لينا الحصري زيلع -اللواء
بات في حكم المؤكد أن الأطراف السياسية كافة باتت على يقين بصعوبة المرحلة التي يمر بها البلد، والتي تشهد تدهوراً سريعاً يوماً بعد يوم، ليس فقط اقتصاديا-اجتماعيا وماليا، بل امتد الامر الى الاوضاع السياسية والأمنية من خلال وجود أرضية خصبة لتحويل أي موقف الى أزمة وطنية.
واللافت، كان التدهور الامني الذي حصل ليل السبت –الاحد الماضي، على اثر التظاهرة التي كانت دعت اليها انتفاضة 17تشرين، والتي تحولت بعض شعاراتها باتجاه سلاح «حزب الله» مما ازعج فئة من اللبنانيين ووصل الامر الى حافة الوصول لنزاعات طائفية –مذهبية، كادت تعيدنا الى بداية سنوات الحرب الاهلية، ولكن رغم الهدوء الذي عاد واستتب، فان كل المؤشرات تدل الى ان الاوضاع قابلة للانفلات والتفجير عند اي تحول سياسي او امني.
وفي هذا الاطار، يعتبر مصدر سياسي نيابي لـ «اللواء» ان ما حصل في الايام الماضية هو «دليل على ان الاطراف اللبنانية تفاجأت بأن ما يجري على صعيد المنطقة والبلد، اكبر من تموضع محلي او احتجاج معيشي، وتبيّن ان هناك صراعاً كبيراً يتطور، ويصل الى اوجّه مع اقتراب الانتخابات الاميركية، خصوصا ان هذا الامر يتزامن مع تدهور الوضع السوري مجددا، لذلك فإن الاهتمامات نقلت من مكان الى اخر» حسب المصدر، الذي اعتبر أن «قلة الحشد بالانتفاضة والثورة دليل على ان الجو الشعبي القلق انتقل من الهم المعيشي الى الوجودي الداخلي اللبناني»، ولفت الى ان «هناك الكثير من الامور برهنت على ذلك، واولها قانون قيصر الذي وضع الجميع تحت المجهر الدولي والعلاقة مع سوريا، وظهر ايضا مدى النشاط الحاصل في مسألة التهريب، كذلك ارتباط الدولار السوري بالدولار اللبناني، من خلال تدهور الليرتين السورية واللبنانية، حيث اصبحت كل واحدة تشد بالاخرى هبوطا»، ويعتبر المصدر الى ان «هذا الامر يؤشر على مدى استفادة السوريين من التمويل عبر السوق اللبناني، حتى لم يعد بامكانه تحمل استهلاك السوقين اللبناني والسوري، واصبح الاول مُعرضاً للحصار نفسه الموجود في السوري».
اضافة الى هذه الامور يشير المصدر، الى ان «هناك قراراً دولياً غير معارض، من قبل روسيا بإغلاق طريق النفوذ الايراني، اي الهلال الشيعي»، ويلفت المصدر الى ان «هذا الامر ظهر في موضوع التسوية الايرانية-الاميركية في العراق مدعومة من شيعة العراق بشخص علي السيستاني، بعد المرحلة الجديدة التي افرزت هذا النوع من التفاهم بعد مقتل قاسم سليماني».
وحول تأثير مفاعيل قانون قيصر على لبنان، يرى المصدر ان «لبنان غير مستهدف بشكل مباشر، ولكن فإن اي شخص تعاون مع النظام السوري في قهر وقمع والقتل يخضع للعقوبات، وهذا الامر يشمل «حزب الله»، خصوصا ان له دور عسكري وامني واستخباراتي وقمعي منذ اندلاع الحرب السورية خارج الساحة الاقتصادية، ومن الطبيعي ان يكون لقانون قيصر انعكاس سلبي على كل من تعاون مع بشار الاسد وحكمه، وهذه العقوبات تطال، حسب المصدر، فروع عدد من المصارف والشركات المختلفة والوكالات تجارية».
ويتخوف المصدر من «ازدياد في التصعيد، خلال المحطة المهمة المقبلة وهي الاقتراب من موعد التصويت في الامم المتحدة على التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، حيث انه من المتوقع ان ترفض الولايات المتحدة الاميركية التمديد من دون تعديل لعمل هذه القوات، في حين ان الصين وروسيا ترفضان اجراء اي تعديل على التمديد لعمل اليونيفل»، لذلك لم يستبعد المصدر ان ينتج عن هذا الامر صراع يؤدي الى اعلان فيتوات متبادلة، منها على موضوع التعديل ومنها الاخر على التمويل، وهذا الصراع قد يؤدي الى تقليص او الغاء دور وعمل هذه القوات كما حصل في سيناء عام 1967، وقد يؤدي ايضا حسب المصدر الى «انعاكاسات وخلافات سياسية داخلية، ربما تتطور لتؤدي الى الانجرار لقيام بؤر امنية وقد يمكن ان تفجر بأمر اقليمي»، لذلك يعتبر المصدر ان كل المخاطر محيطة بالموضوع.
ويدعو المصدر الى «وجوب ان يكون هناك تفاهم لبناني على حدود لبنان الكبير، وحصانة لهذه الحدود وليس فقط من خلال ترسيمها داخل النظام اللبناني والدستور والطائف، لان اي شيىء اخر قد يجرنا اكثر واكثر الى اجواء التفجير الاقليمي من حيث ندري او لا ندري، مما قد يعرض وحدة البلد للخطر» كما يقول.
ويأسف المصدر السياسي للانهيار الحاصل والتراجع في البلد ، معتبرا ان «الحكومة غير موجودة وغير مجدية اقتصاديا ولا امنيا ولا سياسيا ولا دوليا»، ويشير الى انه «كل ما استمرت هذه الحكومةفي عملها كلما تعرى العهد اكثر واكثر»، ويلفت الى ان التسوية كانت غطاء للعهد الذي انهار مع انهيارها».
ويشير المصدر الى ان «الامور سائرة نحو المزيد من التدهور»، داعيا المسؤولين الى الاستيقاظ قبل انتهاء لبنان بشكل نهائي، ويختم بالتشديد على «ضرورة العمل على التغيّير والعودة الى الاساسيات ووحدة البلد والمحافظة على نظامه والانتهاء من الانانيات».