هل ستسقط حكومة الرئيس حسّان دياب في الشارع، بسبب الإحتجاجات الشعبية التي تجد أنّها كسواها من الحكومات السابقة تُطبّق المحاصصة في التعيينات الإدارية وفي كلّ الملفات الأخرى، ولأنّه بعد مرور أكثر من مئة يوم على وعودها بإجراء تغييرات جذرية لتنشيط الإقتصاد اللبناني، لم تتمكّن من تحقيق أي شيء، لا بل وصل انهيار الليرة اللبنانية مقابل الإرتفاع الجنوني لسعر الدولار الأميركي الى أدنى مستواه ؟ وهل هذا المطلب هو شعبي داخلي فعلاً أم أميركي أولاً، الهدف منه إسقاط الحكومة الحالية وتشكيل أخرى تكون قادرة على نزع سلاح حزب الله، لتتمكّن «إسرائيل» من بسط سيطرتها الأمنيّة على لبنان والمنطقة بكلّ سهولة، كون العقوبات الإقتصادية المشدّدة عليه، والتلاعب بالدولار وفقدانه من السوق اللبنانية، وسواها من المحاولات لم تتمكّن حتى الآن من تحقيق هذا الأمر؟
إنّ لجوء الشعب اللبناني الى الشارع مجدّداً رغم وجود فيروس «كورونا» الذي يُهدّد صحّة الجميع، على ما تقول مصادر سياسية عليمة، سببه الأول والأخير الجوع، والفقر والبطالة وارتفاع الأسعار. وصحيح أنّ البعض يربط تردّي الوضع الإقتصادي بتمسّك المقاومة بسلاحها مقابل الشروط الأميركية بنزعه كرمى لعيون العدو الاسرائيلي واقامته لدولته في المنطقة والذي يستولي فيها عنوة على أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلّة ومن الدول المجاورة مثل الأردن وسوريا ولبنان لا سيما تلال كفرشوبا ومزارع شبعا المحتلّة كما الجزء الشمالي من بلدة الغجر المحتلّة، إلاّ أنّ لا شيء يضمن له أنّ الوضع الإقتصادي سيتحسّن أو يعود الى طبيعته، في حال تحقّق المطلب الأميركي- الإسرائيلي.
فكلّ ما يهمّ أميركا حالياً، بحسب رأي المصادر، ليس إحداث التغيير الحكومي لمصلحة الشعب اللبناني ولبنان، إنّما لمصلحة «إسرائيل» ومصالحها الأميركية في المنطقة، وهي من خلال بدء تطبيقها «قانون قيصر» في 17 حزيران الجاري إنّما تريد تضييق الخناق أكثر فأكثر ليس فقط على النظام السوري، إنّما على حزب الله تحديداً، ولهذا تودّ إسقاط حكومة دياب قبل هذا التاريخ، بهدف إخراج الحزب من الحكومة المقبلة. غير أنّ مثل هذا الأمر من الصعب أن يتحقّق، على ما أضافت الاوساط، أولاً لأنّ الوقت لا يسمح حالياً بتغيير حكومي في ظلّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يفرض على حكومة دياب إنجاز الإصلاحات سريعاً، في الوقت الذي قد يتطلّب فيه التشكيل أشهراً ومن ثمّ العودة الى المفاوضات والتنفيذ. كما أنّ نزع سلاح حزب الله في هذه المرحلة بالذات الذي تريد فيه أميركا تطبيق «صفقة القرن» تحت عنوان «خطّة السلام الأميركية في المنطقة»، يهدف الى تسليم لبنان آخر أوراقه الرابحة للعدو الاسرائيلي، لكي يتمكّن من تطبيق بنود الصفقة، والإستيلاء على الأراضي المحتلّة في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان.
في المقابل، إذا كانت عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة هي البديل عن دياب، أو سواه من الشخصيّات السنيّة التي بإمكان أميركا الضغط عليها في لبنان، فمن غير الممكن أن تُشكّل أي من هذه الشخصيات حكومة من دون حزب الله، كونه شريكاً سياسياً في البرلمان تؤكد المصادر، ولا يُمكن استبعاده من الحياة السياسية. أمّا الحكومة التي تُطالب بها الولايات المتحدة، باسم الشعب اللبناني، أي حكومة تكنوقراط وحياديين، فستجعل الشخص المكلّف تشكيلها، أكان الحريري أو سواه من الوجوه المعروفة، يدخل ضمن منظومة «كلّن يعني كلّن»، أي أنّ الشعب لن يكون راضياً عنها، وسيُطالب بالتالي بإسقاطها. وكلّ هذه الأمور تدخل ضمن دائرة إضاعة الوقت، بدلاً من كسبه لإنقاذ لبنان من خلال الفرصة الأخيرة السانحة ألا وهي المضي في التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وعن عدم قدرة الرئيس دياب على تحقيق ما وعدت حكومته به خلال المئة يوم الأولى من عهدها، فتقول المصادر نفسها إنّها لا تُبرّر، غير أنّ الوزراء لا يُقصّرون بل يقومون بجهود كبيرة كلّ بحسب اختصاصه لإنقاذ البلد، والحكومة باقية وستُكّثف عملها من أجل إخراج البلاد من مشاكلها. إلاّ أنّ أزمة «كورونا» فرضت نفسها ليس فقط على لبنان، بل على كلّ دول العالم. وصحيح أنّ الوزارات التي تتألّف منها اللجنة الوزارية المكلّفة مواجهة هذا الوباء محدودة العدد، أي أنّ الوزارات الأخرى يُمكنها متابعة الملفّات الأخرى، غير أنّ الوباء العالمي ضعضع الجميع وفرض أسلوب حياة جديدة على لبنان والعالم، ما أثّر في عدم تحقيق الإصلاحات المطلوبة والموعودة، فضلاً عن الضغوطات والتدخّلات الخارجية التي أدّت الى عرقلة بعض الملفات.
وذكّرت المصادر، انّ حكومة دياب، تمكّنت على الرغم من إعادة أكثر من 20 ألف لبناني من دول الخارج الموبوءة، من الحدّ من انتشار فيروس «كورونا» وعرفت كيف تسيطر عليه، وتكون من بين الدول الـ 15 الأوائل في العالم التي استطاعت التعامل مع هذا الوباء بشكل جيّد. علماً بأنّ التظاهرات الشعبية، وإهمال عدد كبير من المواطنين اللبنانيين في عدد من المناطق أدّى الى تفاقم عدد المصابين بالفيروس، على عكس ما عملت عليه وزارة الصحّة العامّة والطواقم الطبيّة من أجل القضاء عليه في أسرع وقت ممكن.
وأكّدت المصادر، بأنّ ما حصل في الشارع أخيراً من تخريب، لا سيما في وسط بيروت، ليس بسبب الجوع والفقر، إنّما هو مخطّط منظّم ومدفوع من أجل زيادة الخسائر على الدولة، وإظهار لبنان بأنّه بلد متفلّت أمنياً وغير مستقرّ… إلا أنّ الدولة لن تقف متفرّجة على المخرّبين إنّما ستُلقي القبض عليهم وعلى محرّضيهم وستُحاسبهم بحسب الأصول.
دوللي بشعلاني – الديار