بري: محادثات ترسيم الحدود البحرية في “خواتيمها”

  • Aug 6, 2020 - 9:53 am

قبيل ساعات من وقوع الانفجار الكبير في مرفأ بيروت أول من امس، ومن خارج مساحات التشاؤم والانهيارات السياسية والاقتصادية والمعيشية في البلد في ظل حكومة مهزوزة وغير متماسكة والضربات تنهال عليها وعلى رؤوس اللبنانيين اولاً، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري ليبدل في المشهد قليلا ويضفي مسحة من التفاؤل اذ ستكون لمواقفه ارتدادات ايجابية على اكثر من صعيد بقوله لـ”النهار” ان المحادثات مع الأميركيين في ملف ترسيم الحدود البحرية مع “اسرائيل” اصبحت “في خواتيمها”. وهذا ما سيترجم على أرض الواقع بين لبنان والجهات الاميركية المعنية والمتابعة لهذا الملف مع الجانب اللبناني وستتأكد وتتبلور هذه الحصيلة في أول لقاء للطرفين. لا يزيد بري على هذه المواقف حرفاً واحداً ويكتفي بهذا القدر من معطياته في ملف حساس وخطير يمسك بزمامه ويرعى تفاصيله من الألف الى الياء من لحظة ولادته والحديث عن وجود كميات من النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية الاقليمية ولا سيما من جهة الاراضي الفلسطينية المحتلة. ولا يزال هناك تسليم عند سائر المعنيين بدءاً من الرئيس ميشال عون الى الحكومة، بالابقاء على هذا الملف في يدي رئيس المجلس وهو على تنسيق بالطبع مع الرئيسين عون وحسان دياب. وكان على الموجة نفسها ايضاً ابان وجود الرئيس سعد الحريري في السرايا.

من جهة اخرى، يعاين بري عن كثب ملف الحديث عن اجراء تعديل في مهمات “اليونيفيل” والقرار 1701 وهو يتمسك بمندرجات هذا القرار الذي كتبت حروفه في عين التينة في 2006. ويجري الحديث اليوم من باب السماح، بحسب طلب الاميركيين، باستعمال القوة الدولية طائرات “درون” ولكسب استمرار واشنطن في مساهمتها المالية السنوية للقوة الدولية. ويرد بري للمرة المئة انه يرفض اي تعديل في هذه المهمات. وفي حال حصول اي اضافة فلن تولد ولن تطبق من دون اشراك الجيش اللبناني واشرافه.

ويبقى السؤال الذي يدور ويشغل الجميع كيف سيتمكن لبنان من التوصل الى خلاصة هذا الترسيم مع “اسرائيل” والحكومة اللبنانية غير قادرة على لملمة مشكلاتها وسط الهزات التي تتعرض لها ولا سيما بعد استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي وحلول خلفه شربل وهبي في رئاسة الديبلوماسية اللبنانية المشلولة بفعل جملة من الاخطاء الداخلية اضافة الى سلسلة من الضغوط الخارجية التي تمارس عليها ومن دون تسجيل الاصلاحات المطلوبة.

ويبدو ان قصة الاستقالات لم تنته عند حدود الخارجية حيث تجمع معطيات جهات عدة داخل مكونات الحكومة عن إمكان اجراء تعديل وزاري في صفوف الحكومة والاتصالات قائمة في هذا الشأن بعيد استقالة حتي. ويتداول المعنيون ولا سيما من “التيار الوطني الحر” السعي الى اجراء تبديل في وزارتي الاقتصاد والطاقة وثمة وزيرة مطروح أسمها ايضاً. ويميل دياب ومن دون ان يفصح عن هذا الامر الى تبديل وزير التربية. ويدور حديث ايضا عن استبدال وزير السياحة والشؤون الاجتماعية على ان يتم ترتيب هذا الامر مع النائب طلال أرسلان. وتمت مفاتحة دياب بهذا التعديل ولا يمانع من حيث المبدأ وجرت اتصالات بينه وبين بري وتتم متابعتها عبر النائب علي حسن خليل، مع ملاحظة ان العونيين يبدون حماسة لهذا الاجراء اكثر من سواهم. وفي حال حصوله لن يستهدف اي من الوزراء الشيعة الأربعة. ولم يقدم بري جوابه النهائي بعد على امكان حصول هذا التعديل ولا سيما ان الحكومة تبدو “على شكل جسم متعب غير قادر على التحرك والتفاعل في اكثر من ملف.
لن تكون مهمة هذا التعديل معبدة بالورود حيث لا تخرج الحكومة من ازمة حتى تقع في أخرى. واذا تم تجاوز تعيين الوزير وهبي من دون ان يحصل على ثقة مجلس النواب فليس من السهولة تعيين أربعة وزراء جدد من دون المرور في ساحة النجمة. ولذلك لن يمر اجراء تعديل في هذا الحجم من دون التوقف عن دستورية مثل هذه الخطوة ، ولا سيما ان ثمة حالات سابقة بعد الطائف قد حصلت في حكومات سابقة كانت مع وزير واحد لا أكثر. وفي حال أجرت الحكومة هذا التعديل وتوجهت الحكومة الى البرلمان فمن يضمن حصول النصاب المطلوب، ولا سيما ان الجميع يذكر كيف ان بري استعمل كل أسلحته بعد تأليف الحكومة وطلب من كتلتي الحريري ووليد جنبلاط تأمين نصاب جلسة الثقة بالحكومة.

بعد كل هذه التساؤلات التي تشغل افرقاء الحكومة والجهات غير الممثلة فيها في طبيعة الحال . تسأل “النهار” بري لماذ تتمسك بهذه الحكومة؟ يأتي رده سريعاً بأنه في الحالات الطبيعية فان معدل تأليف الحكومة يحتاج ما لا يقل عن أربعة او خمسة أشهر. ويرفض هنا استقالة الحكومة اليوم ويعمل على مدها بالاوكسيجين المطلوب ليل نهار ليس حباً بافرادها بقدر خشيته من انفراط البلد في حال حصول هذه الاستقالة.

ويشترط بري الاتفاق على التشكيلة المنتظرة والاتفاق عليها،عندها تقدم حكومة دياب استقالتها ويتم السير بخليفتها في اليوم نفسه. ويقصد هنا انه من دون الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة فلن يسير بمغامرة الدفع باستقالة الحكومة الحالية.

وماذا عن الحريري؟

يأتي رد بري هنا من دون الاسهاب في هذه التفاصيل لكن لسان حاله يقول انه يفضل مشاركة اطراف رئيسية من وزن “تيار المستقبل” والحزب التقدمي .

رضوان عقيل – النهار