ميسم رزق-الأخبار
لم ينفُض تيار «المُستقبل» عنه آثار المسار السياسي الذي وضعه – بعد التسوية الرئاسية مع العماد ميشال عون – في حالة صدام مع بيئته وشارعه وجمهوره. وإلى اليوم، لم تظهر بعد نتائج الفرصة التي اقتنصها الرئيس سعد الحريري في «17 تشرين» للهروب من الحكومة والتفاهم مع الوزير جبران باسيل، إذ لم يتكشّف بعد إذا ما كانَ الخيار قد أعاد شد العلاقة بين قيادة التيار وجمهوره.
هذه نتيجة ربما يُمكن أن يظهّرها المؤتمر العام للتيار، الذي دخل التيار «مداره» (يعقد كل أربع سنوات ما بين حزيران وكانون الأول)، من دون وجود أي مؤشر على انعقاده. لا شك أن الخطوة ضرورية لإعادة النظر في التركيبة التنظيمية، وإعادة إشراك القاعدة الشعبية في العملية الحزبية والوصول إلى القرارات السياسية، خاصة في ظل ما يتعرض له الشارع من محاولات «سرقة» ودخول على خط الزعامة. فهل يُغامر الحريري بتأجيل هذا الاستحقاق؟
خلف هذا العنوان الكبير، لا يزال الأمين العام للتيار أحمد الحريري ورئيس جمعية «بيروت للتنمية الاجتماعية» أحمد هاشمية يتنافسان في سبيل إما الظفر بموقع أو الاحتفاظ بنفوذ. ورغم أن هاشمية أقام منذ أيام مأدبة غداء على شرف أحمد الحريري في منزله في بحمدون، بحضور عضو الأمانة العامة في التيار العميد محمود الجمل، ومنسق عام بيروت سامر سوبرة، والمنسق السابق وليد دمشقية، ونائب رئيس جمعية بيروت للتنمية هشام مكمل وعدد من أعضاء التيار والجمعية كطارق الدنا، ومحمد يموت، وسيف دياب، وسمير الخطيب، وهاشم عيتاني، إلا أن الغداء لن يقدّم أو يؤخر في التوتر الذي طبَع علاقة «الأحمدين» في الأشهر الماضية، وخلقَ بلبلة داخل التيار، ولا سيما بينَ مؤيدي كل من الحريري وهاشمية على الأرض.
من بين الأفكار المطروحة إلغاء المكتب السياسي والأمانة العامة واستبدالهما بمكتب الرئيس
«المصالحة» الشكلية سبقها تشكيل لجنتين: واحدة مقربّة من الأمين العام، ومؤلفة من نائبه وسام شبلي، وعضو المكتب السياسي محمد شومان، ورئيس مؤسسة بيروت باي بايك للدراجات جواد سبيتي (لا صفة حزبية له، ويحضر اجتماعات في الأمانة العامة منذ شهر)، إضافة إلى المحامي حسن حلواني (انتدبه التيار في وزارة الداخلية أيام الوزير نهاد المشنوق). وتعمَل هذه اللجنة على اجتراح أفكار تسعى الى تغيير النظام الداخلي، ومنها على سبيل المثال الذهاب إلى إلغاء المكتب السياسي والأمانة العامة واستبدالهما بمكتب الرئيس وإلى جانبه نائبين هما الحريري (أحمد) وهاشمية كنوع من التسوية، على أن ينبثق من هذا المكتب عدة منسقيات، ما يعني نسفاً للنظام الداخلي للتيار.
أما الثانية فهي تابعة لهاشمية، وانضم اليها كل من محمد يموت، وطارق الدنا، والعميد محمود الجمل، ووليد دمشقية وسامر سوبرة، ومهمتها بحسب مستقبليين «متابعة كل الشؤون التنموية والقضائية والأمنية، في ظل غياب وتراجع حضور وثقل فريق منسقية بيروت». وفيما قالت مصادِر من الطرفين إنه «لا تنافس بينَ اللجنتين، بل هما ستعملان بشكل موازٍ لمصلحة التيار»، أشارت إلى أن «لا قرار حتى اللحظة بعقد المؤتمر العام، ولا علاقة لظروف البلاد أو وباء كورونا بذلك، لكنه مرتبط باعتبارات داخلية».
ولفتت المصادر إلى أن «الأفكار التي تطرح أمر طبيعي، لكن لا يُمكن ترجمتها وتحويلها إلى أمر واقع من دون إقرارها في المؤتمر، فأي تعديل في النظام الداخلي يحتاج الى التصويت». بينما تتحدث مصادر أخرى عن أن تأجيل المؤتمر قد يكون سببه «عدم رغبة لدى الرئيس سعد الحريري في تأجيج الصراع بين ابن عمته وصديقه في حال إجراء تغييرات في المواقع التنظيمية، خاصة في حال تسلّم هاشمية موقعاً قيادياً»، علماً بأن الحريري حتى الآن لم يوقّع على ورقة تعطي هاشمية صفة رسمية داخِل التيار، وكانَ بإمكانه ذلك لو أراد، مع أن حركة الرجل في بيروت تفوق بكثير حركة أحمد الحريري. ورجّحت المصادر أن ينتظر رئيس «المستقبل» إلى ما بعد الانتخابات النيابية، «إذ يكون أمر ترشيح أحمد الحريري في صيدا قد حُسم».