التدقيق الجنائي يبدأ وسط رهانات على التوصل لنتائج

  • Sep 18, 2021 - 7:00 am

انطلقت مهمة التدقيق الجنائي في حسابات مؤسسات الدولة اللبنانية، أمس، إثر توقيع العقد مع شركة «الفاريز ومارسال» وسط رهانات على أن تتوصل إلى نتائج في نهاية المطاف، وتأكيدات بأن الأمر لم يجرِ ضمن تسوية سياسية «ما دام العقد يشمل حسابات كل المؤسسات وليس محصوراً بحسابات المصرف المركزي فقط»، وهو ما قرره البرلمان اللبناني قبل أشهر رداً على رسالة رئيس الجمهورية.

وأحيط مطلب الرئيس اللبناني ميشال عون العام الماضي لإجراء التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي، بخلافات سياسية، انتهت بتوصية من المجلس النيابي في العام الماضي، تقضي بإخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي، للتدقيق الجنائي.

وبعد فشل المحاولات الأولى، ما دفع الشركة للانسحاب بسبب إحجام مصرف لبنان عن تزويدها بالمعلومات المطلوبة، كما قالت في تشرين الثاني الماضي، وقّع وزير المال يوسف الخليل، أمس، عقد التدقيق الجنائي مع الشركة ممثلاً الحكومة اللبنانية بعدما تبلغ موافقة ديوان المحاسبة على العقد. وأبلغ الخليل الرؤساء الثلاثة، حسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي. وستقدم الشركة التقرير المبدئي لخليل ضمن مهلة 12 أسبوعاً من تاريخ مباشرة فريق عمل الشركة.

وعدّ الرئيس اللبناني، أمس، أن «مسيرة التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان التي انطلقت عملياً بعد توقيع وزير المالية للاتفاقية… خطوة نوعية في مسيرة التزام قواعد الشفافية ومكافحة الفساد والإصلاح والمساءلة والمحاسبة عند الاقتضاء التي التزمت أمام اللبنانيين تحقيقها رغم العراقيل التي وُضعت في طريقها».

وأكد أن «التدقيق الذي سيبدأ في حسابات مصرف لبنان بعد 20 شهراً من السعي الحثيث واليومي للتوصل إليه، لا يستجيب فقط لحق اللبنانيين في معرفة أسباب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي الذي أصاب البلاد والعباد، بل يمهّد الطريق أمام الإصلاحات المنشودة، كما أنه يتجاوب مع رغبات المجتمع الدولي الذي أوصى دائماً بضرورة تحقيق التدقيق حتى يعمل على مساعدتنا في النهوض الاقتصادي الذي نأمل أن توفق الحكومة الجديدة في السير به»، كما قالت الرئاسة اللبنانية.

ولفت عون إلى أن «التدقيق سيشمل لاحقاً المؤسسات العامة والإدارات والمجالس والصناديق والهيئات، خصوصاً تلك التي حامت الشبهات حول أداء المسؤولين عنها خلال الأعوام الثلاثين الماضية». وتعهد بأن السنة الأخيرة من ولايته «ستكون سنة الإصلاحات الحقيقية، بعدما تعذر خلال السنوات الماضية تحقيق ما كان يصبو إليه اللبنانيون بفعل تغليب بعض المعنيين لمصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة، وتشكيل هؤلاء منظومة أقفلت الأبواب في وجه أي إصلاح، ما وفّر الحماية لفاسدين ومرتكبين». وقال إن «التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، هو باب الإصلاح المنشود، ولا بد من أن يترافق مع خطة للتعافي والنهوض لتعويض ما فات والبدء بالإنقاذ الحقيقي الذي اتخذته الحكومة الجديدة شعاراً لها».
وتعد خطة التدقيق شرطاً أساسياً لتقديم المساعدات الخارجية للبنان الذي يعاني من انهيار مالي. وورد التعهد بإجراء التدقيق في البيان الوزاري الذي أقرته الحكومة، أول من أمس، من ضمن التزاماتها بمكافحة الفساد.

ونفت مصادر نيابية كانت تعارض حصر التدقيق في حسابات المصرف المركزي، أن تكون هناك تسوية سياسية أدت إلى إعادة تفعيل عملية التدقيق الجنائي، قائلةً لـ«الشرق الأوسط»: «ما دامت جميع القوى السياسية تؤكد أنها تدعم التدقيق بكل حسابات المؤسسات الحكومية والوزارات بالتوازي مع حسابات مصرف لبنان، فإن الأمر لا يحتاج إلى تسوية». ورأت أن «جميع القوى السياسية أمام امتحان تسهيل التدقيق في حسابات جميع الإدارات الحكومية»، لافتةً إلى أن «الالتزام بهذا الأمر سيجعل المسألة خارج الحسابات السياسية والانتخابية». وأكدت أن «الرهان يبقى على البدء بهذا التدقيق والوصول إلى النتائج ما دام الجميع يؤكد دعم هذه الخطوة».
وأقر البرلمان في 21 كانون الأول الماضي قانوناً يرمي إلى رفع السرية المصرفية عن حسابات المصرف المركزي والوزارات والإدارات لمدة سنة تنتهي في كانون الأول المقبل. وقالت مصادر نيابية إن تمديد هذه المهلة «ليس أمراً معقداً، إذ يقدم النواب اقتراح قانون معجل مكرر لمجلس النواب، يجري إقراره في أول جلسة»، مشيرةً إلى أن تمديد القانون «يحتاج إلى العودة إلى مجلس النواب عندما تنتهي المهلة».

نذير رضا – الشرق الأوسط