ريمون ميشال هنود -اللواء
طالما أن العقوبات الأميركية مستمرة على حزب الله وتستمر في تعميق جراح الوضعين الاقتصادي والمعيشي للمواطن اللبناني وخصوصاً ان المزيد منها يستمر في التدفق، وطالما أن حزب الله والأحزاب الحليفة له في فريق الثامن من آذار وجماهيرهم مازالوا يبدون مقاومة عنيفة لقصف العقوبات الأميركية للاقتصاد اللبناني وللقمة عيش الفقراء ، وطالما أن شخصيات الطبقة السياسية الفاسدة مازالت تأبى اعادة الأموال المنهوبة إلى حضن وكنف الخزينة اللبنانية يبقى لبنان أسير قضبان الحلقة المفرغة ومن يدور في تلك الحلقة لو غضب وتكلم وطالب وصرخ صرخة ثائر يبقى كلامه رازحاً تحت نير الجدل البيزنطي العقيم في ظل تأجج نيران الخطاب الطائفي من دون أن تعمد وزارة الثقافة إلى تحذيرنا من مضار الطائفية والمذهبية كما حذرتنا وزارة الصحة مشكورة من مضار التدخين.
لا غبار على أن قوى الثامن من آذار متمسكة بمبدأ المقاومة حتى لو كانت أحزاب المردة والقومي والبعث وحركة أمل والأحزاب الناصرية لا تؤيد أيديولوجيا حزب الله.
وعلى كلّ فإن الفارق ما بين أيديولوجيا حزب الله وأيديولوجيا الرئيس الفنزويلي شاسع ولكن الجامع المشترك بينهما يبقى المقاومة.
إن تعملق ترسانة حزب الله وبلوغ عدد صواريخه المئة وخمسين الف صاروخ ومن بينها الصواريخ الدقيقة هو الذي جعل الولايات المتحدة الأميركية تفرض العقوبات على الحزب وخصوصاً أن قوة الحزب إن استمرت على ما هي عليه بنظر واشنطن فستساهم بدرجة معينة في تعطيل انطلاقة قطار صفقة القرن الجارف ، كما أن ترسانة حزب الله الحالية من شأنها تهديد أمن اسرائيل وكل مثقف ومتنور يدرك أهمية اسرائيل بالنسبة لواشنطن داخل المنطقة العربية.
فموقع سبوتنيك الروسي قال بتاريخ 14 تموز 2019 أي قبل انطلاقة ثورة 17 تشرين الأول 2019 بثلاثة أشهر بأن الحرس الثوري الايراني دشن سلاحاً جديداً وهو المدفعية الموجهة بالليزر.
وكان السيد حسن نصر الله قد تحدث في اطلالة متلفزة له حينها عن قدرات الحزب الفائقة على ضرب أماكن مختلفة في اسرائيل مضيفاً أن هنالك نوعاً من الصواريخ سيتكفل بضرب الشمال وبعض الصواريخ الأخرى ستتكفل بضرب أماكن أخرى، وسأل بعد ذلك هل سيستطيع الكيان الصهيوني الصمود ؟
اما صحيفة العرب اللندنية فقالت بتاريخ 21 أيار 2020 بأن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة نقل إلى الرئيس ميشال عون تحذيراً اسرائيلياً بضرورة ازالة حزب الله لمصانع الصواريخ التي شيدها داخل الأراضي اللبنانية ، ولكي نفهم أيضاً وأيضاً أحد أسباب فرض العقوبات على حزب الله أحيلكم إلى ما قاله تقرير عسكري اسرائيلي استفاض في التحدث عن قوة الحزب العسكرية. فبتاريخ 19 أيار 2020 قال الخبير العسكري الاسرائيلي يواف زيتون في تقرير له في صحيفة يدعوت احرونوت أن الحزب اكتسب شجاعة كبرى وخبرة واسعة من حروبه السابقة معنا وأن الحرب القادمة معه في حال اندلعت ستمكنه من أخذ المزيد من الأسرى الاسرائيليين ، فضلاً عن أنه سيقوم بعمليات مطاردة في الشوارع بالصواريخ العملاقة وسيعمل على تعمية الدبابات في الحرب الاكترونية ، فيما أوضح ضابط كبير آخر رفض الافصاح عن اسمه أن الكتائب العسكرية الاسرائيلية تخشى أي حرب متوقعة على الجبهة الشمالية لأن قوات حزب الله المزودة بأحدث الأسلحة المتطورة لمحاربة التشكيلات القتالية الاسرائيلية اكتسبت خبرة قتالية كبيرة من خلال قتالها في سوريا ، وبات للحزب براعة تفوق براعة الجيش الاسرائيلي ، لذا فإن اسرائيل ان دخلت في حروب مع الحزب ستدفع ضريبة عسكرية باهظة ووفق الضابط الاسرائيلي فإن الجمهور الاسرائيلي منح جيشه بناءً على احصاءات أجريت علامة التعادل أو الخسارة في حال خوض الحرب مع الحزب لأن الحزب بات لديه فوهات صواريخ بعمق وقطر 10 إلى 15 متراً ولديه أيضاً صواريخ ثقيلة الوزن تحتوي على مئات الكيلوغرامات من المتفجرات.
من هنا تراهن واشنطن على أن استمرار العقوبات على الحزب لمدة قد تفوق السنة أو السنتين سيجعل جماهير أحزاب الثامن من آذار تتمرد عليه جراء صراخها من الجوع والعطش. وبالمناسبة فإن موقع انديبندنتي الناطق باللغة العربية وبتاريخ 6 حزيران 2020 نقل عن دايفد شنكر مساعد وزير الخارجية الاميركية بأن واشنطن باتت تعول أكثر على الحراك الشعبي إذ أن شعارات الحراك قد انتقلت من المطالب المعيشية إلى المطالبة بنزع سلاح حزب الله ، ويضيف شنكر بأن حكومة الرئيس حسان دياب هي حكومة حزب الله ، لكن في حال استطاعت تلك الحكومة التحرر من قبضة الحزب واتجهت نحو الاصلاحات قولاً وفعلاً فالحكومة اللبنانية ستحصل على المساعدات، وكلام شنكر هذا أتى في معرض حوار نظمه معهد الدراسات للشرق الأوسط mei edu.
وبتاريخ 3 حزيران 2020 أوضح مصدر مالي مطلع على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أن قبول الحوار وفتح نقاشات مع الجانب اللبناني هو من أجل تمرير الوقت في انتظار بلورة الحل الكامل والشامل مع حزب الله وأشار المصدر لوكالة أخبار اليوم إلى أن لبنان يتجه نحو انهيار مالي لا مثيل له لأسباب سياسية بحتة ولا يمكن له أن يتعافى إلا مقابل شرط أساسي الا وهو عدم الاستمرار في تغطية حزب الله من قبل شريحة هامة من المجتمع اللبناني ويبقى الحل في مطلق الاحوال متواجداً بين أيدي اللبنانيين أنفسهم.