ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”
عندما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مؤتمر صحافي عقده في نهاية نيسان الماضي انّ حوالى 4 مليارات دولار من مجموع ما يستورده لبنان سنوياً ليس بحاجة اليها، اعتبر البعض انّ المقصود هو الاستيراد لصالح سوريا، لكن هذا الواقع لا يلغي انّ بعض ما نستورده لا لزوم له لأنه يمكن تصنيعه محلياً. وتكشف الأرقام انّ الاستيراد كان الثمن الذي دفع لتدمير الصناعة اللبنانية لأنه نافسها وأغرقها وقضى على البعض منها.
تُظهر بيانات الجمارك اللبنانية المتعلقة بحجم استيراد لبنان السنوي مقدار الظلم والتدمير المُمنهج الذي لحق بالقطاع الصناعي على مدى سنوات، من خلال استيراد أي شيء وكل شيء حتى أبسط ما يمكن تصنيعه وإنتاجه محلياً حتى بلغ مجموع ما تمّ استيراده الى لبنان ما بين الأعوام 2011 و2019 نحو 183 مليار دولار، في مقابل تصدير ما قيمته 31 مليار عن الفترة نفسها بما يعني انّ خسارتنا تبلغ 150 مليار دولار.
هذه الأرقام تظهر أنّ خروج الدولارات الحقيقية من لبنان بغرض استيراد كل شيء على مدى سنوات هو من أحد أبرز مسببات الأزمة الاقتصادية والمالية التي نمرّ بها راهناً، والتي بقي لنا منها الدولارات الوهمية. وفي ما يلي موجز عن بعض المستوردات الصناعية الغذائية والمشروبات والتبغ التي يستطيع لبنان تصنيعها او انتاجها بسهولة لكنه استسهل استيرادها بالدولار بقيمة 12.2 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين الأعوام 2011 و2019 ولقد توزّعت على الشكل التالي:
– مشروبات على أنواعها بقيمة 1.22 مليار دولار من ضمنها 408 ملايين دولار مياه و114 مليون دولار نبيذ.
– حيوانات ومنتوجات حيوانية بقيمة 8 مليارات دولار توزعت على الشكل التالي: 1.5 مليار دولار أجبان، مليار دولار حليب، 619 مليون دولار سمك، 1.4 مليار دولار لحوم و20 مليون دولار عسل طبيعي.
– خبز وكعك وبسكويت بـ 947 مليون دولار.
– شوكولا: 704 ملايين دولار.
– عصير فواكهة: 87 مليون دولار.
– مربيات فواكهة: 97 مليون دولار.
– بندورة مصنعة: 99.5 مليون دولار.
– بقايا ونفايات صناعات الأغذية وأغذية محضرة للحيوانات: 1.07 مليار دولار.
– سكر وسكاكر: 1.5 مليار دولار.
تبغ: 1.87 مليار دولار.
تهريب وتلاعب بالفواتير
في السياق، يقول بسام كرم وهو عمل على تطوير تطبيق يوثّق ارقام مديرية الجمارك برسوم بيانية، انّ التدقيق بالأرقام الصادرة عن مديرية الجمارك اظهر انّ حوالى نصف صادرات لبنان والتي تتراوح ما بين 3 الى 4 مليارات دولار هي من الذهب في الوقت الذي لا يستخرج فيه لبنان ذهباً وليس لديه مناجم، بما يعني اننا نستورد الذهب ونعيد تصديره مُصنّعاً، وبالتالي انّ نصف صادراتنا ليست إنتاجاً محلياً.
تابع: تشكّل حصة المواد الغذائية من الاستيراد حوالى 4 مليارات دولار سنوياً، علماً انّ لدينا ما يكفي من المعامل الصناعية الغذائية القادرة على الانتاج المحلي تلبية لحاجات السوق. وتكشف ارقام الجمارك انّ الاستيراد العشوائي وغير الضروري في بعض القطاعات أدّى في المقابل وخلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و2019 الى تراجع في التصدير يفوق 90 %.
وبالتالي، انّ ما تكشّف من داتا الجمارك يُظهر:
– حجم التهريب بالاتجاهين من والى لبنان كبير وعبر كلّ المنافذ الشرعية وغير الشرعية.
– انّ كمية البضاعة التي تدخل الاسواق اللبنانية تفوق حاجة السوق اللبناني اليها ولا تتلاءم مع متطلباته، وهذا يطرح علامات استفهام ما اذا كانت تستورد الى لبنان بهدف إعادة تصديرها الى غير بلدان او تهريبها الى غير بلدان.
– حجم التلاعب بقيمة البضاعة، على سبيل المثال هل يعقل انه من العام 2011 الى 2019 استورد لبنان مفرقعات بقيمة 26 مليون دولار فقط، علماً انه خلال هذه الفترة استهلك مفرقعات بشكل كبير لأنّ هذه الفترة كانت ناشطة جداً بالمهرجانات ومن ضمنها مهرجانات للمفرقعات؟. هذا مثال على المستوردات التي تدخل الى لبنان بغير مسمّى، تَهرّباً من الرسوم الجمركية، ام انّ هناك تلاعباً بالفواتير.
ويمكن الاستنتاج من هذه الارقام وغيرها انّ ارقام الاستيراد ليست حقيقية بل ربما هي اضعاف ما يتم الكشف عنه، وبالتالي انّ حجم الاستيراد ليس 20 ملياراً والنزيف بالعملات الصعبة التي خرجت من لبنان تفوق الثلاثين مليار دولار لتمويل استيراد أعمى بدون ضوابط.
– انّ الشكوك بالتلاعب في فواتير المنشأ بهدف التهرّب الضريبي تؤكد انّ هناك مليارات المداخيل الضائعة.
– هناك شكوك في التلاعب بتصنيف البضائع. هناك أنواع تدخل تحت مسمّى أنواع أخرى، وبالتالي نحن امام تهرّب ضريبي ومنافسة غير عادلة وغير مشروعة. وفي السياق تكشف ارقام الجمارك استيراد المفروشات المستعملة وثياب البالة والاقمشة بكميات كبيرة لأنّ هذه الفئات مخفّضة الجمارك او معفية من الجمارك، او تدخل هذه المستوردات على اسم مؤسسات دينية نظراً للامتيازات التي تتمتع بها فلا تخضع للتفتيش وتكون مخفضة الجمرك او مَعفية.
– الاتفاقيات التجارية مُجحفة بحق المصنّع اللبناني، وكان الهدف منها تدمير مقصود ومُمنهج للصناعة لصالح الوكالات والكارتيلات التجارية.
الاستيراد من الاتحاد الأوروبي
لطالما اعترف المسؤولون بأنّ الاتفاقية التجارية الموقّعة بين لبنان وبعض البلدان لا سيما الاتحاد الأوروبي مُجحفة في حق لبنان، لكنّ أحداً لم يتمكن من تحصيل نقاط لصالح لبنان، ما زاد من التضييق على القطاع الصناعي اللبناني. وتظهر ارقام الجمارك بعض ما «لا لزوم له» استورده لبنان من الاتحاد الاوروبي بين الأعوام 2011 الى 2019.
نوع المنتج القيمة المستوردة
سيارات ومركبات آلية 4.3 مليارات دولار
حليب واجبان 4.3 مليارات دولار
الالماس 774 مليون دولار
سيكار وسيكاريللو 590 مليون دولار
خبز كاتو بسكويت 350 مليون دولار
صابون معطر للمراحيض 297 مليون دولار
زيوت وزبدة 294 مليون دولار
ذرة 230 مليون دولار
شنط وحقائب السفر 208 ملايين دولار
بطاطا 161 مليون دولار
مياه 150 مليون دولار
صابون 106 ملايين دولار
مقانق 111 مليون دولار
سمك 78 مليون دولار
محارم للحمام 56 مليون دولار
بيرة 55 مليون دولار
عصير الفاكهة 25 مليون دولار
بوظة 23.5 مليون دولار
مربيات 15 مليون دولار
مستوردات من مصر
وفي ما يلي بعض «مما لا لزوم له» من مستوردات من مصر الى لبنان بين الأعوام 2011 و2019
نوع المنتج القيمة المستوردة
رخام بلاط وأحجار 475 مليون دولار
بطاطا 180 مليون دولار
تبغ مصنع 170 مليون دولار
أجبان 148 مليون دولار
محارم للحمام 86 مليون دولار
خبز بسكويت وقوالب حلوى ومعجنات 70 مليون دولار
بصل 41 مليون دولار
مربيات 23 مليون دولار
خضار مجففة 38 مليون دولار
ملح 17.5 مليون دولار
خس 6.8 ملايين دولار
بندورة 8.5 ملايين دولار
إستيراد من السعودية
وأيضاً بعض «ما لا لزوم له» من السعودية بين الأعوام 2011 و2019
نوع المنتج القيمة المستوردة
خبز، معجنات قوالب حلوى وبسكويت 123 مليون دولار
الدهون النباتية والزيوت 96 مليون دولار
مياه 93 مليون دولار
أجبان 71 مليون دولار
لحوم 40 مليون دولار
معكرونة 36 مليون دولار
حليب وكريما 35 مليون دولار
بطاطا 23 مليون دولار
محارم للحمام 18 مليون دولار
مقانق 15 مليون دولار
صابون 12 مليون دولار
عصائر 1.3 مليون دولار
عسل طبيعي 9 مليون دولار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نموذج الاحذية
تعتبر صناعة الأحذية في لبنان نموذجاً عن الضرر الذي أصاب القطاع، فما بين الأعوام 2011 و2019 دفع لبنان ما قيمته مليار و200 مليون دولار ثمن استيراد أحذية، في المقابل وبعدما صدّر لبنان أحذية بقيمة 25 مليون دولار عام 2014 تراجع حجم التصدير الى اقل من 9 ملايين في العام 2019.
عام 1995 كان لدينا 1200 مصنع احذية لإنتاج 10 ملايين حذاء سنوياً، تراجع العدد الى أقل من 140 معمل قبل حرب تمّوز 2006 وأقل من 88 معملاً اليوم بحسب موقع وزارة الصناعة.
نموذج الالبسة
بين الأعوام 2011 و2019 استورد لبنان ملابس بقيمة 7 مليارات دولار. في المقابل، صدّر لبنان ألبسة في الفترة نفسها بأقل من 900 مليون دولار. تراجع تصدير الألبسة من 130 مليون دولار سنة 2011 إلى 4 ملايين في العام 2019.
عام 1994 كان لدينا 3004 مصانع ألبسة و604 مصانع منسوجات، تشغّل 22 ألف عامل. اليوم لدينا 273 مصنع ألبسة ومنسوجات.