التصعيد جنوب لبنان والملف النووي… بينيت المستفيد سياسيًا!

  • Aug 9, 2021 - 6:13 pm

لا يكاد اللبنانييون يستوعبون وهلة مصيبة، حتّى تظهر أخرى أشدّ سوءًا. إذ لم يكن ينقص البلد إلا إشعال جبهة الحرب على حدوده مع فلسطين ليكون القضاء على ما تبقّى من قدرة تحمّل لأبنائه حتميا. فرغم تكرار حوادث إطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي المحتلة، وردّ إسرائيل عليها، إلى جانب الخروقات اليومية لها للأجواء اللبنانية، إلا أن ما حصل في اليومين الماضيين، لاسيّما الجمعة، أثار القلق من إمكانية تدهور الأوضاع ميدانياً، خصوصاً وأن “حزب الله” تبنّى إطلاق عشرات الصواريخ على مناطق مفتوحة حول مزارع شبعا “ردا على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراض مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليل الخميس الماضي”. فهل يهدّد ما حصل جنوباً بخطر الحرب؟ أم ان المواجهات انتهت عند حدود ايصال الرسائل خصوصاً وأن الجانب الإسرائيلي أعلن عدم رغبته بالتصيعد؟

رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن الدكتور هشام جابر أوضح لـ “المركزية” أن “الطرفين لا يبغيان التصعيد مبدئياً، وما حصل في الجنوب ردّ وردّ على الرد. رد الحزب كان متوقّعاً ومدروسا بشكل يمنع التسبب بتصعيد، تجنّباً للخسائر في الأرواح ووقوع العديد من الضحايا. ولم يقصف شمال إسرائيل، بل مزارع شبعا في جوار محيط معسكر إسرائيلي. وكالعادة إسرائيل ردّت بقصف مرتفعات كفرشوبا وخراج بلدة السدانة وبسطرة. والكابينت قرر اتّخاذ الحذر والتخطيط لعمليات مستبقلية في حال توتّر الوضع”.

وتابع “باختصار لا يريد اي طرف الحرب، فتل أبيب غير مستعدّة لها ولا لشنّ الضربة الأولى إطلاقاً، وتعاني كذلك من مشاكل داخلية عدّة، ولو كانت النية التصعيد لما كان الوضع شمال الجليل مرتاحاً، حيث يجوله السّواح ولم تفتح الملاجئ. من جهته، لا يجد “حزب الله” مصلحة إطلاقاً بإشعال الحرب والمبادرة بالضربة الأولى. التوتر سيستمر، لكن ضمن قواعد الاشتباك”.

أما عن فرضية لجوء إيران إلى التصعيد في مناطق محورها من بحر العرب واليمن والعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، وعلاقته المحتملة بربط استئناف مفاوضات فيينا بالشروط التي وضعها الشركاء في الاتفاق النووي، حيث يطالبون بأن لا تقتصر المفاوضات على الملف النووي بل أن تشمل منظومة الصواريخ الباليستية ونفوذ ايران في المنطقة.

ورأى جابر أن “وفق الصحافة الإسرائيلية رئيس الوزراء نفتالي بينيت كبّر الحجر جدّاً بالقصف المدفعي جنوب لبنان ردّاً على صاروخين خلبيين مشبوهين من غير المعروف من أطلقهما أو معروف ربما مع التكتم عن هويته، حتّى أن البعض يرجّح أن يكونوا عملاء إسرائيل، في كلّ الأحوال بينيت المستفيد سياسياً من ذلك لأنه ضمّ الملف هذا إلى الرزمة التي يجهّزها ضدّ إيران في مجلس الأمن لحشد المجتمع الدولي. إسرائيل لم تتمكن من منع مباحثات فيينا لذا تحاول عرقلتها وتسعى إلى فرض ملفات جديدة على إيران ضمن الاتفاق النووي منها حرب الناقلات وتكبير الحجر، استخدام الطائرات المسيّرة، نشاط إيران في المنطقة… لكن، منذ بدأت مباحثات فيينا حتّى اليوم، اي قبل وصول الرئيس الإيراني الجديد ابراهيم رئيسي إلى الحكم، أكّدت طهران إصرارها على رفض أي تعديل في الاتفاق النووي، مبديةً استعدادها لتوقيعه وفق الصيغة التي كان عليها تماماً، وبعد ذلك يمكنها الجلوس الى الطاولة لبحث ملفات أخرى والتفاوض حولها”.

وختم جابر “الصراع سيتواصل بين الجهتين. إسرائيل تستخدم كلّ الوسائل المتاحة وإيران تستخدم حتماً نفوذها في المنطقة من دون أن تفتح جبهات حرب فيها. أي أن كلّ هذا يبقى تحت سقف المتّفق عليه : عدم إشعال حرب مع إيران لأن لا أميركا تبغى ذلك ولا إسرائيل قادرة على تحمّل تبعاتها”.