يخالف مصدر سياسي بارز في المعارضة الرأي القائل بأن رئيس الحكومة حسان دياب لم يكن مضطراً للاستجابة للضغوط التي مورست عليه من قبل «أهل البيت» للإفراج عن التعيينات المالية والإدارية، ويعزو السبب كما يقول لـ«الشرق الأوسط» إلى احترام دياب للعقد السياسي الذي أبرمه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي أتاح لهما اجتياح الحصة الكبرى من التعيينات وتحديداً في المجالين المالي والمصرفي.
ويقول المصدر إن دياب انقلب على نفسه عندما أعطى الضوء الأخضر لإصدار التعيينات وإلا ما الجدوى السياسية التي حصدها من ترحيل إصدارها من جلسة مجلس الوزراء في 2 أبريل (نيسان) الماضي إلى جلسة أول من أمس بذريعة أنها تقوم على المحاصصة.
ويخطئ من يعتقد – بحسب المصدر نفسه – أن دياب هو الحلقة الأضعف وأنه اضطر للتسليم بشروط التيار السياسي المحسوب على عون وباسيل، ويؤكد أنه ليس في وارد الاختلاف معهما، وإلا لماذا قرر مراعاتهما مع أنهما في حاجة ماسة لبقائه على رأس الحكومة.
ويسأل ما الذي تغيّر حتى وافق دياب أن تشمل التعيينات معظم الأسماء التي سبق أن طُرحت في جلسة الحكومة في 2 أبريل؟ وهل أخرج هؤلاء من سلة المحاصصة واقتسام الغنائم الإدارية بذريعة أنه أجرى تعديلات في بعض الأسماء على أمل أن يحفظ لحكومته ماء الوجه حيال الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي؟ ويرى أن التعيينات المالية والمصرفية يمكن أن تُستخدم لفرض حصار على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من خلال الحصة الكبرى التي حصدها باسيل، مستفيداً من الضغط الذي مورس على دياب، وذلك في حال قرر أن يتعاطى معها على أنه الحاكم بأمره في سيطرته على المجلس المركزي لمصرف لبنان.
لكن سيطرة باسيل على المجلس المركزي لا يمكن أن تنتقص من صلاحيات سلامة استناداً إلى قانون النقد والتسليف بمقدار ما تؤدي إلى الحرتقة عليه، خصوصاً أن لديه من الخبرة والمرونة ما يمكّنه من الالتفاف على المناوشات، مع أن كل هذا يتوقّف على رد فعل دياب في حال وجود نية لوضع العصي في دواليب سلامة.
لذلك، فإن بعض التعيينات أريد منها الإيحاء بأن دياب على استعداد للدخول في مواجهة مع تيار «المستقبل»، وهذا ما ظهر في إسناد رئاسة لجنة الرقابة على المصارف إلى مايا دباغ المشهود لها بكفاءتها وتشغل حالياً منصب عضو مجلس إدارة في بنك «المتوسط» (ميدبنك) الذي يملك الرئيس سعد الحريري أكثرية أسهمه.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن دبّاغ لم تعيّن في منصبها الجديد بطلب من الحريري كما لم تعيّن في بنك «المتوسط» بقرار منه وهي في هذه الحال كحال وزير الاقتصاد راؤول نعمة الذي استقال من المصرف نفسه فور تعيينه وزيراً.
وما ينطبق على دبّاغ ينسحب على رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي التي لا تصنّف في خانة العداء لـ«المستقبل»، مع الإشارة إلى أن باسيل لا يتمتع بحرية الحركة في محاصرة سلامة وأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس في وارد التغاضي عن أي تصرف يستهدفه.
لكن اندفاع باسيل لتطويق سلامة يطرح أكثر من سؤال حول موقف المجتمع الدولي من التعيينات المالية والمصرفية، وأيضاً صندوق النقد الدولي الذي يواصل مفاوضاته مع الحكومة من دون إغفال موقف واشنطن، كما تقول مصادر نيابية ووزارية وتحديداً بالنسبة إلى تعيين كامل وزنة عضواً في لجنة الرقابة على المصارف والذي يُعرف عنه عداؤه للإدارة الأميركية ومعارضته للعقوبات المفروضة على إيران، كما يصرّح به في إطلالاته المتلفزة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزنة الذي لا تربطه صلة قربى بوزير المال غازي وزني لأنهما ليسا من نفس البلدة في الجنوب، عيّن بإصرار من «حزب الله» الذي تردد أنه لم يوافق على استبداله بواسطة مرشّح آخر، ما يطرح أسئلة حول إمكان تسويقه خارجياً.
محمد شقير – الشرق الاوسطي