلس الأعلى للصيد البري هو مجلسٌ لبائعي الخرطوش وبواريد الصيد وهمّه الأوحد جني الأموال».

صحيحٌ ان القوى الأمنيّة تعمل على تسطير محاضر ضبط بحقّ المخالفين او توقيفهم. صحيحٌ انّها دعت المواطنين بتوثيق المخالفات، تصويرها وإرسالها إلى شعبة العلاقات العامة عبر فايسبوك، وعلى خدمة «بلغ»، على موقعها الرسمي. لكن هل يكفي اتّخاذ اجراء بحقّ المخالف بعد وقوع المحظور؟ والسؤال الأبرز كيف يعقد المجلس الأعلى للصيد البري اجتماعاً لفتح موسم الصيد، وبعد تلك المخالفات بغضون أقلّ من شهر لا يعقد اجتماعاً آخر لاتّخاذ ولو أي تدبير؟!

سابين الأشقر- الديار