لبنان أمام اختبار خليجي جديد… ماذا عن مساعي التهدئة؟

  • Dec 26, 2021 - 7:52 am

إذا كان من خلاصةٍ لسنة 2021 التي تستعدّ لتحزم آخِر أيامها البائسة لبنانياً، فهي أن لا إمكان لإنقاذ «بلاد الأرز» من الانهيار الكبير في ظلّ «مزيجٍ فتّاكٍ» من سوء التدبير والمخطّط المدبَّر في ممراتِ الصراع الإقليمي لجعْل الوطن الصغير وقوداً للمحور الإيراني، وأن ساعة الاختيار بين «هانوي أو هونغ كونغ» دقّتْ لتحديدِ وُجهة لبنان، نحو آخر القعر المفتوح أو صوب نهوضٍ له مستلزمات إصلاحية وسيادية أحيا ركائزها الخارج أخيراً خصوصاً في معرض إرساء خريطة الطريق لمعالجةِ جذور الأزمة التي انفجرتْ في الأسابيع الماضية بين بيروت ودول الخليج العربي.

وبحسب “الراي” الكويتية جاءت التطورات الخطيرة التي شكّلها الهجوم الإرهابي على جازان في الساعات الماضية لتكرّس هذه الخلاصة، التي حجبتْها ضوضاء التناحر الداخلي الذي حوّل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي رهينة المكاسرات بين مكوّناتها على خلفية إعلان الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري الحربَ على المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، قبل أن تشتعل «جبهاتٌ رئاسية» كانت خامدة وتتمدّد «هبّاتها الساخنة» نحو العلاقة بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي كما بين الأوّل و«حزب الله» التي اهتزّت من دون أن تقع.

فبعد نحو 3 أسابيع على تحديد «إعلان جدّة» بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الإطار التقني – السياسي، الذي سرعان ما تحوّل خليجياً، لاستعادة لبنان ثقة الخارج ارتكازاً على رزمة القرارات الدولية ذات الصلة بسلاح «حزب الله» والمؤتمرات الدولية الناظمة للمسار الإصلاحي، بدا أن لبنان الرسمي الذي ركن مجدداً إلى فعل «لا شيء» بإزاء «أصل» العين الحمراء الخليجية سيطوي السنة الأصعب في علاقاته مع الخليج على خشيةٍ كبيرة من أن تكون تبدّدت المفاعيل التهْدوية لـ «غضبة» دول مجلس التعاون التي أعطى إشارتَها الاتصالُ الثلاثي الذي جمع كلاً من سيد الاليزيه وولي العهد السعودي وميقاتي والذي أطلق مرحلة تَرَقُّب لخطوات عملية يتعيّن على بيروت القيام بها لمعاودة تصويب بوصلة التموْضع الاستراتيجي لبلاد الأرز وبدء الحدّ من تمكين «حزب الله» و«ألا يكون لبنان منطلقاً لأيّ أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها».

ومن خلف ظهْر «المتحوّر الجديد» لشعار «النأي بالنفس» الذي شكّله توصيفه من ميقاتي على أنه نأي للبنان عن «الخلافات بين الدول العربية» وليس عن صراعات المنطقة ووقف تورّط أي طرف لبناني فيها، فإن الساعات المقبلة ستحمل إرباكاً كبيراً لبيروت مع تأكيد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أمس وغداة الاعتداء الارهابي على جازان أنه سيعتزم اليوم وخلال إحاطة إعلامية شاملة حول الأزمة اليمنية «عرض أدلة على تورط حزب الله اللبناني في اليمن، واستخدام الميليشيا مطار صنعاء لاستهداف المملكة».

وسيشكّل هذا العرض عنصراً بالغ السلبية برسْم الحكومة اللبنانية التي كانت تحاول القيام بخطواتٍ أوّلية في موضوع تهريب المخدرات علّها تعيد سفراء السعودية والكويت والإمارات والبحرين إلى بيروت وتعلّق قرار الرياض بوقف الواردات من لبنان، وسط رصْدٍ لِما سيستتبع ما سيكشفه التحالف العربي اليوم من خطوات محتملة بإزاء لبنان الرسمي، ولكيفية ردّ ميقاتي على هذا التطور الخطير الذي يصعب أن يمرّ من دون تداعيات كبرى.

ويأتي كل ذلك، فيما الحكومة عاجزة منذ نحو 75 يوماً عن كسْر «الحظر» المفروض من «حزب الله» وبري على اجتماع مجلس الوزراء قبل معالجة قضية بيطار التي تحوّلت محور مقايضاتٍ، ذات صلة بالتعيينات والانتخابات النيابية، أُجهضت جولتها الأولى قبل أيام وفتحت البلاد على موجة تَناحُرٍ سياسي أكثر حدّة بعد عطلة الأعياد، خصوصاً بعدما اشتدّت التوترات بين «التيار الحر» و«حزب الله» على خلفية هذا الملف وترْك النائب جبران باسيل (صهر عون) وحيداً في الطعن الذي قدّمه بتعديلات قانون الانتخاب وسط إبراز أوساطه الاستياء من كون مراعاة أولوياته من الحزب تأتي بعد أوليتيْ العنوان الشيعي – الشيعي ثم الشيعي – السُني.