بعد الـlockdown: صوّان يستأنف تحقيقاته؟

  • Jan 17, 2021 - 7:45 am

ثمّة قطبة مخفية في قرار المحقق العدلي فادي صوّان، الشخصي، أو المطلوب منه، بعدم استكمال التحقيقات في تفجير المرفأ، منذ إعلانه في 17 كانون الأول الماضي تعليق التحقيق في القضية لمدّة عشرة أيام. وهي المدّة القانونية الممنوحة له كي يقدّم جوابه على طلب وقف السير بالدعوى وكفّ يده، بسبب “الارتياب المشروع” المقدمة من الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، اللذين طالبا بتعيين محقّق عدلي آخر مكانه.

فحتّى الآن تجاوز صوّان معطيّين قانونيّين يتيحان له الاستمرار في تحقيقاته قبل أن تصدر محكمة التمييز رأيها بدعوى الارتياب:

– أولاً: تجاوزه المادة 340 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تتيح له استكمال عمله والتي تنصّ على أنّ تقديم الاستدعاء “لا يوقف السير في الدعوى إلا إذا قرّرت محكمة التمييز خلاف ذلك”.

– وثانياً: تجاوز قرار الغرفة السادسة في محكمة التمييز الذي صدر في 11 الجاري، الذي قضى بردّ طلب وقف السير في إجراءات التحقيق بانفجار المرفأ وإعادة الملفّ إلى المحقّق العدلي لاستكمال تحقيقاته. وهذا الطلب منفصل عن طلب نقل الدعوى الذي لم يصدر بعد. وهذا يعني بكل بساطة أنّ محكمة التمييز برئاسة القاضي جمال الحجار ردّت الكرة إلى ملعب صوّان على قاعدة “لا شيء يبرّر تعليقك التحقيق في انفجار مرفأ بيروت”. الحجّة المُعلنة… “كورونا”. مع العلم أنّ قرار “التمييز” صدر قبل إعلان الحكومة الاقفال التام بأيام، وكان يمكن للمحقّق العدلي إعطاء “إشارة” بنيّته استكمال التحقيق.

شهرٌ تماماً مرّ على “تجميد” صوّان تحقيقاته في الملفّ في وقت تَكبر كرة ثلج التساؤلات حول سبب المماطلة في تقديم الأجوبة المطلوبة وتحديد المسؤوليات حول واحدة من أكبر جرائم العصر. مع تسجيل تطوّر ملفت في شأن طلب القاضيين المستشارين في محكمة التمييز، فرنسوا الياس ورولا مسلّم، تنحّيهما “لاستشعار الحرج” بالنظر في ملف نقل الدعوى، ثم تعيين القاضية إيفون بو لحود مستشارة في محكمة التمييز الى جانب القاضي فادي العريضي.

قبل تعليق صوّان تحقيقه كان يفترض أن يستمع إلى وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، المدّعى عليه في القضية إلى جانب زعيتر وعلي حسن خليل، وأن يُشرِف على المواجهة الأولى بين مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، المدَّعَى عليه أيضاً، والرائد الموقوف في القضية جوزف الندّاف. فيما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب صراحة أنّ أبواب السراي لن تفتح مجدداً لصوّان كي يستمع إلى إفادة الرئيس، بعدما ضمّ دياب إلى لائحة المدّعَى عليهم. وقد وقفت هيئة مكتب مجلس النواب في الصفوف الأمامية بإعلان رفضها إبلاغ النائبين زعيتر وعلي حسن خليل بالمثول أمام المحقّق العدلي، وذلك ربطاً بحصانتهما النيابية.

مع العلم أن صوّان، قبل تجميد تحقيقاته، حدّد موعداً لاستجواب زعيتر وخليل بصفتهما وزيرين سابقين في 4 كانون الثاني الجاري.

ومنذ لحظة استئناف صوّان تحقيقاته، إذا قرّرت محكمة التمييز الجزائية عدم الأخذ بالارتياب المشروع، يفترض أن تُحسم معضلة الجهة المخوّلة التحقيق مع المدّعى عليهم من الفئة “أ” من سياسييين وأمنيين وقضاة، خصوصاً مع توقّع أن تصدر لائحة أخرى من المدّعى عليهم.

وتقول مصادر قضائية بارزة في هذا السياق إنّ “اقتصار الادعاءات على “الرباعي” السياسي وضابط بموقع مدير عام أمن الدولة هو “فضيحة” بحدّ ذاته. ولذلك لا بدّ أن يتوسّع البيكار وعندها سنكون أمام مشهد سياسي قضائي غير مسبوق في تاريخ لبنان. فالتحقيق الجدّي يجب أن يقود إلى استجواب سياسيين وأمنيين وقضاة من الصفّ الأول في سابقة لم يعرفها لبنان. وهنا فقط سيظهر خطّ الحمايات السياسية الذي قد يفضح جوانب من إدارة هذا التحقيق، خصوصاً إذا اقتصرت الادعاءات على عدد محدود من المشتبه بهم”.

لكن أبعد من تحديد المسؤوليات الإدارية والأمنية والعسكرية والقضائية حيال غضّ النظر عن بقاء هذه القنبلة الموقوتة لسبع سنوات في مرفأ بيروت، يفترض بالمحقّق العدلي أن يقدّم خارطة واضحة عن مسار الباخرة “روسوس Rhosus” التي أفرغت حمولتها من النيترات عام 2013 في مرفأ بيروت، والصلة المحتملة لهذه الباخرة ومن يقف خلفها مع القرار الظني الصادر عن قاضي التحقيق في الشمال سمرندا نصّار بحق متورّطين في ملف الباخرة “تريدر Trader” التي كانت تحمل مادة نيترات الأمونيوم ومواد أخرى متفجّرة وأوقفتها السلطات اليونانية عام 2016 قبل وصولها الى بيروت. وأيضاً ما كشفته قناة “الجديد” مؤخّراً في تقرير للزميل فراس الحاطوم، وتحدثت عنه “الغارديان”، عن طرح سؤال جدّي حول وجهة الباخرة “روسوس” وإذا كانت فعلاً لبنان وليس موزمبيق، وبالتالي كان مساراً مقصوداً وليس “عرضياً”، وحقيقة تورّط رجال أعمال سوريين قريبين من نظام الأسد في شحنة نيترات الأمونيوم ومسار وصولها إلى لبنان.

وتفيد مصادر مطلعة على التحقيق بأنّ “مسار شحنة نيترات الأمونيوم ومن يقف خلفها وتحديد وجهتها هو المفتاح الأساس في القضية. وهذا الأمر يصعب أن يحيط بجوانبه قاضٍ واحد بمعاونة قاضيين بالنظر إلى البعد الدولي المصاحب له والمعقّد و”المموّه” أحياناً. ولنقل إنّ الأمر يستغرق وقتاً طويلاً لجلاء هذا الجانب من التحقيق. مع الإشارة إلى أنّ نتائج التحقيق الفرنسي المفتوح على خلفية وقوع ضحايا فرنسيين في انفجار 4 آب يفترض أن تطّلع عليه السلطات اللبنانية، ويتوقع أن ينتهي بين شهري شباط وآذار”.

 ملاك عقيل – أساس ميديا